الحلقة السابعة

1.3K 33 0
                                    

💞نور 💞
الحلقة السابعة

نور: كان يوماً بارداً شديد البرودة، لم أترك شيئاً في خزانة الملابس إلا ولبسته كي أشعر بالدفء، وأمي تعوذني في أثناء خروجي من المنزل، وأبي يوصيني بأن أشرب من الحليب الدافيء الذي أعطتني إياه أمي في حافظة خاصة تحتفظ بالحرارة طول الدرب، خرجت من المنزل وإذا بي أرى قريتي وقد فُرشت برداء أبيض يغطي كلّ جنباتها، شعرت بها عروساً جميلة ارتدت ثوب زفافها فغطت من خجلها حتى وجهها، ابتسمت وكأنني أحاور قريتي التي أكنّ لها كل الحبّ والولاء، وأسرعت الخطى نحو حافلة العم عزيز، إلا أنني فوجئت بريحانة وسمر وحتى نهى يقفنّ جميعهنّ في انتظار الحافلة، أمرٌ غريب فالعم عزيز لا يتأخر أبداً أتمنى أن يكون بخير، هكذا تمتمت ريحانة، وما هي إلا دقائق حتى وصلت الحافلة، فهرعنّ الفتيات وأنا معهن إلى داخلها طلباً للدفء وفرحاً بوصول العم عزيز، " ولكن العم عزيز يبدو مختلفاً اليوم" هكذا قالت سمر، فبدأنّ الواحدة تلو الأخرى نصبح عليه: صباح الخير عم عزيز، كيف حالك، لقد تاخرت، هل انت على ما يرام؟" فجائنا صوت مختلف تماماً، استدار رجل شكله غريب، يلبس نظارات سميكة جداً تكاد عينيه تختفي وراءهما ما عدا نقطتين سوداوتين، هما بؤبؤتاه، وشارب سميك، وكوفية شتوية، ولفافة تغطي نصف وجهه، وطريقة كلامه الغريبة، فالسين كانت ثيناً، والهاء حاءً، والزاي ذال، وبصراحة كان يبدو مضحكاً، ولكنني تمالكت نفسي احتراماً له، إلا أنّ نهى لم تسكت فقالت بصوتٍ عال: من هذا الأبله الذي يسوق الحافلة، وأين العم عزيز، لاااا يبدو أننا اليوم لن نصل إلى الجامعة بسلام، مع هذا الطقس وهذا النحس" فانفجرت الفتيات ضحكاً، فسألته أنا بأدب: عمي لو سمحت، أين العم عزيز هل هو بخير؟ " فقال وكأنه يتحدث من أنفه: لا تخافوا يا بناتي فالعم عذيذ مثاب بحمى، وأنا ثأكون بدله خلال هذا الأثبوع" هنا بالذات وبعد هذه اللحظة لم أستطع إلا أن أنفجر ضحكاً، عذيذ، واثبوع، ومثاب، " هل تقصد مصاب بحمى" قالت ريحانة متعمدة، فقال: نعم إبنتي، مثكين مثاب بحمى" فعم الضحك الحافلة والعم الجديد في ثبحانيته، ههه أقصد في سبحانيته"
ما اسمك أيها العم الظريف؟ قالت سمر، فقال: اثمي ثامي، وكانت أمي تدللني حينما كنت ثغيراً فثمتني (( ثم ثم )) صرخت نهى من شدة الضحك: آآه بطني، لحظة عمي، يعني نناديك عم ( ثم ثم ) يعني سم سم ؟؟ لااا لا أستطيع سأموت من الضحك.

تحولت الحافلة ذلك اليوم إلى هستيريا من الضحك، حتى أننا شعرنا بالدفء من كثرة ما ضحكنا من خفة دم سائق الحافلة الجديد، الذي لم نشعر معه بطول المسافة، ولم تفتح أي واحدة منا أي كتاب، رغم انّه كان اليوم الأول للإمتحانات النهائية، بل قضينا المسافة في افتعال أي حديث أو حوار مع العم ثم ثم ، فقط لنسمع نغمات حروفه الجديدة وكلماته الجميلة، وهكذا وصلنا الجامعة ونحن في حالة من الإيجابية التي لا تتصورونها، والغريب أنّ حتى نهى لم تفتعل أي مشكلة مع بقية الأخوات بسبب إنشغالها طول الوقت مع العم الجديد، كما أنها لم تنم ولم ترسل رسائل نصية عبر الهاتف كما كلّ يوم.

يتبع

نورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن