إياك أن تتزوجيه !

434 20 3
                                    

أخَيَّتي الحبيبة، إن كنتِ ذات دين، ربما يتقدم لخبطتك رجل، لا يريدك لدينك، لكِ ولشخصك، سيتقدم إليك لمجرد أنه مَلَّ من الفتيات اللاتي صاحَبَهن، اللاتي أتَينَه بسهولة، واللاتي استَيقَنَ أنهن لسن أهلاً للثقة ولحفظ وصون العرض؛ فيتقدم إليكِ أنتِ لأنك وبكل بساطة لن تخونيه، ومعكِ سيرتاح له البال. والأصل أن هذه من المعايير التي من أجلها يتقدم الرجل لخطبة امرأة معينة، وهي معايير مقبولة، بل إنه من المفرح أن يتقدم إليك أحدهم لأنه وجد فيكِ الإنسانة التي يستطيع أن يستأمنها على بيتَه؛ ولكن، هذا المعيار يكون مقبولاً حينَ يُقَيِّمُه الرجل، حينَ يتقدم إليك لدينك ويعطيكِ قيمَةً، لدينك ولأخلاقك ولكلك، لك أنتِ بكل ما فيك، لا لمجرد أنه مَلَّ من سهلات المنال لهذا اتَّجَه إليكِ أنت، ولا تجدين فيه أدنى ندم على ما مضى. وهنا طبعاً لا أتكلم عن الرجل الذي صاحب في الماضي ثم تاب إلى الله، نوى أن يفتح صفحة جديدة في حياته وتقدم إليكِ ليعيش معك تحت رضى الرحمن؛ أتكلم عمن لا يشكل الدين ولو أبسط جزء من تفكيره، ولا يريد أصلا أن يطبق التشريعات الدينية في بيته، يريد فقط زوجة متدينة لكي يطمئن باله، فقد تعود على الفتيات اللاتي يخُنن أهلهن بالغيب، فلم يعد يثق فيهن واتجه نحوك.
هذا النوع، إياكِ ثم إياكِ أن تتزوجيه.
ستجدينه يخبرك أنه يريد الدين أيضا، رغم أن تصرفاته لا تدل على ذلك أبداً، لكنه يقول ذلك ليؤثر فيكِ ويقنعك حتى توافقي.
ستشعرين أنه غير صادق، لا تشكي أبدا في شعورك وإحساسك، فالصدق بَيِّن، والكذب كذلك؛ ثم إن الأفعال أقوى دليل على صدق المرأ أو كذبه.
أحذرك أختي، إن كنتِ من النوع الذي يريد أن يعيش حياته بما يرضي الله، يقف عند الحرام، ويؤدي الواجبات؛ فهذا النوع خطر على دينك وعليك، هو يريد أن يعيش حياته بالطول وبالعرض، ستكونين دائما تلك المخلوقة المتشددة التي تُصَعِّب عليه حياته.
ثم أعطيكِ دليلا، تتأكدين به إن كان فعلاً يريد أن يعيش بالدين أو لا؛ ستخبرينه عن ضوابط الخطوبة، وضوابط علاقتك معه كرجل غريب (لا خروج معا لوحدكما، لا اتصالات، لا كلام معسول، الخ..)، ستجدينه يستثقلها كأنه سيحمل جبلا على كتفيه، سيتمرد ويخلق آلاف الحُجَج والأعذار، ويخبرك أنه لا سبيل للتعارف بينكما إلا إن جلستما وخرجتما لوحدكما، أو تكلمتما في الهاتف بالساعات .. لن يتقبلها أبدا.
واعلَمِّي، أن الرجل التقي يظهر في هذه الفترة، فترة الخطوبة، أصعب فترة يستطيع الإنسان أن يضبط نفسه فيها؛ ثم نعم الإنسان يخطئ ويصيب، تستطيعين أن تتجاوزي بعض "الزلات" "البسيطة"، والتي ترين بعدها أن الطرف الآخر قد ندم عليها وقد تراجع عنها، ولم يتمادى ويصر عليها؛ أما أن تريه يتمادى ولا يعترف أصلا بخطئه، وترين ما هو بَيِّن، وما يدل فعلا على أنه لا يريد هذا السبيل إنما فقط يمثل الدور، ثم تتجاوزين تلك الأمور وتتناسيها وتخلقين له الأعذار في كل مرة، فأنت تخدعين نفسك فقط.

لا تتزوجي، من اتَّجَه للزواج لمجرد أنه ملُّ من الحرام ومن مصاحبة الفتيات، من يمَل الحرام اليوم يشتَاقُه غداً .. من لا يترك الحرام لأنه حرام، ولأنه يُغضِب الله ولا يُرضيه، يعود إليه مهما طال الزمن، لأنه بالنسبة إليه شيء عادي لا ضير فيه، فلا حرج أن يعود إليه بعد مدة، ولو عاد بشكل مخفف غير ملحوظ .. من لا يترك المصاحبة لأنها محرمة، لا تأمنيه أبداً؛ حتى وإن تزوج، فالزواج قال فيه حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " أغَضُّ للبصر وأحصَن للفرج"، لم يقل إن الزواج هو السبب لغض البصر والتحصين، وأنه هو من يضمن ذلك؛ إنما الزواج يعين على ذلك، يزيد من القدرة على غض البصر والتحصين، بمعنى أنه في الأصل يكون الشخص غاضاً لبصره ومحصنا لنفسه ومبتعدا عن الحرام، ثم يأتي الزواج ليُسَهِّل عليه الأمر أكثر، ف "أغض" في اللغة تعني "أكثر غضاَّ" و "أحصن" تعني "أكثر حصنا"؛ فإن لم يكن هناك غض للبصر وتحصين للنفس في الأساس، فالزواج لن ينفع المرأ في شيء.
لهذا لا تصدقي من يقول لك، "تزوجي من عاش حياته، وشبع من الحرام، يكون قد ملَّه فلا يعود إليه بعدها" .. هذه القاعدة لا أساس لها من الصواب.

ثم انسي موضوع "يتغير بعد الزواج"، لا يا حبيبتي، إما أن يأتيك متغيراً، أو لا يأتي أصلا، لا شأن لنا به. من يضمن لك أنه سيتوب بعد الزواج ؟ هل الهداية بيدكِ أنت ؟
نعم لا أقول لك لا تعينيه، ولا أقول لك لا تقبلي إلا بحامل كتاب الله الذي يصلي بالناس ويحفظ المتون ويطلب العلم إلخ.. تماشَي مع الواقع نعم، ولكن هذا لا يعني أن تتنازلي عن الأصول والأساسيات .. على الأقل، الإنسان يؤدي فرائضه، يبتعد عن الكبائر ويجتنب الصغائر ما استطاع، حتى وإن كان يقع فيها كثيرا، لكن على الأقل تشعرين أن لديه حرقة على ما هو عليه، تشعرين بصِدقِه.. أما جماعة " الله يهدينا" وهم لا يتحركون ولا يقومون بأي مجهود سعياً للهداية، فلا تضيعي وقتك معهم.

المهم، كوني حريصة جدا في اختيارك، ولا تتنازلي عن الدين والخلق أبدا.
الإحساس الذي يعتَريكِ، تمَهَّلي، وأعطيه فرصة، فإن اعتراك تجاهه نفس الإحساس مرة أخرى، فلا تكذبي إحساسك أبداً (أقصد الإحساس السلبي)، أما الإيجابي فاستَمري في التأكد منه إلى أن يتم العقد بإذن الله.
لا تتسرعي لمجرد رغبتك في الزواج.
لا تتزوجي من يراك متشددة.
اعلَمي أن الدعاء هو الحل الوحيد الذي بيدك، وأنه مهما جلست مع الخاطب، وظننت أنكِ تعرفينه وتعرفينه جيداً، فأنت لا تعرفين عنه شيء، ستتعرفين عليه، على حقيقته بعد الزواج فقط، فلا تستَحِلِّي الحرام وتقبلي الخروج والكلام معه بدافع التعارف .. لن تعرفي شيئا.
الله سبحانه الوحيد، العليم إن كان هذا الشخص هو المناسب لك أم لا، مهما ظهر لك أنه مناسب أو أنه غير مناسب، لا تعلمين ما هو قادم مستقبلاً، فاستَخيري من له علم الغيب وسلِّميه أمرَك، لن يُخَيِّبك أبداً، سيكون اختياره لك الاختيار الأنسب، لا يعتَرِيَنَّك أبدا شكٌّ في ذلك.
وأخيراً، بعد التوكل على الله، وصلاة ودعاء الاستخارة، أنصحك بالدعاء الذي أتسَلَّح به دائما، "اللهم إن كان سيفتنني في ديني، فأبعده عني كما باعدت بين الأرض والسماء" .. هذا الدعاء، لا تردديه فقط عندما يتقدم إليك "من لا تظهر عليه مظاهر التدين"، إنما حتى من تظهر عليه، حتى ذاك الملتحي الذي تظهر منه الصلاة والعبادة، أنت لا تعرفين من منهم قد يفتنك في دينك؛ قد يكون أكثر حرصاً على دينه منكِ، ولاتستطيعين أنت أن تسايري معه، فتتعبين ثم تتخلين عن الكلية، أو قد يكون باطنه مخالف لظاهره.

تذكَّري دائماً، أنتِ لا تعلمين شيئا، الله وحدَه العليم بما هو خير لك، فسلِّميه أمرَك واطمئِنِّي.
#مها_الدرقاوي

كتاباتي ❄ (مقالات دينية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن