الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا

270 20 2
                                    

أتكَلَّف أحيانا بإحضار أخي الصغير لهذا المكان بغية تعلُّم السباحة، ذلك عندما أرى أمي أو أبي متعبين فأفضل أن أذهب أنا وأريحهما

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

أتكَلَّف أحيانا بإحضار أخي الصغير لهذا المكان بغية تعلُّم السباحة، ذلك عندما أرى أمي أو أبي متعبين فأفضل أن أذهب أنا وأريحهما. (للإشارة، المسبح للأطفال فقط، لا للكبار، والحالات التي سأتكلم عنها هم أولياء أمور الأطفال الذين يجلسون لانتظار أطفالهم، لا يأتون للسباحة إنما لحراصة أطفالهم)
وسبحان الله، هذا المكان يستقطب ناس من مستوى اجتماعي مرموق، متوسط، وبسيط؛ وأسرَح متأملة في اختلافات الناس، لأني أقعد ساعة منتظرة أن ينهي أخي الحصة؛ وصراحة أسرح غالبا في حال النساء، وما أحدَثنَه في لباسهن وتصرفاتهن وأفكارهن الخ ..
فهذه متبرجة تكشف أكثر مما تستر، وهذه أخرى تسدل شعرها وراء ظهرها وتلبس القصير الضيِّق، وهي والله أقل ما أستطيع أن أناديها به هو "جدَّتي" وهي تحاول جاهدة إخفاء التجاعيد بالمكياج وتسريحة الشعر، وتشعرين أنها تَبغي منافسة الشابة ومضاهاتها جمالا؛ وأجد أيضا أنواعاً وأشكالا من الحجاب لا تعد ولا تحصى، منها ما هو شرعي، ومنها من إذا ألحقناه بالحجاب كان عاراً على كلمة الحجاب وعبادة الحجاب.
أرى كل واحدة تحاول منافسة الأخرى، ولا واحدة منهن ترضى أن تكون بسيطة، عادية، كلهن يسعين لإثبات جمالهن، وإثبات غِناهُن؛ حتى تلك الفقيرة التي اقتَصَدَت وجمعت المال لمدة طويلة حتى تستطيع أن تسجل ابنها في المعهد، تجدها تُميل مشيتها وتُعلي رأسها بشكل غريب -بشكل أراه مضحك أنا شخصيا- حتى تُظهِر أنها من طبقة مرموقة أو لا أدري ما الأفكار التي تدور في رأسها وتترجِمها هي بمشيتها الغريبة تلك..
وأنا شخصيا، يضيق صدري في مثل هذه الأماكن والأوساط، وسط كله مباهاة، وتكبُّر، عرض للأزياء، وافتخار بالمال والجاه والجمال .. مكان كله مظاهر، لا مجال للروح فيه؛ خصوصا عندما أمر بحجابي البسيط بينهم، وتبقى الأنظار مصَوَّبة نحوي ههه يضحكونني بصراحة، ينظرون إلي بنظرة شفقة، ربما لأني كما يظنون، قتلت شبابي في هذا الحجاب، أو لأني لا ألبس الماركات التي يتباهون بها والتي بالنسبة لهم هي من تحدد قيمتي، هه أمر مضحك فعلاً..

وأتذَكَّر قوله تعالى : {وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} سورة الفرقان.
هوناً أي : بالحلم والسكينة والوقار غير مستكبرين, ولا متجبرين, ولا ساعين فيها بالفساد ومعاصي الله.
أينَهم من هذه الآية ؟ أين هي الأمة من هذه الآية، بعد أن أصبحت أسمى غاياتهم المظاهر والاستكبار والتجبر بالجاه والأموال والجمال.
نسأل الله أن يشفي صدورنا وصدورهم من هذه الآفات التي تميت القلب، وأن يقينا هذه الفتن وأن يثبت قلوبنا، وأن يجعلنا من البسطاء الهَيِّنون اللَّيِّنون، وأن يخرج حب الدنيا من قلوبنا.
سبحانك اللهم وبحمد نشهد ألا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

كتاباتي ❄ (مقالات دينية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن