الحلقة التاسعة

1.1K 30 0
                                    

💞نور 💞
الحلقه التاسعة

نور 9

نور:

ظلت أمي تلحّ في السؤال ، فهدأت وجلستْ وجلستْ إلى جانبي، فأخبرتها بما حدث بيني وبين جابر، وبالتساؤلات التي راودتني، فابتسمت بهدوء وحاولت أن تطمئنني، بأنّ الإختلاف طبيعي جداً، وأنّ جابر من شدة حبه لي خرج غضباناً لأنه كان يأمل مرافقتي له، حاولت أن أقتنع بكلام ماما، ولكنّ ثمة شعور داخلي يقول شيئاً آخر.

عدتُ إلى غرفتي وأنا شديدة الإحباط، إلا أنني ورغم ذلك أخذت نفساً عميقاً واستأنفت دراستي حتى وقت متأخر جداً، ومن ثم خلدتُ إلى النوم.
في صباح الخميس استيقظت بتثاقل وليس على عادتي، فقد شعرتُ أنني لستُ بخير، وقد استيقظت متأخرة جداً، وقد كان الطقس شديد البرودة، والثلج لم يتوقف عن التساقط طوال الليل، فأسرعت في لبس ملابسي، وتوضأت وصليت قضاء كالعادة، ومن ثم ركضت على السلالم إلى الباب الخارجي وأنا أصرخ ماما بابا لا تنسياني من الدعاء فركضت أمي خلفي متعجبة، فأخبرتها أني متأخرة وعليّ أن أسرع، أسرعت لتقبلني فشهقت: نور، أنتِ مريضة، حرارتكِ مرتفعة بنيتي" فطمئنتها أنني سأكون بخير، وأخذت معي مسكنات وأنه لا يمكنني التغيب، حاولت أن تثنيني عن الذهاب، خاصة أن الطقس سيء جداً، ولكنني أقنعتها بضرورة الحضور فمن الصعب جداً إقناع الجامعة بإعادة الإمتحان إن فاتني، المهم أني قبلتها وسلمت على والدي من بعيد ومضيت.

وصلتُ متأخرة قرابة الربع ساعة عن الموعد، وكان العم سم سم يهمّ بالإنصراف، فلوحتُ له من بعيد بأن يتوقف وقد كنت أهرول، والحمد لله أنه قد لمحني وتوقف، ركبت الحافلة وأنا ألهث، حتى انّ العم رقّ لحالي وقدّم لي قنينة ماء، فتناولتها منه وشربت الدواء، فلمحني من مرآته وسألني: بنيتي يبدو أنكِ لستِ بخير؟ فأجبته وأنا ما زلت ألهث: نعم عمي فيبدو انني مريضة، ولكنني من الصعب أن أتغيب" فقال: أتمنى لكِ التوفيق، ولكنني أعتذر منكِ بأنني سأضطر للسير ببطء بسبب سوء الأحوال الجوية، فقلت له : لا بأس عمي فامتحاني في الفترة الثانية، خذ وقتك ، المهم أن نصل بسلام" فتحت كتابي وبدأت أراجع دروسي استعداداً للإمتحان، وبعد مضي قرابة النصف ساعة، بدأ الطقس يسوء أكثر فأكثر، وبدأت الرؤية تنعدم، فانقبض قلبي، فلم نواجه قبلاً قط طقساً بهذا السوء في طريقنا للجامعة، والطريق وعر، وجبلي، فأصابني الخوف، فسألت العم سم سم: عمي، أليس الوضع خطيراً؟، فأجابني بنبرة المطمئن، وبحروفه المقلوبة: قل لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا، كرري قراءة آية الكرسي خمس مرات للحفظ"
فبدأت بتكرارها، وهو أيضاً كان يقرؤها، والرؤية تكاد تكون منعدمة، فقال لي العم سم سم: اسمعي يا بنيتي، أعتقد أنه علينا التوقف، فأكاد أن لا أرى الطريق، فقد تفاجئت بعاصفة ثلجية لم تكن في الحسبان" وما كاد أن ينهي عبارته، حتى وجدت نفسي أتقلب يمنة ويسرة، ولا أعلم بما حدث وآخر ما أتذكره أنني شعرت بارتطام شديد في رأسي وفقدتُّ الوعي.

فتحت عيناي ولا أدري كم مضى من الوقت، وإذا بي وسط بياضٍ لا حدود له، وألم شديد في رجلي، والشيء الوحيد الذي كسر البياض، هي تلك الدماء التي اختلطت بلون الثلج، واكتشفت أنها تسيل من رأسي، شعرتُ بدوار ، وبغثيان، وخوف شديد، لأنني لم أجد أحد إلى جانبي، نظرتُ إلى السماء ونطقت الشهادتين وأغمضت عينيّ.
يتبع

نورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن