أأنت بخير؟!

41.7K 1.7K 21
                                    

.....مايك....
استيقظت في تمام الساعة الواحدة ليلاً....
نظرت في الغرفة...
شعرت وكأنني فاقد للوعي....
اردت التحرك ولكن احسست بيد فوق يدي....
نظرت لأراها....
نائمة على الكرسي وتمسك بيدي.....
مغمضةً عيناها....
خصلات شعرها الحريرية الشقراء....
انها كدمية اجنبية....
تأملت النظر إليها....
ملامحها... تفاصيلها....
امتدت يدي الاخرى....
ولكن توقفت... عادت تلك المشاهد إلي....
إذائي لاختي ولها....
نهضت بهدوء...
وصلت لتلك النافذة....
نظرت للقمر...
وحيد بين الظلام...
كحالي تمام...
فأنا مجرد وحش بجسد انسان....
شيطان بهيئة بشر...
لعنت ابي... ولعنت قلب أمي لحبها له...
اقسم انها كانت تتعذب لمشاهدتي...
انا كنت لعنة بالنسبة لها....
نعم.... اتذكر تلك الليلة بحذافيرها....
امسكتني امي من معصمي....
قالت بصوت ملئه الغضب: مايك... تعال الى الخارج!!
ومن ان خرجنا حتى انسحبت السحب الغاضبة... وبرقت مقلتاها بالحزن....
زمت على شفتيها....
قالت وقد اشاحت بنظرها عني: ارحل..
اتسعت بؤرة عيني....
نبض قلبي...
قلت بسخرية: أمي... ماذا اتقولين!! أتمزحين معي!!
صرخت بقوة: أرحل... ألم أقل لكَ ان ترحل... انت لست سوى لعنة حلت علي من ذلك الوغد.... ليتني لم ألدك... ليتني سقطت عندما ضربني والدك.... ولكن الذنب ليس ذنبك وانما ذنب قلبي المغفل... اذهب بعيداً... لا اريد ان ارى ملامح ذلك الشيطان بك....
دارت بظهرها....وهمت بالدخول....
هرعت إليها.. عانقتها من الخلف...
قلت باكياً راجياً: امي.. ماذا بحق الجحيم تقولين!! أين سأعيش من دون رأئحتك! أين سأنام وانتِ لستِ بجانبي!! كيف لا أستيطيع ان لا أسمع صوتك الحنون! ألم تقولي انك تحبينني! ألم تقولي ان عينلي أجمل ما في الوجود!..
صامتة.. لا تتكلم... بل حاولت الافلات من بين اغلال يديّ..... ابعدتني بقوة..... لأعانق الارض بقسوة...
شعرت لوهلة انها ستهب لمساعدتي... ولكنها نظرت لي ... لمحت دمعة كاد ان تقع...
ولكنها ركضت الى الداخل وهي تقول: اغرب عن وجهي.. لست امك بعد اليوم....
ظللت جالساً على الارض والذهول قد حطمني...
لماذا نطقت بتلك الكلمات!!
ألم تعلم انها قاتلة تلك الاحرف!!
امسكت حقائق ذكرياتي وألآلآمي وأيامي ورحلت وتجر ورائي أذيال انكساري...
دموعي سقطت.. هبطت... ولكن لا يوجد من مسحها لي.... اقسم ان قلبي سمع شهقاتها المكتومة...
ولكنها لماذا تفعل بي هذا!!
ألا تعلم انها فؤادي ونبضاته!!
ألا تعلم انها كل حياتي!!
ولكنها دمرتني ببعض من الاحرف التي اختارتها....
وكأن تلك الكلمات كنصل سكين قطعت روحي بقسوة.....
ابتعدت عن تلك القرية....
وصلت لقرية اخرى....
ولكني كنت مشرد بين الازقة...
فاقد الامل.... مجرد الاحساس والروح....
ثياب بالية... وشعر مبعثر غير منظم.....
والهالات السوداء تغطي اسفل عيناي....
جلست في احد الايام على قارعة الطريق في قرية مررت بها....
مطأطأ رأسي.... وقبعتي بجانبي....
تفاجئت بلمسة حنونة....
بدي طفلة لا تتجاوز الثالثة عشر من العمر....
ناعمة.. مليئة بالدفء....
رفعتُ رأسي لاراها....
اعتقدت لوهلة انها ملاك سقط من السماء إلي....
ولكن عندما شاهدت والداها برفقتها اتضح لي انها بشرية...
البراءة تربعت على وجهها.....
قبلت جبهتي بحنان....
وقالت بلطف جميل: أأنت بخير! انهض.... انت لست عاطلاً ولا فاشل... الجميع سيقطون ولكن القوي من ينهض ويعيد بناء نفسه بأستمرار.... تلك كلمات اخذتها من المعلمة.... وضعت في القبعة بعض النقود ورحلت....
اردت امساكها... عناقها.. عدم افلاتها...
ولكن دهشتي بها وبكلامها جمدتني....
ادخلت التفاؤل إلي....
ابتسكت بخفة.... ونهضت وحملت احلامي التي تراكم الغبار عليها....
نهضت لاول مرة بعد مرور شهور....
خرجت من الظلام الى النور....
تلك كانت ملاكي اللطيفة...ومازالت للان تحتل قلبي وعروقه ونبضه... للان مازال فؤادي يلفظ اسمها من بين دقاته المتسارعة....
وللان مازلت ارى الامل من بين عينيها.....
ولكني تفاجئت عندما اصبحت بؤرتاها باهتتين....
علمت بعد مرور خمس سنين.. ان والديها ماتا.... والان صديق والدها يربيها..... عندما شاهدتها... ابتسامتها المزيفة... مرحها الباهة.... لم ارى نوراً بها
.. انها فقط قطعة من الجمال.... لم تعد تعطي الامل... لم تعد تضيء بالفرح.... لقد فقدت لونها...
واصبحت كرسمة عتيقة الالوان... مر دهر عليها....
ولكني سأعيدها... سأعيد إليها أملها... سأحقق احلامها وامنياتها... وحتى وان كانت القتل.....

ملاك بين يدي شيطانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن