°• ٤ •°

72 8 1
                                    

تصاعدت النيران
وملأ الدخان أرجاء المركبة
ليبدأ جهاز الانذار بالصراخ ..

وينظر أوس بكل برود الى ما فعل ، يقف واضعاً يديه في جيبي بنطاله ، ويميل رأسه للتتحرك خصلاته الرمادية باتجاه الأرض ..

كانت دقائق قبل أن تنفجر المركبة ...

...

(( استيقظي يا عزيزتي ، استيقظي .. )) .. همس والد أوس بأذن زوجته لتستيقظ ..
(( أين أوس ؟! )) .. سألت تلك الحنونة باهتمام
(( يجلس هناك ويشعر بالملل كالعادة )) أجابها بينما كان يؤشر بإصبعه باتجاه ابنه

كان المكان غريباً نوعاً ما ، فالأشجار الخضراء والتربة المليئة بالحشائش والسماء الصافية ، رائحة للهواء النقي ، لا اصوات سيارات او أسلاك كهرباء ، أمور يصعب رؤيتها بالمدينة ..
أهناك أحدٌ هنا ؟؟
هذا هو السؤال الذي يشغل تفكير أفراد العائلة ..

(( إلى أين ستذهب؟؟ )) سأل السيد والد أوس ابنه الذي تحرك وأخيراً من مكانه ..
(( سأذهب لأبحث عن شئ آكله )) أجاب أوس ببرود
(( تأكله ؟! أي أنت وحدك ، ألسنا عائلة هنا ؟! )) صرخ والده واحمر وجهه من الغضب
(( إن كنتما جائعين فابحثا عن طعام لتأكلانه )) قال أوس ثم أكمل طريقه
(( توقف )) صرخ السيد بغضب
(( كفى )) قالت والدته من بين دموعها
(( كفى أرجوكما ، نحن في مكان لا نعرف ما هو ، ولانعرف كيف عدنا الى الارض حتى ، وانتما تتشاجران على أتفه الاسباب ))
كانت تبكي وتتكلم من بين شهقاتها ، لا تستطيع الصمت اكثر من ذلك ، لقد اغضباها بحق ..

وبين ذاك النقاش ، او بالأصح الصراخ ..
ظهر صوت حجرشة بين الأشجار
صمت الجميع ..
واختبأت السيدة خلف ظهر زوجها ، خائفة ،، فمن ذا الذي يكون في هذا المكان الغريب ؟

أطلق أوس ضحكة عالية ..
عندما رأى ذيل قطة بين تلك الشجيرات
استفز والده بضحكاته ، فقام السيد ليضرب وجنة أوس ، لكن أوقفه صوتٌ صغير ، خائف ، مرتبك ، هادئ (( لاا أرجوك )) ..

نظر الجميع الى الفتاة ..
لكن وكالعادة أوس أطلق ضحكة استهزاء بوجه والده ، بمعنى .. انتصرت .. انت جبان .. لن تقدر ..
والتف أوس ورمى بنفسه على لاعشب الاخضر مغلقاً عينيه ..

(( تفضلي يا ابنتي بالجلوس ... )) .. قالت السيدة بينما طلبت من الفتاة أن تجلس الى جانبها ..
(( أنا فقط اريد أخذقطتي .. باتي .. وارحل ، أعتذر على الازعاج )) .. اعتذرت الفتاة بلباقة ، ثم اخذت القطة وهمّت بالرحيل

(( انتظري .... ! )) .. صوته البارد المهتز المقطع ، جعل الانظار تلتف إليه ، انه أوس ... نعم لقد تحدث وطلب منها البقاء ..

(( ماذا تريد يا سيد ؟! )) ... والغريب انها قابلته بإبتسامة ، لم تخف منه ، بل كانت تبتسم وتمل رأسها للتساقط خصلات شعرها السوداء الحريرية على كتفيها ، وتفرك رأس قطتها بيديها ..

وكعادة أوس ، يفاجئ الجميع ..
فقد توقعوا أن يطلب أوس من الفتاة أن تعرف بنفسها وبالمكان ..
لكن لا ...

(( احضري لي بعض الطعام فأنا جائع ، وهذا أمر إياكي أن تتقاعصي والا حطمت رأسك كهذا .... )) .. قالها وقد فتت غصن شجرة بين أصابعه

وبهدوء دون توتر ، اوخوف ،او تفكير ،، ابتسمت الفتاة وأومأت موافقة وذهبت مختفية بين الاشجار ..

استدار السيد ليواجه ابنه بغضب ...
(( يالك من مهذب ومستقيم السلوك !!! )) ... عاتب الأب ابنه بما تبقى لديه من صبر وامل
ولكن .. وبكل برود ، نظر اوس تجاه والده وخلال ثوان أبعد نظره الى السماء مبتسماً قائلاً : (( تركت التهذيب والسلوك القويم لك ، ولزوجتك ))

تضرّج وجه السيد ، لكنه لم ينبس ببنت شفة ..
في حين وضعت السيدة يدها على فمها متفاجئة مما قاله ابنها ..

(( يا لك من وقح )) .... لم تخرج من فم السيد سوى هذه الكلمات قبل أن ياخذ طريقه باتجاه الاشجار ..
كلماته لم تحرك أوس ، ولم تؤثر فيه حتى ....
فقظ ابتسم ، فقد استطاع أن يستفز والده
وعلى الاغلب هذا ما يسعى اليه دائماً ...

عَالَم آخر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن