💞 نور 💞
الحلقة الاولى
في قرية جبلية بعيدة، حيث عذراء الطبيعة، كانت البيوت المبنية من الحجر هي ما يميز تلك القرية، إضافة إلى بعض اللمسات الحديثة ما أضفى عليها جمالاً إلى جمالها، وكان بيت الحاج كريم واحد من تلك البيوت الذي بني على تلة خضراء فكان له لمسة ساحرة تميزه عن بقية البيوت ، كانت حينها الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل، وكلما اقتربتَ من التلة كلما ارتفعت أصوات الأهازيج والتصفيق والزغاريد، ما يؤكد انّ هناك حفل زفاف قائم، خاصة وأنّ المصابيح الملونة والزينة قد كست البيت من أعلاه لأدناه.تدخل إلى البيت تشاهد أن هناك حديقة خارجية اجتمع فيها رجال العائلة بينما في الداخل كان النساء يجتمعنّ حول المُنشدة التي كانت تصدح بالأهازيج الشعبية بينما رحنّ يتفاعلنّ معها بالتصفيق والتمايل والترديد,في الطرف الآخر من القرية كان هناك بيت الحاج موسى، إلا انّه كان على النقيض، فكان مظلماً، معتم، ساكن وكأنه بيت أشباح، لا حراك، ولا صوت، ولا ضوء، ولو جلتَ في كلّ زواياه، لن تسمع إلا صوت سكون الليل، ونور خفيف ينبثق من إحدى الغرف في الطابق العلوي، وحيث كان باب الغرفة مفتوحاً قليلاً سترى شاباً يجلس جلسة الحزين، وقد أوقد شمعة ويكرر عبارة واحدة بصوت حزين متقطع وهو في اتجاه القبلة " ربّ مسني الضر وأنت أرحم الراحمين" أمّا لو عدتَّ إلى منزل الحاج كريم، لوجدتّ أنّ حفل الزفاف يوشك على الإنتهاء، و كان العروسان يجلسان في الكوشه، نور التي كانت كالقمر في ليلة اكتماله ،والعريس جابر إبن عمها اسماعيل الذي تربى معها بحكم القرابة والعلاقة الوثيقة بين العائلتين، وهو ذلك الشاب القوي، الذكي، الوسيم. وقد جرى العرف في البلدة ان يخصص بيت العروس غرفة خاصة للعرسان في ليلة الزفاف يقضيان فيها أسبوعاً كاملاً ثم ينتقلان لبيت الزوجية، ولذا فقد تمت زفتهما الأخيرة إلى غرفتهما الخاصة " فرشة العرسان" بالرقص والغناء والزغاريد,,,,في بيت الحاج موسى، كانت أم علي تحمل فانوساً وتصعد سلالم المنزل، بخطواتٍ ثقيلة،حنى تصل إلى غرفة ولدها، تفتح باب الغرفة : علي.. علي هل أنت بخير بنيّ؟ يرفع علي رأسه : نعم أمي أنا بخير
أتمنى ذلك يا ولدي، جئت كي أطمئنّ عليك، خاصة وأنّ الكهرباء مقطوعة وخفت أن تنام والشمعة مشتعلة، قم يا ولدي جدد وضوئك فكلها دقائق ويؤذن الفجر
حسناً أمي، لا تبالي أنا مستيقظ
في هذه اللحظات وعلى الطرف الآخر من القرية، تسمع صراخاً وعويلاً ينبعث من بيت الحاج كريم، فمن يصدق أنه منذ قليل كان المكان يضج بالأهازيج والتصفيق، في حين يرتفع صوت أذان الفجر ممزوجاً بصوت الصراخ والعويل
في بيت الحاج موسى يكون علي قد غفى وهو يجلس القرفصاء، وفجأة يستيقظ مذعوراً على صوت النافذة الخشبية وهي تندفع مفتوحة للداخل وكأنّ رياحاً قوية قد فتحتها، يشعر عليّ أنّ روحه تستلّ من بدنه، وإذا به يسمع صوت الأذان يصدح معلناً عن وقت صلاة الفجربينما تعلو صرخات في بيت الحاج كريم: ماتت ماتت لقد ماتت
نووور ماتت
يتببع ...