°• ٢٩ •°

35 3 0
                                    

وصل صوت ضحكاتهما الى جميع سكان القرية ...
فتجمعوا ، وركضوا خلفهما فرحين لفرحمها رغم انهم لا يعرفون السبب

توقف أوس اما منزل والدته ووالدة افنان ..
تنفس بعمق وطرق الباب ..
فتحت ريناد الباب بخفة ، وحالما رأت افنان ، انقضت عليها بعناق كبير وسعادة غامرة ...
(( سعيدة لانك بخير .. )) قالت ريناد بفرحة شديدة
(( ريناد ابتعدي قليلاً لقد .. آآه أكاد اختنق )) تمتمت افنان بينما خرجت حروفها بصعوبة ..
ابتعدت ريناد عنها ، وقد ضحك الجميع بسبب ظرافة الموقف

(( أوس مبتسم ويمسك بيد آنّا المبتسمة أيضاً ، واهل القرية خلفهما سعداء ،، ما الذي يجري هنا ؟))
تساءلت ريناد ، بينما كتفت يديها على صدرها مستغربة ..
(( ستعرفين كل شئ في الوقت المناسب )) قال أوس بنظرة متعالية ..
لتردف هي بنبرة طفولية متذمرة (( ومتى سيأتي هذا الوقت المناسب يا ترى ؟))
لتتوقف لحظة وتقول بجدية وسعادة متلعثمة (( أووه لحظة .. أوس أنت ،، أنت لقد تحدثت لتضحكني ، أقصد لقد .. لا أدري ماذا اقول لكن ... ))
ليضحك الجميع على حركاتها الانفعالية ..
ويقترب اوس منها قائلاً (( في الوقت المناسب ريناد ))
ثم يبتعد ، لتظهر علامات الحزن المصطنع على وجهها ..

قالت افنان (( أين أمي يا ريناد ؟))
(( في الداخل تقرأ كتاباً ، أووه هاي هي لقد جاءت )) اجابت ريناد بينما جاءت والدة افنان ..
(( ريناد من على الباب ولماذا كل هاذا الضحك هل ... ؟)) وتوقفت مصدومة عندما رأت افنان ...
(( آنّا انتي بخير يا ابنتي )) قالت السيدة بينما اقترب ببطئ من ابنتها
ركضت افنان باتجاهها وارتمت في حضنها (( أمي اشتقت لكي ))
انهمرت دموع السيدة واختلطت مع دموع افنان الغزيرة ..
تأثر الجميع .. ومنهم من بكى ..
لكن أوس ظل ينتظر خروج نبع الحنان خاصته ،، أمه ..

وقفت السيدة ووقفت افنان
نظرت السيدة لأوس وابتسمت (( أهلاً ))
(( أين أمي ؟)) سال اوس بلهفة دون مقدمات
(( سأناديها حالاً )) ثم انصرفت الى الداخل لتنادي والدة أوس
اقتربت منه افنان وربتت على كتفه لتطمئنه ..
فنظر لها مبتسماً ، وأمسك بيدها بأصابعه الخائفة ..

(( يبدوا أنه لدينا عصافير حب جديدة هنا )) قالت ريناد مستفسرة
(( لا يا عزيزتي نحن فقط .. أووه نعم لا احب الكذب )) حاولت افنان أن تخفي ما بينهما بخجل لكن لم تستطع ..
توردت وجنتاها ، مما جعل اوس يضحك بقوة ..
لآكنه توقف عندما رآها ...

رأى تلك السيدة التي حملت همه لمدة ٢٠ عاماً ..
ومازالت تحمل همه ..
رأى والدته التي كانت تمشي ببطئ حتى رأته وتوقفت
سكت الجميع ..
وبدأ أوس يقترب منها بتردد ..
دموعها سبقت دموعه ،، كانت تنتظر هذه اللحظة منذ زمن
اقترب منها ، وانزل نفسه بسرعة الى مستوى قدميها
بدأ يقبلهما بدموعه الحارة ..
لم تحتمل هي رؤيته على هذه الحال ..
فنزلت لتساويه بالارتفاع وامسكت يديه لينظر إليها
(( أوس بني )) تمتمت بضعف وشوق
(( أمي أنا .. أنا أعتذر أنا اسف لما سببته من اذى ومتاعب أنا فقط كنت )) حاول أن يبرر فعلته لكنها اسكتته بوضعها سبابتها على شفتيه ..
(( لا بأس ، المهم أن تتعلم مما حدث ، سامحتك يا صغيري فقط سامح نفسك ))
ثم قبل يدها وجبينها باكياً ، كما بكت هي ،، مما حث أهل القرية على البكاء ..

بعدها وقف ونظر الى اهل القرية قائلاً ...

(( فليعم السلام أرجاء قلبي .. وليسقط حكم الحقد ، وليسجن شبح الانتقام ، ففراترنيتاس علمتني مالم أعرفه يوماً ..
علمتني الإخاء والصداقه والمحبة ، علمتني التضحية والنضال ..
فسحقاً لعالم تسوده الأنانية ، وسحقاً لواقع أليم جعل الدم والجثث مشهداً اعتيادياً أومسلياً لأطفالنا ))

وحالما انتهى من كلامه ، صفقت له ايادي اهل القرية بحرارة ..
فجلس على ركبتيه ... وقال (( أنا أعتذر ، ها أنا امامكم افعلوا بي ما تشاؤون ..))

عَالَم آخر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن