الْفَصْلُ السَادِس| لُعْبَة الإغْوَاء

9.1K 599 215
                                    

هنَاك قاعِدة تقَول بأن دومًا ما يَكون المرء المستثار عاطِفيًا هو مرء مُشَتت الإنتباة..

تِلك المشَاعر الملتهِبة دومًا ما تُحِيط حَواسَه إلى حَد تَجاهل جَميع عَلامات الخَطَر مِن حَوله، يصبح آنذاك مُنغَمِسًا في نشوة لشُعُور مُتنَاسيًا جميِع آلامِه، ومأسَاته حتى تصبح تِلك المشَاعر سَبب هَلاكه..

عِينيه لم تراقِب يَومًا عدَاد السَرعة، فما أن تَلتتف قَبضتيه حَول مِقبض دراجته النَارية؛ فلا شَيء يَوقفه سِوى خَط النِهاية..

لمَ يَكن يَعنيه يَومًا أن ينتبَه لمخاطر أفَعاله، لم يَكترِث أين لَه أن يَنتهِي وإنَّ كَان سَينتهي، إنه رَجل لَه مِن الجنون أنَّ لا يَكترث لذَاته حتى..

ذَلك الجَانِب المتراخِي فِي كومة الخِيبات، شَيء ظَل يَضمِر وقَت أَطول مما يَتذكر، طويِلاً إلى الحَد الذِي جَعله جزءً مِنه، ومِا مِن شَيء يمتلك القدرة لينتشَله مِن كومة الخَيبات تِلك..

لَه كَانت الأشيَاء محاطة بصَمت خانِق، لا تلتقِط عينيِه سِوى الرماِدي كما لو أَنَّه محتجز فِي عالم وحَده مَن يَكتنِفه..

لا يَعلم مِقدار المَرات التِي تَمكن بِها مِن رؤية لون عَدا الرمَادي، وما مِقدار السَنوات التِي أُحتجَز بِها فِي ذَلك العَالم إلا أنه يَدرك شَيئًا واحدًا..

لقد مضَت ثَلاثة أشَهر منذ أن شَعر بأن هَناك تسَربًا هائِلاً مِن الألوان إلى عَالمه، تسَربًا لاح تفكيره، دَافعًا بعَينيه أنَّ تلتقط عداد السَرعة إلى أمامه ما حفَز إرتخاءً واضِحًا إلى يَديه؛ فيدرك حينها مِقدار تَهوره..

لا يَعلم كَم مِن الوَقت قَد مَضى مُنذ أنَّ وَجد مَا يَبحثه، مُنذ أنَّ خَاض شَعورًا لا يَعرفه، لكِن ما يُدركه هَو أن تِلك الأشهر قَد قَدمت إليه حَلًا لعَواطفه،.

تُضِيء خوذَته السوداء آنذاك في مزيِج واضح مِن اللون الأحمَر والأزرق، تبِع توقفه بطيئًا فِي منتصَف الطَريق..

لم يَبدو له معرفة العَالم بِهَويته شَيء يَستدعي القَلق، يكتفِي حينها فِي خَوض جولة مِن التفكير المتمهل، بينما تغزو اِبتِسَامة جَذابة شَفتيه أسفل تِلك الخوذة السَوداء..

يتأمل فِي هدوء شَديد الزي الرَسمي لشرطة المُرُور كمَا لو أَن ذَلك اللون الأزرق بَدى شيئًا جذابًا لبَصره..

لا يُصغِي وقتئذ إلى حدِيثهم عن كَونه رَجُل لن يَنفذ مِن القَانون هذه المَرة، يلاحَظ تقَدم أحد الشَرطيين ليَرفع عن خوذَته غِطاءها؛ فتتضَح عينيه الداكِنة حال أن ارتقى ببَصره يغمزه حِينما تَحدث الشَرطي بِحدة..

مكيدة عشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن