موت ..

1.4K 38 2
                                    

شهر ؟ يا ترى كيف مر عليه ؟
مر شهر تقريبا على موت اﻷخ مهدي، كانت يداي إثر كل حدث تفر نحو القلم لتنسج كلمات تعبر عما بجوفي ... لكن إثر هذا الحدث ما فرت نحوه إلا بعد شهر ... لأن العقل لم يستوعب الموضوع ... صدمة تلقيناها جميعا، لست الوحيدة، هذا حال كل قريب و بعيد ... شاب في عمر الزهور كان أمس بيننا و اليوم هو تحت التراب ...
ما عسانا نقول أو نكتب ؟ ذلك الشعور زرع في جوفي احاسيس متداخلة، تشمل حزنا، صدمة، فرحا، شوقا، حبا ... دموع تنهمر واحدة تلو الأخرى، لأي سبب هي ؟ أحزنا لموته ؟ أم خوفا من الوقوف بين يدي الله، ذلك الرب الرحيم الذي ما قدمنا شيء للقياه ؟ أم فرحا بلقاء الله، و أي فرحة أحلى و أعذب على قلب المؤمن من لقاء ربه الحبيب ؟ عساها امتصت كل أحاسيسي و ذرفتها على وجنتي ...
عل في الصدمة خير ... فللكلمات بعد مدة حديث مع العقل لا مع القلب ... دعونا نستفيق يا إخوة، دعونا نترك عاداتنا السيئة، دعونا نطلق المحرمات طلاق الثلات، دون عودة و لا حتى التفاتة للوراء ...
{الموت} ما أفجع و ما أعظم هذه الكلمة، كلمة مزقت القلوب، كلمة تذكرنا أنها أقرب إلينا من أنفاسنا ! صدقني ! هي أقرب بكثييير مما تتخيل أنت الآن ! قد تعتريك في هذه اللحظة، بعد ساعة، بعد أسبوع، أو بعد شهر حتى ... ماذا قدمت ؟ ماذا أعددت للقاء ؟ لقاء الحبيب، هل هناك من يلقى حبيبه أول مرة بأيدي فارغة، لا بل أكثر، يلقاه بما يكره ! و إن سألك، بماذا عساك تجيب ؟ "كنت أعيش حياتي" ... كيف لإنسان أن يعيش حياته بعيدا عن حبيبه ؟ و هل تحلو الحياة أصلا بعيدا عمن نحب ؟ كلام غير منطقي ... نزعم أننا نحب الله ... لكن صدقا ما قدما شيء لله !
ألا تحبه ؟ مستحيل ... معناها عندنا معادلة بسيطة ! رب العزة يقول لسيدنا داوود عليه السلام : يا داوود بشر المذنبين و أنذر الصديقين .. فاستغرب سيدنا داوود .. بشر المذنبين أنني لا يتعاظمني ذنب أغفره و أنذر الصديقين ألا يعجبو بأعمالهم فإني ما وضعت حسابي على أحد قط إلا هلك ... يا داوود إن كنت تزعم أنك تحبني فأخرج حب الدنيا من قلبك، فحبي و حبها لا يجتمعان في قلب واحد !
بسيطة جدا، تحبه أخرج حب الدنيا من قلبك و صدقني ستأتيك طوعا مكرها !
صدقني .. أنت لا تستغل حياتك أنت تضيعها ! قسما برب السماوات و الأرض ما شهدت قط سعادة و لا طمأنينة بقدر السعادة بقرب الله ... جنة في الدنيا هي، سبقت جنة الآخرة ...
مهدي لو كان بإمكانه أن يعود اليوم بيننا لترك كل الذنوب، لا أقصد بكلماتي الإساءة إليه ... لكن من منا يخلوا من الذنوب ؟ شيء عادي ! لو كان بإمكانه الرجوع ... صدقني صدقني لفرش سجادته و بكى، لاقترب كل يوم أكثر، لترك كل عادة لا ترضي الله و لو كلفه ذلك حياته لأنه سيعلم حينها أن الدنيا فعلا لا تسواي عند الله و لو جناح بعوضة ! أتعلمين يا أختي رف ثيابك المليء بالثياب التي لا ترضي الله و التي تخرجين بها أمام الملء فتفنين أخاك ... عارفة مكياجك ... صديقاتك ... سهرات خروجات سفر سيارات بيوت ... كل هذا لا يساوي عند الله حتى جناح بعوضة !
و أنت أخي ... السجائر ... أعراض الناس التي تنتهك من خلال بناتهم ... صحوبيات ... كل تلك اللذات التي خطرت على بالك لا تساوي حتى جناح بعوضة !
فبالله عليكم أنبيع قصرا مقابل جناح بعوضة ؟! فكيف نبيع الجنة مقابل الدنيا !
تريدون إسعاده ؟ اجعلوه سبب هدايتكم ! يا رب موته كان صحوة لنا، فاجعل هديتنا في ميزان حسناته ! الأمر جد بسيط ... يشتطلب فقط تنقية القلب من الذنوب، كل يوم قبل أن تنام صل ركعتي توبة و استغفر ربك من كل ذنوب يومك و تمسك بالدعاء ... رب اهدني رب اهدني رب اهدني ! فقط لا أقل و لا أكثر ... سترى كيف سيحيى قلبك مع الوقت ...

كتاباتي ❄ (مقالات دينية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن