-10-
لتقول في ضيق :
-انت عاوز اية ؟
ليقول حانقا :
-انتِ بتاعتي انا..هو ملوش حق عليكي
و تابع هازئا و بنبرة حادة :
-انتِ نسيتي ان في كاميرات في البيت يا حنين..
توجم وجهها و ظلت تنظر يمينا و يسارا بعيون نسر يراقب في ذعر, فقال :
-ريحي نفسك مش هتقدري تشوفيهم
تأججت غاضبة و كادت ان تصيح :
-انت ازاي تعمل كدة..انت مجنون
ليغازلها بقوله :
-مجنون بيكي يا حبيبتي
-انت واحد حقير عديم الاخلاق..لية بتعمل كدة فيّ
فقال بلهجة حادة :
-بصي يا حبيبتي اظن دة اتفقنا من الاول..انا هقفل دلوقتي و اتصلي بيا بعد ساعة عشان في حاجة مهمة لازم تعرفيها..
شعرت باقتراب وائل, لتدس الهاتف داخل ثيابها و تصب العصير في الكوب, وقف خلفها و هو ممسك بذراعها ليديرها نحوه, التصق بها و طوق خصرها في قوة :
-تعالي هنا..انتِ سبتيني و جريتي علي فين
توترت ملامحها, فقالت هادئة :
-كنت بعمل عصير
مسح بيده علي شعرها و قال برقة :
-مش عاوز عصير
بسطت راحتيها علي صدره و دفعته في خفة قائلة :
-انا تعبانة دلوقتي يا وائل
عقد حاجبيه متسائلا في تعجب :
-تعبانة ؟ تعبانة ازاي يعني ؟
-محتاجة انام عندي صداع قوي و حاسة بوجع في بطني
ليزفر حانقا فقالت بصوت متهدج :
-انا اسفة بس انا عاوزة ارتاح و انام
مسح علي وجهه حتي يهدأ قليلا من افعالها, و قال بنفاذ صبر :
-طب تعالي نامي عندي جمبي
فتوترت بكثرة و قالت مضطربة :
-لا لا صدقني مش هينفع..انا برتاح في سريري فوق..عن اذنك
اسرعت صاعدة الي غرفتها في خطواط راكضة, دلفت الي غرفتها و اغلقت الباب, تقدمت علي الفراش لكن فجأة وجدت ظله فوق اعتاب بابها, ادركت انه يشك بها, فأطفأت نور غرفتها و اصطنعت النوم, مرت دقائق و وجدته يفتح بابها في هدوء و يطل برأسه فوجدها في ثبات عميق, فخرج حانقا و ملامح الشك لا تفارق وجهه..
انتصبت جالسة في سرعة و اخرجت الهاتف من ثوبها, و اتصلت به..
-عاوزك تنضفي ودنك عشان مش بعيد الكلام كتير..اسلام خلاص عرف وائل و حطه في دماغه, واحد من رجالة اسلام وائل حقق معاه و للاسف طلع منه بمصايب و معاه ورق و ادلة قوية تجاه اسلام..احنا دلوقتي عاوزين الورق دة
لتقول في ملل :
-و انا اية المطلوب مني؟ الورق دة اكيد هتلاقيه في مكتب وائل الي في الشغل
-بالعكس دة عندك في البيت
لتقول باستغراب :
-ازاي يجيب ورق زي دة البيت
اجاب ببساطة :
-هو قال لعماد انه محتاج يدرس الورق في هدوء بعيد عن قضايا المكتب
تعالي وجهها ملامح الصدمة و قالت بخفوت :
-عماد!! و انت تعرف منين عماد
فعاود الضحكة قائلا :
-انتِ عفوية اوي يا حنين..الراجل الي بتتحامي فيه و حاطة املك فيه ضدنا بيشتغل معانا من زمان يا حبيبتي
ضربت علي جبهتها و اسندت رأسها الي الخلف و هي تجز علي اسنانه قبل ان تصرخ من قهرها, فتابع :
-الورق دة عاوزه..انا بكرة هجيلك البيت الساعة 3
صمتت و اغلقت الهاتف في هدوء, ظلت جالسة فوق فراشها مفكرة بما تفعل, ادركت انه الان يراقبها في حاسوبه الخاص, و ينتظر بشوق و لهفة لحظة وقوفها و ذهابها الي المكتب بخطواط هادئة خاشية ان يستيقظ وائل الذي احب النوم علي الارائك الثقيلة و بين الوسائد الخشنة, و قد حدث ما كان متوقعا..
دلفت الي مكتبه برفق شديد و تقدمت الي الخزنة فضية اللون ذات ارقام سرية, كان تعلمها جيدا فلم تأخذ وقت في فتحها, اخرجت الكثير من الملفات الخاصة المهمة و اخذت تقلب في صفحاتها عن المطلوب, لتجد ملف "اسلام السعدني" راقبت في حذر و قرأت المكتوب في تركيز, كما قال لها انه ورق مهم و سيهلك اسلام في مصائب عديدة لن ينجو منها, توترت قبل ان تخبأ الورق في ثوبها و تقف منتصبة كغزال نجي من مخالب الاسود, وضعت يدها علي الحائط و سارت في سكون و هي تراقب وائل جيدا و هو يتقلب في نومه في الاريكة التي في غرفة المعيشة, لكن فجأة شعرت ببروز شيء من الحائط صغير فنظرت اليه مسرعة لتجدها "كاميرا تجسس صغيرة جدا" وضعت في ركن من اركان الغرفة ابعدت يدها سريعا عنها و قلبها صرخ بنبض خائف, فاسرعت بغلق النور و الخروج من الغرفة في ذعر..
***
دقت الساعة الثانية عشر ظهرا و هي مازالت نائمة في ثبات عميق, و الملف محفوظ اسفل الوسادة الحريرية, تقلبت يمينا فتفاجأت بوائل يبدل ملابسه, فتحت عينيها و رمقته مستغربة لتعتدل جالسة علي فراشها و تعيد خصلات شعرها الي خلف اذنها, جلس علي الاريكة يرتدي جواربه, نظرت الي ساعة الحائط و عادت النظر اليه بسؤالها :
-انت لسة مروحتش الشغل
فاجابها بجمود :
-روحت و رجعت
فقالت مستفهمة :
-طب رايح فين ؟
ليقول بجدية :
-انا رايح مشوار و مش هرجع الا بكرة العصر
تنهدت و رفعت منكبيها قائلة :
-تمام سلام
خرج دون ان يلقي عليها السلام, سمعت اغلاق باب المنزل بقوة. لم تبالي بما حدث و اغتسلت بالمياة الساخنة, ارتدت ثوبا طويلا و مشطت شعرها المبلل, كانت خائفة من مجيءه حاولت ان تبدو طبيعية و لا تظهر اي توتر علي ملامحها اللطيفة..
حتي سمعت رنين الباب انقلب كيانها, أوفدت اليه علي مهل متوتر و فتحت الباب لتجده الحارس فقالت :
-ايوة يا مصطفي
-البية دة يا مدام بيقول ان عاوز يقابل سعادتك و استاذ وائل, بقوله وائل مش موجود يقولي مش مهم
اللقت نظرة علي الزائر في حنق و نظرت الي مصطفي قائلة :
-وائل قالي عليه خليه يتفضل
-متأكدة يا هانم عشان متجلنش مصايب بسببك تاني
فقالت في ضيق :
-ملكش دعوة انت يا مصطفي متخفش..
دلف رجل نحيل, اسمر البشرة له ذقن مدببة و انف حاد, كان يرتدي نظارة شمسية سوداء اخفت عينيه و كثافة حاجبية..
-اتفضل..اتفضل يا صفوت
قالتها حانقة, فدلف صفوت باسم الثغر و جلس علي اقرب كرسي و قال متظاهرا النعومة بصوت الغليظ :
-وحشتيني يا حياتي
لم تجيبه, و ناولته ملف ازرق اللون, امسكه منها قائلا ببسمة مستهزئة :
-ايوة كدة يا حيبتي, احبك و انت بتسمعي الكلام
فقالت بحدة :
-اظن كدة انت اخدت عاوزه و تقدر تتفضل..
ترك الملف جانبا و تقدم اليه و هو يخلع النظارة من عينيه قائلا بسخرية :
-طب انا سقعان يا حنون مليش حضن حلو زي بتاع امبارح
تراجعت بخطوة الي الخلف و قالت :
-احترم نفسك يا صفوت كفاية لحد كدة الاتفاق لسة مخلصش
تنهد صفوت طويلا و قال :
-بصي يا حياتي..انا هقولك حاجة و مش عاوزة ازعلك فيها..بس وائل حبيبك دة ميت ميت لو حتي عملتي اية اسلام حاطه في دماغه و مش هيشيله الا لما يتشال من وش الارض..
و تابع اقترابه منها و هو يقول :
-فتعالي نسبق الاحداث..انا مش هستني لما وائل يموت عشان نسافر انا و انتِ..تعالي من دلوقتي حبيبتي نسافر انا حاجز تذكرة لايطاليا..
لتقول منذرة و بصوت محتد :
-ريح نفسك يا صفوت مهما عملت انسي اني اسيب وائل و ابقي معاك..و وائل مش هيموت و هينجح في القضية و هيتقبض عليكم كلكم و ساعتها التذكرتين دول هيبقوا من حقي انا و هو لشهر العسل فاهم
و تابعت في رقة مصطنعة :
-يا حبيبي
لم يتحكم في اعصابه فوجدته يكشر عن وجهه و كأن انيابه ستبرز من فمه و القرون ستخرج من رأسه, حاولت التراجع لكن لم يفد بشيء فقد هجم بأمساكه لذراعيها في عنف, لتطلق صرخة قوية كتمها بقبضة يده و.......
*
*
*
*
يتبع