لم تفهم إلى ما يلمح لكن شيء ما بداخلها جعل قدماها تتبعه وتتبعه حتى وصلا الى أول منزل طرق كعبها فيه تحت هذه الشمس الكئيبة ، على بعد ثلاثة امتار و قف رجلان و على ما يبدو كانا يتشاجران ، ترك هاري يدها وأقترب منهما محاولاً إثارة الهدوء بينهما ، ولكن مهلاً، فالرجل الأول كان خال هاري أما الثاني كان والدها !.
هل تقترب و تسلّم عليه ؟ ، لا فهي لا ترغب برؤيته ، لكن هاري يفعل .
أمسك بيدها وقادها نحو والدها .
ابتسم لها و مدّ يده ليصافحها لكنها أبعدت يدها و ردّت ساخرة:
- ها أنتَ هنا سيد باوند ، شكراً لاهتمامك بي ، يخجل لساني عن مناداتك بأبي .
- كبُرت فتاتي الصغيرة ، باتت تفهم ما يدور حولها ، أوه ولديكي ملامح والدتك أيضاً .
- أجل و كأنك تهتم
قالت ثم استدارت لتعود لكنه أمسك بيدها و قرّبها نحوه .- لدي بعض الوقت لنتعرف أكثر ، إذا أحببتي .
- أما انا فلا ! عندي ماهو أهم من نبش الماضي
- و ماهو ؟
- النبش في ماضي آخر ! .
اقترب منهما هاري ليشاركهما الحديث :
- أوليس الماضي واحد يا ماري ؟
ابتسمت ثم اقتربت من هاري وبدأت توضِحُ له أن لكل منا ماضيه الخاص ، و ان الماضي هو أحد أسباب الحاضر ، و ان كل شخص في هذا الكون هو بطل ماضيه و حاضره و مستقبله ثم انهت حديثها بجملتها :
- الماضي هو صانع المستقبل .
يبدو أن هاري لم يقتنع بكلامها .
ماري ليست في ماضيه ، ماري هي حاضره و مستقبله ، إذاً فالماضي لا يعني له شيئاً ، سوى بعض الذكريات التي يُستَحال نسيانها .
- الماضي شيء قد انتهى .
رد هاري باسلوب بسيط ، جعلها ترد عليه بالجملة نفسها :
- الماضي هو صانع المستقبل .
قاطع حديثهما صوت والدته الذي جاء من أعلى النافذة وهي تنادي عليه ، ثم ابتسمت له وارسلت له قبلة من الأعلى مما جعل ماري تعقد حاجبيها وتنظر لوالدها ثم تنطق ببعض كلمات اللوم :
-أنتَ السبب في كل شيء ! .
أظنتْ أن ضميره سيؤنبه على ترك فتاته الصغيرة؟ ، من الأصل لا يملك ضميراً حتى يؤنبه !.
بعد فترة قصيرة عاد هاري وقد بدى لها أنه سعيد ، فأحبّت معرفة سبب سعادته ، فيجيبها هو بكلمة واحدة:
- أمي .
ابتسمت له ، لكن بمجرد نظره داخل عينيها عرف أنها لم تكن سعيدة ، ربما لأنها لا تملك أم .
- أتحبينها ؟ . سألها هاري- أشتاق إليها . ردت ماري عليه من غير أن تظهر حزنها .
- ألم تنسها ؟ كيف لكِ أن تحبي شخصاً ترككِ ؟ سألها لتجيب بثبات :
- لم تتركني بإرادتها ، وأنني متأكدة إن كان الأمر بيدها لعاشت معي مليون عام من غير ملل ، لكن بالنهاية لسنا من يكتب قصصنا .
عرفتْ أن والدها كان يستمع إلى حديثهما ، فبدأت ترسل له نظرات اللوم الغاضبة .
و رغم أنها أجابته بثبات من غير أن تظهر حزنها ، إلا أنه بمجرد النظر إلى ما وراء عينيها عرف أنها تحبذ تغير فكرة الحديث ، لكنه أحبّ أن يثبت لها فكرته عن الماضي .
- أرأيتي ؟ ، الماضي ليس بالهام ، ليس سوى بعض الذكريات المزعجة .
كلامه يغضبها بعض الشيء ، استهتاره ولامبالاته بماضيه يجعلها تغير رأيها به ، لكنها أحبّت استفزازه قليلاً ، اقتربت منه وتمتمت :
- يوماً ما ، ستكون أنت أحدى هذه الذكريات المزعجة يا هاري .
حسناً، يبدو أنها نجحت باستفزازه ولو قليلاً .
هو يرى بها المستقبل بينما هي تودُّ جعله أحدى ذكرياتها المزعجة .
ماري لا ترى هاري كما يراها ، ماري لا يمكن أن تحبّ من النظرة الأولى و خصوصاً انها تعتقد بأن الحب مجرد لعبة سخيفة .
هو يريدها أن تكون مستقبله لكنها تريده كذكرة صغيرة فقط .هي تحب ألحانه ، بينما هو يحب عينيها .
لا مهلاً ، فهو لا يحبها لمجرد كونها تمتلك لون العشب في عينيها ، لكنه لا يعلم لمَ يحبها ، ربما لأنها تعطيه بعض من جرعات الأمل تحت شمس تينهام الكئيبة.
مشتْ خطوتين إلى الأمام ثم اقتربت من والدها لكن حروفه سبقت حروفها :
- قد لا نلتقي مجدداً . قال هو ينظر إليها
- سأعمل جاهدةً حتى لا نفعل ! . أجابته بنربة استفزاز ، ثم أكملت طريقها في البحث عن الماضي .
أقترب هاري منه و بادره السؤال :
- لمَ تكرهكَ ؟
فيجيب بنبرة اللامبالاة :
- أسئلها في المرة القادمة .
كل حدث حصل مهم لها ، الماضي مهم لها .
بينما الماضي لا يعني له سوى بعض الذكريات .
بعض الناس تركوا الماضي ورائهم غير آبيهين به ، نحو مستقبل أفضل .
بعضهم فشل و لكن الكثير منهم استطاعوا تحقيق أهدافهم .
وهذا ما يحاول هاري توضيحه لها .
أنت تقرأ
ما وراء عينيكِ | H.S
Fanfictionما وراء عينيكِ كلماتٌ خفيةٌ..أنا وحدي من يستطيعُ قرأتُها . .ما وراء عينكَ أسرارٌ ..وداخل عينيكَ هناك أرى شاطئَ أحلامي. عيناي وعيناك َ، أسطورة ستخلدُها الذكريات . عيناي وعيناكِ قصة لامتناهية . كلحنٍ تعزفه مخيلتي.. كأغنية تُنشدها أفكاري وذكرياتي .ه...