15- الرسول الجديد

85 7 1
                                    

بدأ الرسول "بوروس" يباشر مهام عمله السري كجاسوس لدى قلعة الفرس. كان يُسلم الإمبراطور الفارسي الرسالة التي إتفق عليها كُلاً من الملكين, "فيليب الثاني" و"بيلوس".

وبدأ "داريوس الثالث" القراءة بعينيه:

التحية لسليل أباطرة الأخمينيين العظام وبعد.

وصلتني رسالتك فها أنا أرد عليها. بعد المشاورة قررنا نحن أن نعطيكم الفرصة ونمهلكم إسبوعا واحدا فحسبً للخروج من إمبراطوريتكم. وشكراً على حسن ضيافتك لرسولي.

تحية من مجلس الحرب

كان "بوروس" يرمق الإمبراطور قبل مغادرته بنظرات من ينتوي على فعل شيء غير مفهوم. وكالعادة، أخذ "بوروس" الصندوق الجديد عند الأطلال، لكن هذه المرة لم يدفنه، بل أخرج الصندوق الآخر وربطهما معاً على ظهر جواده وإرتحل بهما إلى ميناء "بافلاجونيا" حيث ساحل البحر الأسود، وإنتظر هناك يوماُ.

إنتظر غلاماً أتى له بأمتعته وأغراضه من خيمته بمعسكر الجيش الإيجي، وفي المقابل أعطاه رسالة، وأمره بأن يسلمها إلى سيده الملك "فيليب" وأعوانه، هكذا سمانا، ثم صعد على متن سفينة تبحر في طريقها من البحر الأسود وترتحل بعيداً عمن في نهر "جرانيكوس" من الأساطيل، ثم تفلت من المضيق حيث البحر الإيجي واصلاً حتى ميناء "بيللا" المقدوني. وهناك وجد زوجته وأولاده ينتظرونه حسبما إتفق معهم في رسالته السرية المبعوثة إليهم إبان الأسابيع الماضية، وذلك ليأخذهم ويرحل بهم بعيداً عن مرأى العالم الإيجي بالكامل. أما الغلام، فقد توجه على جواد الرسول "بوروس" واصلاً إلى معسكرات الجيوش الإيجية. فسمعت وصديقي غمغمات الجنود وهي تعلو: «أليس هذا جواد الرسول بوروس؟»

فلما لاحظناه متجهاً صوب خيمة الملكين طالباً الإذن بالدخول، تبعناه ودخلنا الخيمة من بعده. رأيناه يسلم الملكين رسالة من "بوروس" نفسه. قرأها الملك "فيليب" بعينه، وما أن إنتهى منها حط بثقله على عرشه والصدمة تَصدُع برأسه.

هرول إليه "الإسكندر" لهفة ليسمعه مهلوساً: «لقد خانني!.. أنا الملك.. الملك فيليب ملك مقدونيا.. يخونني رسولي.. من أجل حفنة ذهب!» ثم فقد الوعي أمام صراخ ولده وذهولي وأبي الملك!

©©©

وُضع الملك على فراشه ولازال غائباً، بينما أخذت الرسالة وقرأتها بصوتٍ عالي ليسمعها "الإسكندر" ونحن نختبيء من عواصف الرمال داخل خيمتنا:

أنا بوروس، رسولك أيها الملك العظيم، الذي عاش في كنفك طوال حياته الفقيرة... عملت في خدمتك بإخلاص وكنت ولازلت فقيراً... المعذرة سيدي الملك، لقد تعاونت مع الإمبراطور فمنحني ذهباً لم يدخل داري منه شيء في عهدك... سأعيش وأغدق به على نفسي وأسرتي... سأغدق به على أولادي الذين حرموا من متعة الدنيا وملذة الحياة منذ أن ولدا... المعذرة يا مولاي الملك، فهذه هي المصالح، ومصلحتي هي مصلحة بيتي وأهلي... أعلم جيداً أني سأموت، لكني لا أبالي سوى لأهلي... أما داريوس فكن مستعداً لمواجهته، ولا تخشى منه.

ملوك قبل الميلاد (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن