مازالت ماريمينت تبحث عن الطريق الصحيح..تبحث عن بداية ذلك الطريق وعن مفتاح بابه..ترى هل هي بعيدةٌ عنه؟..
كلما حاولت التقرب إلى السكان تزداد قضيتها غموضاً..كل منهم يرسلها في جهة..تذهب في طرق عديدة كلها خاطئة.. لكن إصرارها يمنعها من الاستسلام .
مرّ ثلاثة أيام.. ومازال ذلك الشّاب يلاحقها .. تقترب منه فيبتعد .. وكلما حاولت فهم مراده تعجز عن ذلك .. مع انه أخبرها أن وجودها غير مرغوب ..لكنها تعتقد انه يحاول الحصول عليها بطريقة غير مباشرة ..على أي حال.. من قد لا يرغب بالحصول عليها ؟..فهي تمتلك صفات تجعلها الفتاة المثالية لأي شاب ..
عند شاطئ تينهام في ذلك اليوم .. جلس قربها ذلك الرجل .. ربما لم يعرفها .. لكنها أحبت أن تبادره السؤال
- إذاً..لمَ أرسلتني في الطريق الخطء ؟..
أزاح نظره باتجاهها ثم عاود النظر إلى الشمس و أضاف قائلاً...
- خوفاً من أن تؤذي شمسنا .
ردت عليه بلهجة استغراب
- و ما الّذي قد تفعله فتاةٌ مثلي برأيك ؟
- لا أعلم.. أجهل ما تخفيه عينا الملاك هاتان ، لكن شمسنا لاقت ما يكفيها
- أذاً..تظن اني قد أؤذي هذه القرية الهادئة ؟
- هادئة ؟..ها؟...كان عليكي رؤيتها منذ أسبوع ..يوم ماتت كارولين
- من تكون كارولين ؟
- أخبرتك سابقاً..أخاف أن تؤذي شمسنا
- فلتعلم يا سيدي أنني هنا لأحل قضية حصلت منذ اثنين وعشرين عاماً...
عندما قالت ذلك الرقم..أرجعت بذاكرته إلى وراء،اثنان وعشرون عاماً...يوم تحطمت أحلامه..يوم تغيرت فكرة العالم بالنسبة له .. يوم فقد نصفه الآخر ...
أجابها ساخراً :
- و ما الذي قد تفعلينه بقضية حصلت منذ اثنين وعشرين عاماً ؟
- لربما ظننتي حمقاء..لكن هذه القضية تهمني أكثر من أي شيء آخر ... والآن اعذرني..فعلى ما يبدو سأحلها لوحدي..كوني منبوذة من قبل الجميع هنا..
تردد قليلاً ثم أجابها :
- أجلسي ، لأحكي لكِ الحكاية
نظرت له باستغراب ثم جلست منظرةً الحكاية،..
منذ اثنين وعشرين عاماً..اثنين وعشرين .. سُرق مني نصفي الآخر... لا تغُرُكِ المظاهر يا عزيزتي..فهذا الرجل العجوز كان شاباً وسيماً في الماضيثم أضاف وهو ينظر إلى منزله
- وذلك القصر كان كوخاً قديماً..الأحوال تتبدل والناس تتغير ..لا شيء يبقى على حاله..كنتُ أخدمُ احدى الأسر الغنية ..و كانت ابنة تلك الأسرة..فتاةٌ رقيقةٌ متواضعة..تقربت منها حتى وقعتُ في شباك حبها، وكم كان ذلك رائعاً عندما اكتشفت أنها تبادلني المشاعر..و عندما تقدمت لخطبتها ردعني أهلها..لم تكن صدمة..توقعت ذلك، من سيعطي ابنته الوحيدة لشاب لا يملك ثمن قوت يومه ؟ ..
وبعد شهر تزوجت هي من رجل آخر مع أننا حاولنا منع ذلك الزواج الحزين..لا الشاب ولا الفتاة أحبا بعضهما إلا أن الزواج تم وفقاً لعادات أهل تينهام القديمة..عاشت معه ما يقارب الخمس سنوات وقد أنجبت منه فتاة..أذكر أن اسمها ماري.
رغم زواجها وأنجابها لم نفقد الأمل فقد كنا نتواعد بالسّر .. لطالما شجعتني لأكمل دراستي ويوم أخذتُ الشهادة حدث ما حدث..
كنتُ أتمشى على الشاطئ ..أتذكر كيف علمتني الحروف والأرقام.. أتذكر كيف رسمنا أحلامنا على الرمال ولوناها بالصدف..وكيف رسمنا بيت احلامنا .. هناك كانت تقف وتنسج الصوف،تصنع ثوباً لابنتنا التي كانت ستأتي عمّا قريب..وامام الشباك كنتُ أجلس أنا مع دفتر الرسم..أتأمل تفاصيلها وأرسمها.
لكن للأسف كانت مجرد أحلام سخيفة..كلانا عرف أنها مستحيلة ورغم ذلك كنا نحلم دائماً بذلك اليوم..
لا حظت ماري الحزن على وجهه لكنها أحبّت أن تكمل القصة
- أنا في شوق كبير للنهاية السعيدة- أخشى أن يخيب أملك.. فقصتي ليست من ذلك النوع.
نهض ثم بدأ بالمشي بعيداً عنها، فركضت وراءه
- وماذا عن بقية القصة ؟- أخبرك أياها المرة القادمة
- ماذا لو لم يُقدر أن نلتقي مجدداً؟
- تعرفينها من شخص آخر..الجميع يعرف قصتي هنا .وهكذا بدأ بالابتعاد عنها حتى أخفته الشمس .. حتى شمس تينهام تسطع بحدةٍ في وجهها ..ترى لمَ يتجنبها الجميع ؟ .. ماذا عن النهاية؟ أستبقى في شوق لمعرفتها ؟..كيف ستساعدها تلك القصة بحل القضية ؟..
أسئلة كثيرة تدور داخل عقلها .. أسئلة لا متناهية .. ولاأحد يجيب..
![](https://img.wattpad.com/cover/100662086-288-k183063.jpg)
أنت تقرأ
ما وراء عينيكِ | H.S
Fanfictionما وراء عينيكِ كلماتٌ خفيةٌ..أنا وحدي من يستطيعُ قرأتُها . .ما وراء عينكَ أسرارٌ ..وداخل عينيكَ هناك أرى شاطئَ أحلامي. عيناي وعيناك َ، أسطورة ستخلدُها الذكريات . عيناي وعيناكِ قصة لامتناهية . كلحنٍ تعزفه مخيلتي.. كأغنية تُنشدها أفكاري وذكرياتي .ه...