الفَصْلٌ الثَالِثٌ عَشْر|غَيْبُوبَةُ وَعْيٍ

6.8K 467 214
                                    

هُنَاك قَول لِخُوسيه أورتِيغَا، أن المَزِيج الأَسَاسِي للحُبَّ هُوَ الإفتِتَان والاستِسلَام، ومَا يُوجَد فُي الحُبَّ هُوَ الاستِسَلام نَتِجة للإفتِتَان.

أَي أنَّ تَرفع أَعلى قَلبكَ رَايَاتُك البيضَاء استِعدادًا لقُبُول خَسَاراتِك أمَام نِزاعِكَ الدائِم مَع عَقلِك..

نِزَاع كَان لَه دونًا أن يَطول عُمُرك، دُونَ شَفقةٍ واحِدة تِجَاه دَفنِك جَمِيع عَواطِفك نَتيجة هَذِه الحَرب الهَوجَاء.

لا تَعلم مِقَدار مُدَة مُكُوثِهَا فِي تأمُل ضَخَب صَمتِه، صَمت كَان لهَا خِلالَه أن تُصغِي جَمِيع كّلِمّاته وإن لَم يَقلهَا عَلنًا، بينمَا تَشهد العِينين الدَيجوريتِين تِلك وهُمَا تَلتمِعَان بأسًا لِمَا تَراه..

أيُشفِقهَا أَم يُشفِق ذَاتَه؟.

مَا كَان لهَا أن تُدرِك ذَلِك أو تَعلَمه، لَيس إن بَدا آنذاك لا يَقِل مَأساةً عَن حَالِهَا، وهُو يُشِيح بِبَصره للحَظَات أضمَر خِلالهَا شُعُورًا كَان يَرجو أن لا تُدرِكَه.

هَل سَمِعت عَن شَخصٍ يُؤَرشِف مَشَاعِره كَي لا يَختَل عَالَمُه، لَكِن عِوَضًا عَن ذَلِك كَان يَطمِسُهَا دُونَ عَودَة تَفقُدِ واَحِده مِنهُ لَهَا؟.

بَدا لهَا دَومًا عَلَى تِلكَ الهَيئَة، شَخصٌ يَمضِي فِي عَواقِب خِيَاراتِه وحِين يَسقُطُ سَقفُ تَوَقُعَاتِه يَنسَحِب بَعيدًا لِيُرَتِيب جَمِيع عَواطِفه فِي سِجَلاَّت..

إِلاَ أنَّه فِي هَذِه الَحظَة القَاطِعة تَمَكن مِن جَعلِهَا تَثِق أن مَسَاحة سِجِلاتِه لَم نَعُد مُتَاحةً لِمَزِيدٍ مِن التَرَاكُم حَالَ أنْ تَقَدَّم خَطَواتُه الوَاسِعة مِنهَا، يَخنُق كَلِمَاتِهَا ليَجتذِبهَا إِلَيه فِي عِنَاقٍ مُفَاجِئٍ.

تَتَساءَل، أَكَان لِأَحَدٍ أنْ يُعَانِقهَا يَومًا بِهَذا الشَغَفِ المُؤلِم كَمَا لَو أنَّهُ يَلتمِسُ رَجَاءً لِتُصبِحَ جُزءً مِنهُ؟.

لَم تَكُن يدَيْهِ تَخنُقُهَا إِلَا أن شُعُورًا ثَقِيلًا عَبَر صَدرِهَا مُزِيلًا قُدرَتِهَا عَلَى لَفظ أنفَاسِهَا بِوَتِيرَةٍ مُعتَادة، بَينمَا تَشعُر بِه يَجتذِبُهَا أَقرَب إِلَيه كَي يَطمِس المَسَافَات بَينهُمَا.

مَسَافَات لَم تَكُن تُذكَر حِينهَا لَطَالمَا كَان يَحتجِزُهَا إِليه بِتِلكَ الشِدَّة، يَغمُرُهَا آنذَاك بِشُعُور دِفئٍا كَانَت تَفتقِده مُنذُ أَمدَّ.

تُبَاغِتُهَا يدَيْهِ مُتَسَلِلةً أَسفَل قَمِيصِهَا لتَلسَع بَشَرتِهَا بِبُرُودَةٍ عَبِثت جَمِيع حَوَاسِهَا، بَينمَا تُطبَّق أَنَامِلُه جَانِب خَاصِرهَا، يُؤَكِد لهَا شَيئًا اَم تَثِق بِه يَوم فَضِيحَتِهِمَا.

مكيدة عشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن