لَحنُ السَّعَادةِ

884 83 13
                                    

كعبها مازال يطرق في أذنيه كأنه لحن ، خيالها مازال مَرسوماً في عقله ، هي كلوحةٍ جميلة لملاكٍ بريءٍ حُفرت في مخيلته .

أسبوع آخر يمر ، بدأت فيه ماري بالتعرف على السكان أكثر ، طرقَ كعبها على كل بقعةٍ من شاطئ تينهام ، و اليوم حان الوقت ليطرق كعبها  منزل إيميليا 

- من الجيد أن تلتقي بأفراد عائلتك بالصدفة

قالت ماري مخاطبة إيميليا وهي تفتح الباب

- لا أظن أنها صدفة ، ما الذي تريدينه الآن ؟

أجابتها إيمي بنبرةٍ تجعل ماري تَنفُر منها ألا أنها أحبّت أن تتعرف أكثر عن ابنة عمتها

- سنتحدث رغماً عن أنفك

قالت ماري بينما كانت تحاول دخول المنزل ، أخذ كعبها يطرق و يطرق حتى وصل إلى غرفةٍ مغلقة حاولت إيمي منعها لكنها تجاهلتها و فتحت باب الغرفة

- أصبحتي لا تطاقين يا فتاة ، من سمح لكِ بالدخول ؟

ابتسمت ماري ثم اقتربت منها و اعتذرت
- لا أعلم ما الذي جذبني نحو تلك الغرفة ، اعتذر عن تصرفي غير اللائق

ماري لم تتوقف عن استخدام تلك الطريقة، فبكلامها اللطيف و ابتسامتها تستطيع الاستحواذ على قلوب الجميع .

خرجت من المنزل تتبع شيء ما ، صوت ما استطاع لفت انتباهها ، موسيقا ! ، لم تعلمْ أن أحدهم قد يمتلك حساً موسيقياً تحت هذه الشمس الكئيبة ، سار كعبهاواخذ يطرق و يطرق بحثاً عن ذلك الصوت ، حتى أصبحت تلك الطرقات نشاذاً مع صوت اللحن الهادئ ، فتوقف العازف لسماع ذلك النشاذ الذي اعتبره لحن .

تتأمل يديه فوق الناي ، يحركها بهدوء ، يضع فتحة الناي قرب شفتيه اللتين صُبغتا بلون الورد  ، لتخرج تلك الأنغام و تدخل أذنيها فتجعلها تقترب لاشعورياً 

- ألحانك الجذابة جعلت روحي في فرحةٍ عارمةٍ
- أكمل المشي أيها الملاك  ، فطرقات كعبُك هي لحنُ سعادتي

جلست قربه و سحبت الناي من بين يديه بخفةٍ دون أن يشعر ، فقد كان مشغولاً بمراقبة عينا الملاك

- لحنك يا هاري جعلني أنسى ما كنتُ أفعله ، أعاد إلي بعض الذكريات والأحلام الجميلة ، أعزف لي يا عازف السعادة

- عيناكِ يا ملاك نُسجتا بعشب تينهام  ، وشعرك بلون تربتها ، أنتِ أحدى أجمل زهراتها .

- تمسكتُ بذلك الحبل المهترئ ، تشبثتُ به بكامل قوتي ، محاولةً ألا أسقط و ها أنتَ ترفعني بألحانك يا عازف السّعادة.

هو ليس بمزاجٍ يساعده على العزف ، لكنه لا يستطيع رفض طلب هذا الملاك ، أستعاد الناي من  يديها ثم أخذ يعزف ما تسميه هي بلحنِ السّعادة .

تراقب حركة شفتيه ، يقرّبهما تارةً و يبعدهما تارةً أخرى ، ويديه يحرّكهما بخفةٍ فوق فجوات الناي ليصنع لها لحن السّعادة ، فتقاطعه هي بسؤالها البريء التلقائي
- علمني العزف ، لعلي أعزفُ لحنَ سعادة أحدهم

فيعيد هو جملته
- أكمل المشي أيها الملاك  ، فطرقات كعبُك هي لحنُ سعادتي

أخذت تُناغم حركة أقدامها مع لحنه ، لتجعله يتوقف و يتأمل تفاصيلها و هي ترقص على لحن سعادتها

- أخبرني أيها الملاك ، ألم تستطع حل قضيتك بعد ؟
سألها هاري ببراءة
-لا يا هاري ، فذلك الحبل كان مهترئ كفاية ليجعلني أسقط وأدور في دوامةٍ لا تنتهي

- وهل بإمكاني المساعدة ؟

سألها وهو مازال يراقب عينيها لتجيبه بكلماتها الرقيقة و طلبها البسيط

- أعزف لي ، و اصنع لحن سعادتي يا عازف السعادة

مازال لا يرغب في العزف ، لكنه يرغب برؤيتها سعيدة ، وهو وحده من يستطيع عزف لحن سعادتها فيمسك النّاي مجدداً لتنتشي هي طرباً بألحانه العذبة ، وعشقاً ليديه الساحرتين ، و شفتيه المصبوغتين بلون أزهار تينهام .

ما وراء عينيكِ | H.Sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن