سنتطرق إن شاء الله تعالى لموضوع التعدد في بضعة مقالات؛ وأحب أن أنبه لبعض النقط قبل نشر المقال الأول.
- عندنا تتكلم امرأة عن التعدد يحسبها الناس وصلت لحد كبير جدا من الورع والتدين والثبات، ويحسنون الظن بها كثيرا؛ فأحب أن أقول أنني إنسانة عادية جدا، تخطئ وتصيب، وأني شبه متيقنة في أني ربما أسوءكم وأكثركم إذنابا، وأني لست بالصلاح الذي تظنون فلا تضعوني في غير منزلتي.
- عندما تتكلم فتاة غير متزوجة عن موضوع التعدد، قد ينزغ الشيطان في قلوب البعض ويجعلهم يسيؤون الظن ويظنونها ما كتبت ذلك إلا لتجذب إليها الرجال، أو أنها تحاول أن تعرض نفسها عليهم بشكل غير مباشر؛ وهذا غير صحيح، فنحن نكتب لأنه جزء من الشرع وجب الدفاع عنه كما ندافع على بقية الأمور في شرعنا.
- هذا الموضوع كنت أنوي الكتابة فيه منذ زمن، وكان يمنعني عنه كسلي غفر الله لي؛ ثم بعضاً من التردد من أن تُطلق علي بعض الظنون السيئة، وهناك سبب آخر وهو مضحك بصراحة ستفهمني فيه النساء :)، ولم ألُم نفسي فيه لأني عندما بعثت المقال لإحدى صديقاتي قالت نفس النقطة، فهذه فطرة فينا نحن النساء لستُ مختصة بها وحدي :). أنه إن صار وتزوجت مستقبلا، قد تكون كتابتي عن الموضوع حجة علي ودريعة لزوجي في أن يتشجع على أخذ الخطوة أكثر مما إن كان لا يعرف موقفي، أو كنت لم أكتب عن الموضوع ودافعت عنه.
لكن هناك أمرين اثنين جعلاني أتشجع لأخذ الخطوة، أولها أنه، إن كنت أنا الآن غلبتني نفسي، وخِفت من شيء قد يحصل أو قد لا يحصل أصلا مستقبلا، وجعلني هذا أُعرض عن قول الحق، فكيف سيكون حالي عندما أتعرض لموقف صعب، أتأذى فيه فعلا من أجل كلمة حق علي أن ألقيها؟ هل سأثبت؟ إن كنت في هذا الأمر البسيط خفت وتراجعت وآثرت السكوت عن قول الحق، فكيف بالأمور الأخرى؟
ومالي أقضي وقتي في لوم العلماء على سكوتهم أو على ركونهم للظلمة، وأنا حتى هذا الأمر البسيط ما استطعت أن أتشجع وأعترف به ؟ أي تناقض هذا..
هذه النقطة بالذات جعلتني أراجع نفسي وأقف معها، وأصحو من غفلتي -وقد يقول البعض أنك أنت غير مكلفة ولا مسؤولة، هذا مسؤول عنه العلماء. وهذا صحيح لا أقول ضده، لكني أؤمن بأن من تغلبه نفسه ويخاف من هكذا أمور بسيطة، سيبقى دائما متخوفا، ويبقى دائما صامتا، ولن يرتقي يوما لأن يكون ممن ينهضون بهذه الأمة، ولا أحب لنفسي الدون.-
ثاني نقطة وهي أن هذه مكاتيب وأقدار تسري، فإن كان مقدورا علي أن أُبتلى في هذا الأمر فسأُبتلى به حتى وإن امتنعت عن الكتابة، وحتى وإن اشترطت ذلك وفعلت ما فعلت، فإنه لا يغني الحذر من القدر؛ وإن كان من نصيبي أن يمنع الله عني شر هذا الابتلاء، فحتى لو كتبت، ولو تزوجت رجلا يهلوس بالتعدد، لن يحصل هذا لأن الله لم يأذن به. وبالتالي فلا داعي للتفكير فيما سيترتب، أو فيما سيحصل مستقبلا، لأنه مكتوب أصلا، ولكن يجب التفكير فيما هو واجبنا، وما علينا أن نفعل لنتقرب إلى الله ونصلح علاقتنا به عز وجل.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : " يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ ".
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
حكم الحديث: صحيح- وأخيرا، أُقر وأعترف أني كفتاة عزباء لم يستوطن قلبها أي رجل، ولا عاشرت رجلا ولا أحبت ولا تعلقت بأحد؛ يسهل علي التكلم في الموضوع والتسليم إليه واتخاذ موقف محايد فيه؛ وأنه ربما لو كنت ذات زوج لما تشجعت على قول هذا، ولربما أثرت في عاطفتي التي جُبلت عليها، فكما يقول المثل "الجالس على الشط يجيد السباحة"؛ لكن هذا ما أراه حقا، وهذا ما يجب أن يكون أيا كان وضعي، لأنه شرع الله. وإن كنت أقر أن الواقع صعب.
نسأل الله التوفيق والسداد.
اللهم ألهمني رشدي وقِني شر نفسي.
#التعدد_بين_النفس_والتسليم
أنت تقرأ
كتاباتي ❄ (مقالات دينية)
Spiritualitéمجرد خواطر .. تهمس بها أنفاسي لترتاح من عثرات الدنيا و أوساخها .. لاجئة نحو ربها .. تناجيه أن يقربها .. مجموعة كتاباتي ? عن الدين عن الحب عن الشوق عن الأمل عن السجود عن الطموح لكن بشكل عام .. عني ❤