ذلك الجسد ضاقت منه روحي....

49.3K 1.7K 47
                                    

بعد تلك الليلة...
كرهت كل شيء في هذا العالم...
نظرت الى يديّ وجسدي...
نظرتُ مطولاً....
مجردةً من المشاعر والاحساس...
لا أشعر بأي شي....
وكأنني أحلم اواتخيل...
تمنيت ذلك...
ولكن ما إن لامست ذكرى تلك الليلة خلاياي....
جننت... فقدت عقلي وتفكيري...
امسكت بشعري بقوة....
بدأت اصرخ.. ابكي... ألكم نفسي....
جرحت يداي بأظفاري.....
ركضت لتلك المرآة....
دنوت إليها....
كلما اقترب اجد نفسي كريهة.. مقززة... بتلك الملامح....
خصلات كسنابل القمح الذهبية....
ومقلتان كالسماء الصافية....
ولكن لم اعد نقية من الداخل....
انا مجرد حثالة....
انا مجرد قمامة.....
لمحت شيئاً يلمع....
اقتربت لأجده المقص....
امسكت بيداي....
وبدأت امزق تلك الخصلات التي تعدت ظهري....
انهيت... افرغت كل غضبي به....
رميته بعيداً...
نظرت للمرآة مجدداً...
خصلات قصيرة لم تتعد كتفاي مشوهة...
غير منظمة....
أبتسمت بشيطانية....
ضحكت بقوة.... هزت ارجاء القصر.....
هبت رياح خفيفة ودخلت الى غرفتي....
إلتفت الى تلك النافذة.....
ذهبت إليها....
انزلت رأسي... لارى انها مرتفعة...
نقشت ابتسامة غريبة على وجهي....
لم أعلم حتى معناها....
اوقفني صوت الباب يفتح على مصراعيه....
دخل وحبات العرق تتدلى من على جبينه....
قال بصراخ: كــارمن... ماذا تفعلين؟!!
عندما رأتهُ مقلتاي صرخت اجل صرخت دموعاً....
وحتى روحي كادت ان تتفجر....
فؤادي ينبض كالاعصار...
ابتسمت بسخرية وقلت له: وماذا تراني افعل... اريد انهاء حياتي... اريد ان تخرج روحي من هذا الجسد...
ذلك الجسد ضاقت منه روحي....
انا مشمئزة منه ومنك ايضاً....
انت لا تعلم معنى الانسانية!
انت لست ببشراً حتى!!
هل لديك قلبٌ ينبض....
لا أعلم ولكن تلك الكلمات اعتقد انها اصابت وتراً حساساً لديه....
انزل رأسه وطغى الظلام عليه....
قال بهدوء وحزن تملكا كلماته: وهل تعتقدين اني احب تلك الشيطانية التي بداخلي!!
هل تعتقدين انني اعشق جزء الشيطان الذي بي!!
صرخ بقوة: أنتِ مخطئة... أنتِ فقط لا تعلمين ماذا يدور بنفسي... ماذا اتمنى كل ليلة!! ماذا فعلت في كل صباح!! انتِ فقط لا ترين سوى نفسك!!
تلك الاحرف لامست قلبي الجريح!
ولكن عقلي اخرس كل حواسي واطلق امراً لثغري بالتكلم: انتَ لا تحبني!! انت تكرهني بشدة! أعلم ماذا يوجد بين نبضاتك! نعم يوجد ظلام شديد... وقذارات العالم كلها تحتويه....
قال بغصة: وكيف أثبت لك اني احبكِ؟!
لا أعلم بماذا كنت افكر...
ولكن نطق ثغري: اقفز من هنا!!!
وقف هو متجمداً...
لا يعلم ماذا يفعل!!
ولكن تحرك جسده...
اتسعت عيناي ؟!
هل يقفز فعلاً!!
استعد... إلتفت إلي ليصبح وجهي مقابلاً لوجهه....
ابتسم بكل جاذبية وقال بعطافية: أحبكِ...كارمن....
وسقط امامي....
امسكت بيده بدون شعور....
انزلقت دموعي بسرعة....
قلت بألم: هل انت مجنون!!
قال : أجل... ولكن بكِ....
ذلك القلب الاحمق..
نبض لمجرد كلمات....
ولكن لحظة اشعر ان جسدي نصفه خارج النافذة...
وفجاءة سقطتنا معاً....
اغمضت مقلتاي واستسلمت وانا متشبثة به....
هبطنا على الارض...
نهضت بسرعة عنه...
لم يتحرك هو!!
نظرت له.. هززته... ولكنه لم يحرك شيئاً منه....
لم يصرخ بي! لم يوبخني! لم يقل اي شي!
ذهول استحلني بكاملي....
امسكته من يديه واصبحت اهزه بقوة...
قلت له: مايك... استيقظ... مايك.... مــــايــــك...
صرخت بأسمه لأجعل كل من بالقصر يأتي إلينا...

.....الراوية....
فكرة الهروب لم تطرق باب عقلها...
يبدو ان مايك اصبح يشكل جزءاً من قلبها او لنقل من حياتها!
رغم انه جرحها وابكاها وقتل عائلتها...
ولكن القلب وما يهوى!
هل ستستمر بحبه حتى بعد ان تعلم قصته المأساوية!
ام ان الشفقة ستستحل كيانها!!
ولكنها لا تعلم ماذا سيخبئ لها المستقبل!

ملاك بين يدي شيطانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن