في ذلك القبو كانو يقفون جميعاً ينظرون حولهم كانت رائحة الرطوبة و الغبار يملأن المكان و كان هناك بجوار ذلك الحائط المتهالك رفوف تشبه المكتبة لكنها مليئة بالصناديق الكرتونية التي يغطيها الغبار و كأنها لم يستخدمها أحد لعشرات السنين، وضعت مرح يديها على فمها و هي تقول:
"ايه التراب ده كلو، انا عندي حساسيه صدر، التراب بيجبلي ضيق تنفس"اخرج براء من جيبه كِمامة و أعطاها إياها لترتديها، ثم أردف آسر هو ينظر حوله:
"ليه الدنيا متربة كدا فعلًا، ده شكل محدش جه جمب الأوضة دي من زمن"أردف يونس و هو يمعن النظر لتلك الصناديق:
"طب نجرب نفتح واحد؟"أيده الجميع و أتفقوا على أن يفتحوا صندوق كان على رف من الرفوف و كان اختياراً عشوائياً كما اقترحت مرح أن يختارو بطريقة (الحادي بادي)
بادر آسر بأن يفتح هو الصندوق، بعد أن فتحه لم يجده ممتلئاً كان به بعض الأوراق المتهالكة فقط أمسك بدفتر و فتحه ليجد فيه صورة قديمة مهترئة الأطراف تظهر وجهاً كان مألوفاً له أزال من عليها الغبار بيده و أمعن النظر للصورة ثم قال لسارة و هو يضحك ببلاهة :
"بصي يا سارة، انتي اهو بس بدقن و شنبات"أخذت من يده الصورة و هي تنظر له بغضب لكن سرعان ما تحول الغضب إلى تعجب حينما رأت في تلك الصورة أبيها الذي كانت تشبهه حقاً نفس الشعر الأسود و تلك العيون السوداء الحادة ذات الرموش الكثيفة كان يشبهها للغاية و لكن بملامح رجولية، لفت انتباهها أن في الوجه المخالف للصورة، كتبت بخط قديم الجملة التالية:
"إلى من يهمه الأمر: هذا هو ماضيكم، و أنا لم أكن سبباً في هذا المصير، أنصحكم بالحذر، لا تظنون أن الهرب ممكن، فأن مصيركم محتوم إذا كنت مثل الذين قبلكم و أنتم من ستختارون مصيركم أما الهلاك أو النجاة"
و أسفل صورة والدها كان مدون اسمه(ايمن رفاعي البحبوحي ) تاريخ الوفاة: (٢٠٠٣)
"دي صورة بابا، بس بصو مكتوب اسمه و جنبه تاريخ وفاته، مين الي جاب الصورة دي و كتب كدا!"
أعطتهم الصورة و قرأوا ما كان مدون عليهاصمت قاتل يصحبه نظرات مصدومة و خائفة، عقولهم لا تستطيع استيعاب ما يشاهدونه ما علاقة والدها باللعنة؟ هل كانت تلك اللحظة هي اللحظة التي بدأ فيها اللغز بشكل جدي؟ هل يمكن أن تكون هذه الورقة التي بين يديهم دليلاً على أن والدها كان جزءًا من هذا المصير الذي يطاردهم؟
تسألت سارة بصوت مكسور:
"هو اللعنة دي ليها علاقة ببابا، هو مات بسببها يعني؟"يرد آسر وهو يحاول الحفاظ على هدوئه:
"احنا لسة مش عارفين حاجة، بس باين أن كل حاجة مرتبطة ببعضها، بس ازاي هنختار الهلاك أو النجاة انا مش فاهم الموضوع كبر كدا ازاي"تابع براء و هو يفكر في مصيره و في تلك اللعنة التي تهدد حياتهم:
"ممكن تكون الصورة دي و الكلام ده الدليل الي عايزينو عشان نفهم اللعنة بشكل أوضح"

أنت تقرأ
خطوط متلاقية
Poesiaإن حياتنا ما هي إلا خط بعض الأحيان يكون مستقيم و بعض الأحيان يكون متعرج، يتلاقى مع من نحبهم و نألفهم، أو ربما هناك سبب آخر لكي يتلاقى مع خطوط آخرى، و قد شاء القدر أن تتلاقى خطوطهم بعد أن فرقتها السنين، بل و أيضاً سيخوضون مغامرة مصيرية معاً فهل سيستط...