-17-
تبادلت نظراتها مع رامي, الذي استأذن بتركهما و الخروج لمقابلة شخصا ما, دخل وائل الغرفة لتلاحقه حنين مسرعة و هي متأكدة ان مزاجه ينحدر من السيء الي الاسوء, فهي تعلم بمحبته لعمله و كم كان صعبا لتركه بتلك السهولة فقط لحمايتها و الابتعاد عن اسلام..
جلست جواره علي الاريكة و امسكت بيده قائلة :
-لية سيبت الشغل يا وائل
ليقول محتدا :
-حنين كفاية..انا عارف انا بعمل اية كويس..
صمتت لفترة و رتبت علي ظهره و قالت بنبرة ناعمة :
-و انا واثقة فيك...بس مش عاوزة احس انك زعلان
حرك رأسه في بطء, لتطبع قبلة رقيقة علي خده و تسند بوجهها فوق كتفه و ذراعيها تحيطان بخصره, لاحظت امتقاع وجهه لكن بررت انها ايام و سيتأقلم و يعود كما كان متوهج العينين بسعادة صادقة و ينتهي وباء الحزن من حبهمها..
انتقلا الي منزلهما الجديد, كان صغيرا في منطقة مهجورة قل بها البشر, لم تسعفهم الامكانيات لتحضير المنزل و شراء عفش, فقد استكفا بسرير واسع لغرفتهما و تلفاز لتسلية, كان يعود لها يوميا محملا بحقائب ثياب و طعام يكفيهما لأسبوع, مازال صامتا يتأخر في العودة الي منزل يبتسم لها من كل حين لأخر و كأنه يهون عليها الجروح, كلما حاولت سؤاله عن مكان ذهابه, يمازحها قائلا "انا متجوز عليكِ"..
ادركت انه يتهرب منها, هو يشعر دائما بالذنب تجاهها و يؤكد لنفسه انه السبب الرئيسي لما حدث لها, يقبلها كل صباح في اشتهاء قبل ان يتركها و يعود قبل منتصف الليل, يسألها باستمرار ان تضايقت من المنزل الجديد او تريد الانتقال او احتاجت شيئا لكن كانت الاجابة المعتادة..النفي..
كانت تسمعه يتحدث ليلا لأحدهم و يتبادلا الشجار, و حين تستيقظ يأمرها بأن تنام و تتركه وحيدا, ساءت حاله في نظرها و احزنت قلبها, و ما كان في يدها الا الطاعة.
عاد يومها الساعة السابعة مساءا مبكرا عن عادته الجديدة, ركض الي المطبخ مسرعا اليها و عانقها في حرارة حتي انه حملها و دار بها كثيرا, تعجبت من تلك المعاملة و ضحكت في سعادة و هي تتساءل مستغربة :
-اية مالك في اية..براحة
امسك وجهها بين يديه ليصبح مضموما صغيرا و قام بتقبيلها بقوة و هو يهتف في حماس :
-قولتلك هعوضك عن لك الي فات
لتقول مندهشة :
-طب فهمني اية الي حصل
-مفاجأة لا مش مفاجأة واحدة مفاجأات يا حنين..بس مش دلوقتي اصبري علي رزقك و هتعرفيهم كلهم
تنهدت بعمق و قالت بسعادة غامرة :
-يعني خلاص مش هتسهر برة تاني
-انا ملك ايديكي دلوقتي خلاص
قالها و هو ينثر قبلاته علي كفوفها, لتبتسم خجلا و تفلت من بين يديه قائلة :
-طب اوعي بقي سيبني اخلص تحضير الغدا
تلذذ بتلك الرائحة الشهية و قال باستمتاع :
-دة ورق عنب
فاجابته بمرح :
-صح يا فندم..
و تابعت قائلة بلهجة أمرية :
-يلا روح غير عقبال ما اجهز السفرة..
و هذا ما حدث, استحم وائل جيدا بالماء الساخن و ارتدي ثيابه النظيفة, جلس في غرفة الطعام و تناول في اشتهاء و اعجاب, اخذ يمدحها في سعادة جنونية, هنا فقط شعرت بأن وائل القديم قد عاد اليها, المرح الوسيم السعيد دائما, ارتاح قلبها كليا خاصة بعدما انتهت اسطورة اسلام و لم تسمع اي اخبار من صفوت..اخبرها وائل انه وجد عمل صغير و لكن ما هو؟ لم يخبرها و قال يوما تعرفين كل شيء..
انتهت من غسل الصحون و رص الاطباق في الدرج, اتجهت لدورة المياة لتأخذ حماما عوضا عن ملابسها المبتلة من بعد صراع مع الصحون, ارتدت الروب القطني الازرق و لفت شعرها بمنشفة تشابهت في لون وخامة الروب..
خرجت من دورة المياة, لتتفاجئ به جالس علي الفرش فتعلثمت في خطاها و قررت العودة الي المرحاض مرة اخري لترتدي ثيابها, و قبل ان تدخل جذب معصم يدها بقوة و دفعها الي الحائط, حاصر وقوفها بالوقوف امامها و اسناد مساعدتيه علي جانبيها, تبسمت في خجل و اخفضت رأسها ارضا ليقول متخابثا :
-مظنش ان في كاميرات هنا
حرك رأسها ناهية و اصدرت بغنج "توء", ليتابع :
-و مفيش بابا حسين و لا حزام بابا حسين
ضحكت بصوت ضئيل و حركت رأسها مرة اخري و هي ترفع اليه وجهها في حياء ماكر, تساءل مستفسرا مصطنعا الجهل :
-الناس بتقول اننا متجوزين ؟ ياتري الخبر دة صحيح
واصلت الضحك في خفة فوقفت علي رؤوس اصابع اقدامها و احتضنته بقوة, ليعانقها عناق قوي, لو تطلع احد المارة علي نافذتهما لرأي عناقهما الحميمي القوي و قبلات وائل التي تأبي الانتهاء..اختفيا فجأة عن انظار النافذة, و ابتعدا عنها ليبقيا في احضان بعضهما الممتزجة بالحب و الاشتهاء..
***
اسندت رأسها و نصف جسدها العلوي فوق صدره, كان شعرها قد بدي بالجفاف, احاط خصرها بذراعه و شابك اصابع يده مع اصابع يدها, اول ليلة بينهما كزوجان, طوال حبهما حرما من تلك الليلة سواء شدة والدها و اللتزامه بعاداته او ضرب زينب لهما ان احست بريبة بينهما او كاميرات المرقبة التي زرعت في غرفة نومهما لتمنعهما من ممارسة الحب.
-انا مستحيل اعيط تاني..
فتساءل مستغربا :
-تعيطي ؟ لية بتقولي كدة
لتسير بأنمالها علي وجهه و تقول بسعادة :
-العياط ضعف..و انا حاسة بقوة معاك..اني اعيط دة عيب في حقك, خلاص انتهي الكابوس يا وائل و هنبقي مع بعض دايما..أوعي تسبني ساعتها بس هعيط
و تابعت في حزن :
-انا كنت بعيط زمان لما بدأت احس انك هتكرهني بجد..احساس بشع يا وائل اني اقابل الكره منك
جلست معتدلة و بسطت ذراعيها في الهواء بتكاسل, بادلها بالجلوس دفن وجهه في شعرها قائلا :
-انا بحبك يا حنين..انا اسف عن كل الي حصلك بسببي
لتقول في ضيق :
-متتأسفش انت مغلطش يا وائل و لا انا غلط..و اــ
رن هاتفه, لينسحب مبتعدا عنها و يتناول هاتفه, التي خطفته منه مسرعة قائلة بمشاكسة :
-مينفعش ترد علي تليفونات و انت معايا..
ليقول معتذرا و بابتسامة صغيرة :
-معلش يا حبيبتي..دة لازم ارد عليه
و اخذه منها مسرعا, زفرت في ضيق مصطنع ليسرع بمصالحتها بقبلة علي خدها الهاش, رد علي المتصل :
-ازيك يا باشا
فجأة قفز من مكانه و قال بصدمة :
-حضرتك بتكلم جد..ثواني و ابقي عندك
اغلق الهاتف و اسرع بالنهوض لارتداء ملابسه, فقالت مستغربة :
-انت خارج ! الساعة 10 و نص هتروح فين دلوقتي
ليقول مسرعا :
-اسف يا حبيبتي انا مضطر امشي حالا
لتقول غاضبة :
-هو اية الي تمشي..انت رايح فين
تجاهل سؤال و اسرع بالتعطر بعطره و هو يرتدي حذاءه علي عجلة, زفرت بقوة و قامت لترتدي ثوبها لنوم, فقال وائل بلهجة متهدجة من كثرة الاستعجال :
-في ضيوف جايين..هو مش عارف الطريق و انا هاجي اجيبه علي البيت
ردت بامتعاض :
-اعمل حسابك انا مش هستقبل حد
اتجه اليها و قبل جبهتها في اعتذار عفوي :
-حبيبتي ارجوكي بلاش زعل..انا مش هتأخر
مدت شفاهها السفلي حانقة, عجزت عن الحزن امام عينيه الساحرة فتابعت مازحة :
-انا بكرهك يا رخم
ليجيبها الاجابة المعهودة :
-و انا بكرهك اكتر يا اسوء بنت في العالم
قالها و اسرع خارجا, لتتنهد في حزن من فراقه لها لم تطيل الصحو فقد غلبها الوسن.
***
دخل الغرفة, ليجدها نائمة في ثبات عميق, فجلس جوارها و اخذ يهزها في لطف و هو يتهامس :
-حنين يلا قومي الضيوف برة
فردت بلسان ثقيل :
-حرام عليك يا وائل انا منمتش
-يلا يا حبيبتي
لتقول في ضيق :
-يلا اطلع برة
فقال بتهديد مرح :
-لو مقومتيش في خلال ثواني هشيلك ليهم
جلست نصف جلسة و شابكت ذراعيها علي مضض, رمقته بعينين غاضبة و قامت لتبدل ملابسها فقال مسرعا :
-لا لا مش لازم استقبليهم بالبيجامة يلا بلاش تأخير
و جذبها من معصهم يدها في شيء من العنف و اخرجها من الغرفة و قد وضع يديها الاثنان فوق عيونها لتحجب الرؤية, تهامس في اذنها :
-دية اول مفاجأة يا حنين..
و ازاح يديه من عينيها, لتفتحها في استغراب, حدقت بهذا السمين الذي امامها فشهقت صارخة :
-بابا.
*
*
*
يتبع
قولت بما ان وائل عامل مفاجأات لحنين اعملكم مفاجأة وانزل الحلقة رغم تعبي 😃
