فصل1: لا أقرأ المستقبل!.

2.4K 147 249
                                    

رائحة كل ماهو من صنع الإنسان تفوح منها، كل ما تم صنعه في المختبرات والمعامل اصبح يتخلل جسدها بالكامل.

تشعر برجفة في جميع أنحاء جسدها كالرجفة التي تشعر بها عندما تكون جائعا، لكنها، جائعة لكل شيء في العالم. هي جائعة لأن تشعر بالحياة مجدداً فهي داخل هذه الغرفة كأنها مستنسخ ينتظر ان يتم افراجه من المختبر ليحاكي حياة البشر.

تنتظر ما ليس محدد موعد حدوثه. وتكذب، تخدع نفسها بأنها بخير وهي تعلم انها ليست كذلك.

تريد الهروب مما هي عليه، لكنها تعلم أنها لو سارت خطوتين فقط بعيداً عن محلولها ستقع على الأرض ميتة.

تكبلها فالسرير، هو ملاذها الأخير.

شعرت بشيء بارد يتحرك في عروقها ليغير حرارة جسدها بشيء من الصقيع، نعم هاقد بدأنا مجدداً؛ فكرت مرجعة رأسها للخلف ليتلامس مع حافة سريرها الأبيض الذي يستقر جسدها النحيل الشاحب فوقه.

لا يوجد فرق كبير بين لون بشرتها ولون غطاء السرير الذي تجلس عليه ربما بسبب تسلط ضوء الشمس عليها او بسبب شحوبها التام؟.

هي متأكدة من أن اوصالها اصبحت خالية من الدماء بشكل تام، كل ما قد تجده في عروقها هو السائل الشفاف الذي تحقن به يومياً او ذلك السائل غريب اللون الذي تحقن به أسبوعياً.

ذلك السائل السيء الذي يجعلها تغط بالنوم وتشعر بتهشم عظامها حالما تستيقظ وكأن شخصاً ما وضع فوقها صخرة ثم ازاحها.

سمحت للهواء في جوفها بالخروج لتشعر بالصداع بدأ يطرق مقدمة رأسها. لقد بدأ الجحيم اليومي الآن.

كلما حاولت رفض ابرة الحقن كان وجهه المشوش يأتي امامها فتتراجع وتستسلم. كل ما تفعله، لأجله فقط.

----

بحركة دائرية تنقل اصبعه النحيل فوق فوهة الكأس الذي اصبح ممتلأ للنصف. ادخل اصبعه في الكأس ليحرك قطع الثلج ويستمتع بصوت ارتطام الثلج بجدار الكأس.

تلك السينفونية العذبة تتخلل اذنه منذ الصباح وكأنه يتناوب على تكرار نفس الافعال. فتارة، يمرر اصبعه فوق الكأس. وتارة اخرى، يحرك مكعبات الثلج في الداخل حتى أصبح أمر روتيني يفعله وهو منشغل بالنظر من خلال النافذة واضعاً قدماه فوق الطاولة الصغيرة الفوضوية مدليا شعره البني للخلف مسندا رأسه على الكرسي.

شعر بتخدر في اصبعه بسبب برودة الثلج لكنه لم يخرجه، بل ادخله اكثر في الكأس ليشعر بالبرودة بشكل مضاعف. انتقلت البرودة من اصبعه الى باقي جسده تدريجياً حتى انه ارتجف قليلاً مما ادى لتحرك خصلات شعره وكأنها خيوط حرير منسدلة من الأعلى وتراقصت مع نسمات الهواء.

بالتدريجحيث تعيش القصص. اكتشف الآن