💞نور 💞
الحلقة 15نور: تناولنا وجبة العشاء سوياً، وما لفتني الأدب الجمّ الذي يتمتع به عليّ، فهو يتحدث بطلاقة، وبروح مرحة، وبعفوية، ولكن نظراته لي نظرات عابرة دون تمحيص، أو تركيز، أحاديثه شيقة ومفيدة، طرح في جلستنا مع ماما آمنة العديد من المعلومات التي أسمعها لأول مرة، خاصة حينما اقترحت ماما آمنة أن تشغل الكاسيت لأغانٍ قديمة في وقت السهرة، حينها اعتذر منها علي بأدب وقال: ولكنني يا أمي لا أستمع إلى الأغاني، فهل من الممكن أن تستغني عن ذلك؟ فتعجبت الخالة: ولم يا بني؟ ما المشكلة؟ إنها أغانٍ قديمة وجميلة وتحمل معان حلوة. فابتسم علي وقال: ولكنها تبقى أغاني، فقاطعته قائلة: وهل هناك أي مشكلة من سماع الأغاني؟ في هذه الأثناء استأذنت ماما آمنة، ودخلت إلى غرفتها الصغيرة والوحيدة لتنام، وأكملنا نحن حوارنا، فقال عليّ :بالتأكيد، فسماع الأغاني من الكبائر. فتسائلت متعجبة: من الكبائر؟ ماذا تقصد؟ فقال: أي أنها من الذنوب الكبيرة، يعني من المحرمات، فسألته بخوف: أي أنّ من يسمع الأغاني سيذهب إلى النار؟ فقال لي بشكل لطيف: ولم هذه النظرة التشاؤمية؟ "ابتسم، وأكمل حديثه" نعم من يصرّ على الذنب الكبير يعاقب، ولكن بإمكان من يسمع الأغاني أن يقرر التوبة، ويندم على ما فعل ويعود أبيضاً كما ولدته أمه، فالله رحيم ويحب عباده ويفتح لهم أبواب التوبة، وينتظر منهم فقط أن يتقدموا نحوه، - سكت قليلاً وواصل- نور هل تسمعين الأغاني بكثرة؟ فأجبته بسرعة وبارتباك: لا لا صدقني، أساساً لا أميل كثيراً لسماعها، ولكن -انزلت رأسي خجلاً وأكملت - أحياناً أسمع، وبصراحة، خطيبي يأخذني كثيراً لمقاهي فيها لهو وغناء، ولكنني لم أكن أعلم بحرمتها، صدقني" رفعت رأسي لأرى ردة فعله حيال ما قلت فوجدته واجماً مصفراً، فسألته: ما بك؟ هل أنت بخير؟ فرفع رأسه حزيناً: نعم بخير، لا عليكِ، إذاً أنتِ مخطوبة؟ فقلت: نعم، من إبن عمي جابر، فقال وهو مرتبك: نعم نعم، هنيئاً له، أقصد مبارك زواجكما، فقلت له: قلت لك خطيبي وليس زوجي، فردّ عليّ: ولكن بما ان قرانكما قد عقد فأنتِ زوجته، فقلت: لا في عرف قريتي، الخطوبة محبس فقط، والعقد لم يتم بعد، فاعتدل في جلسته وقال: ولكنني فهمت أنكِ تخرجين معه؟ فقلت نعم، وبشكل مستمر تقريباً، فقال: وهل يلمسكِ؟ فشعرت بالخجل، وشعرت بحرارة تسري في جسدي، وأجبته: في الحقيقة هو في كل مرة يلمس يدي، وأنا أسحبها، فاشتاط غضباً وقال: ولكن ذلك حرام يا نور، فلا يجوز أن يلمسكِ لأنه في حكم الأجنبي، ولا يحلّ له ذلك إلا بعد عقد قرانكما. أخذ نفساً وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، أنا أعتذر فقد ارتفع صوتي، ولكن أردت أن أوضح لكِ ذلك.
نور : حينها شعرتُ بمرارة في حلقي، واختنقت بعبرتي، ومن ثم بكيت، ما تسبب في احتقان الجو، ثم قطع عليّ الصمت وقال: أنا آسف، يبدو انني تجاوزت حدودي، فقلت له وأنا أبكي: لم الأسف، أنا من عليها أن تتأسف على حالها، فقد شعرتُ انني أعيش في جاهلية، لا أعرف عن ديني أيّ شيء، أشعر بإحباط، ولا أخفيكِ سراً، حتى خطيبي، وعيت على الدنيا وأنا أسمع أنّ نور لجابر، وجابر لنور، لم أُمنح فرصة الإختيار، أو حتى التفكير فيه. فسألني: ألا تحبينه؟هذا السؤال نزل عليّ كالصاعقة، تسائلت بيني وبين نفسي: أحبه؟ بالفعل هذا السؤال لم أسأله لنفسي قط، فهل أنا أحب جابر؟