💞 نور 💞
الحلقة 13
#نور: استيقظت بعد قرابة الثلاث ساعات، وكانت صحتي أفضل بكثير، فتحت عينيّ وإذا بعلي في إحدى جوانب الكوخ يصلي، شدتني طريقة حضوره في الصلاة، وخاصة حين انتهى من صلاته، رأيته يجلس عى مصلاه طويلاً، ويرفع يديه مخاطباً الله في حالة إنكسار، انتهى وجاء ليطمئنّ علي: تقبل الله أعمالكم، فقال منا ومنكم، كيف حالكِ، هل تشعرين بتحسن؟ فأجبته بالإيجاب، فسألني :هل ترغبين بالصلاة؟ فقلت:نعم ولكن، كيف أصلي وأنا دون وضوء؟ فابتسم، وقال:سأجلب لك ماء توضئي، وامسحي على الجبيرة، وصلي على سريركِ من جلوس. فشكرته وفعلت كما علمني. بينما جلس عليّ في زاوية الغرفة وأعطاني ظهره لآخذ راحتي. في هذه الأثناء جاءت صاحبة الكوخ الطيبة وقد انتهت من أداء صلاة المغرب وجلست إلى جانبي ومسحت على رأسي، فقلت لها: خالة أنتِ طيبة جداً، اعذرينا لأننا اقتحمنا حياتكِ دون استئذان" حينها اقترب علي وجاء بالكرسي الخشبي الوحيد في الكوخ وجلس بالقرب منا، قائلا بابتسام: بالفعل أضم صوتي لصوت نور، نحن خجلان جداً من كرمكِ معنا.فما كان من السيدة إلا أن تبتسم ومن ثم تبكي بهدوء:على العكس يا أبنائي، لقد أضفتما إلى حياتي الكثير خلال تلك الساعات، فأنا ومنذ أن توفي زوجي، وهجرني أولادي أعيش وحدة قاتلة، لم يهمني الفقر، ولا العوز، ولكن ما يؤلمني أنّ الله رزقني أربعة أولاد لا أجد واحداً منهم اليوم، وأنا في أمسّ الحاجة إليهم، فالوحدة قاتلة يا أبنائي"
تأثرتُ كثيراً لكلامها، وتعحبت من هذه الدنيا التي يتخلى فيها الأولاد عن أمهاتهن اللاتي تعبن في حملهم وتربيتهم، وأيّ حياة تلك التي يعيشونها وجنتهم غير راضية عنهم، فقال عليّ : أمي هل من الممكن أن أناديكِ أمي" فأجهشت السيدة بالبكاء، وقالت: آآآآه كم اشتقت لسماع هذه الكلمة" فمسكت يدها وقبلتها وأنا أبكي وقلت لها وصوتي يتقطع من البكاء: لا تبكي أيتها الأم الحنونة، اعتبرينا كأولالدكِ" هنا وفجأة قرر عليّ أن يضفي جواً من المرح حتى يسعد السيدة ( آمنة) هذا هو اسمها كما عرفنا لاحقاً، فتقمص من جديد شخصية العم ثم ثم، وحكى للسيدة قصتنا معه، فانفجرت السيدة آمنة بالضحك، ومن ثم رافقها لمطبخها الصغير في إحدى زوايا الكوخ وجهزا عشاءً بسيطاً بما هو متوفر في الكوخ، وبينما هما منشغلين كانت كلّ أحاسيسي مشدودة لهذا الشاب الذي لم أقابل مثل شخصيته في حياتي، صحيح أنني لا أعرفه، وكلّ ما بيننا هو يوم ونصف، ولكن صدقوني لا أعتقد أنكم لو قابلتم هذا الإنسان أن لا ترتاحوا إليه، تشعرون انكم تتعاملون مع روح طاهرة وشفافة
#نور: فجأة وأنا أنظر إليه وأفكر فيه وسارحة في خيالاتي، وإذا به يلتفت إلي، فتوقف عن الحركة والكلام مع الخالة آمنة، وكأنّ الزمن توقف للحظة، فشعرت بارتباك، وسألته: عليّ هل أخبرت أهلنا بما حدث، فاقترب مسرعاً: آه نسيت لقد نسيت أن أخبرك، فأخبرني بما حدث مع الطبيب، وأتصاله بأهله، ومن ثم قال فلنجرب الإتصال من هاتف ماما آمنة، فقلت: فكرة، وأعطيته الرقم، فحاول أن يتصل مراراً دون فائدة، فأصابني الحزن، وتأثرت كثيراً خوفاً على والدي، وقلقهما، فاقترب مني وقال: نور، تأكدي بأنّ ما يحدث لنا هو مشيئة إلهية، نُمتحن من خلالها، هو إبتلاء يقيس الله خلاله صبرنا، وفي ذات الوقت يغفر الله ذنوبنا، وبالذات أنتِ، إعلمي أنّ الله يقترب منك كثيراً، هو ينظر إليكِ، فلا تحزني، هيا ابتسمي
يتبع