°• ١١ •°

37 3 0
                                    

أخذ السيد نفساً عميقاً ...
وحاول الاقتراب من أوس ليلكمه على جهه

لآكن لمعت امام عينيه صورة طفل صغير ..
وسمع في اذنيه وقع تلك الأحرف ( أبي )
أجل ..
تذكر أوس عندما كان طفلاً ..
كيف كان يصرخ ويضحك ويلعب ، ببراءة ...
تراجع للخلف خطوة ..
وقد تجمعت الدموع في مقلتيه

(( كنت اعلم انك جبان ولن تقوى على فعلها هههه ))
استهزأ أوس من والده ...
ليعمي بصيرته مجدداً ، ويتقدم السيد تجاه ابنه غاضباً ..
تبددت واختفت الدموع ..
كان كل ما يهمه الآن ،، تأديب أوس ..

اقترب منه ورفع يده ..
حركها بالهواء لتقترب اكثر من وجه أوس
لكن سرعان ما اوقفته تلك اليد ...
اليد الضخمة القاسية
يد أوس الخشبية ...

(( لم اتوقع منك يا هذا يا سيد )) قال أوس بإبتسامة
لكن سرعان ما تبددت ابتسامته وتحولت الى نظرات غضب (( يالك من جرئ حقاً .. ))

وخلال ثوان ، لف أوس يد والده خلف ظهره ..
ورماه أرضاً
جلس على ظهره ...
وبقي يشد يد والده الى أن خلعت من مكانها ...

هرع الجميع لانقاذ السيد الذي بدأ بالصراخ وطلب العون ...
وبالفعل ، استطاعوا من أن يبعدوا أوس عن والده ..
أمسكوا به ،، وابعدوه ...
لكن عندما صرخ السيد (( وقح ،، سؤأدبك أوس ،، اسمعت ؟ سؤأدبك بيداي هاتين ))
غلى الدم في عروق اوس
وانفلت من بين ايديهم راكضاً نحو والده
لكمه على وجهه عدة مرات حتى سأل الدم من شفته السفلى
ابتعد أوس عنه وهو يلهث ...
وعندما رأى إبتسامة والده ..
انقض عليه وشد قبضته على عنقه
حتى خرج الزبد - ما يخرج من فم الشخص الذي يحتضر - من فمه
ابتعد عنه بعد أن رماه على الأرض ...
قتله !!؟
أجل ، لقد قتل والده ..

ابتسم بنصر ، وحرك يده على خصلات شعره ليرجعها الخلف واستدار راحلاً ...

في ذلك الحين انطلقت شهقة ألم ، من ثغر تلك الأم الحنون ...
شهقت ، لكنها لم تقوى على البكاء
استجمعت قواها ووقفت ... صاحت (( أوس ))
نظر ابنها بعينيه الخاليتين من المشاعر الى عينيها المليئتين بالألم والحزن والدموع ..
(( لماذا ؟ )) كانت هذه اخر كلماتها قبل أن تتسابق الدموع على وجنتيها وتنهار وترتمي مغشياً عليها ...

نظر أوس إليها ، ثم رفع احد حاجبيه عندما وقعت ، ثم أدار وجهه لتتطاير تلك الخصلات الرمادية مبتعدة عن عينيه ..
وتابع طريقه ..

حمل اهل القرية جثة السيد ، واقاموا مراسم الدفن
في حين اهتمت النساء بالسيدة التي اغشي عليها من الصدمة ...

كان وجه السيدة مصفراً ..
وكانت دموعها تنهمر رغم انها فاقدة للوعي
درجة حرارتها مرتفعة جداً
وكانت ترتجف أيضاً ...
متفاجئة ، مصدومة ، عقلها رفض أن يصدق ما شاهدته عيناها
كانت بين الحين والآخر تتمتم بعض الكلمات ...
(( أوس )) .. (( لماذا )) .. (( بني أين انت ))
كانت تفكر بما رأته رغم انها ليست مستيقظة ..
كانت النساء تبكي على حالها ..
والفتيات يبدلن لها الكمادات الباردة ، عل حرارتها تنخفض
وكانت افنان تمسك بيدها وتبكي بصمت ...

رفعت افنان رأسها لتقابل ضوء الغرفة بعينيها ..
ربتت على يد السيدة بخفة ،، ووقفت مغادرة

مشت مبتعدة عن المكان ...
كانت تريد ان تجلس بمفردها قليلاً
كانت بحاجة لذلك كثيراً
تريد ان تفكر به ..
وبما فعله ..
كانت تفكر بأن له سبباً مقنعاً ودافعاً قوياً
ربما هو يحتاج لشخص يفهمه
شخص لا يرفض اوامره
شخص يخفف عنه محنته ويظهر له ضعفه
كانت تعلم ان اهل القرية سيسامحوه ، فهم طيبون
لكن ؟! هل سيسامح هو نفسه ؟!
ما كانت لا تعلمه ،، هو أن اوس نعم ... سيسامح نفسه
هي كانت تظن بأنه يحمل الطيبة داخل ركن من اركان قلبه
لكن من ذا الذي سيخرجها له ؟؟

عَالَم آخر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن