34- في ضيافة آتون

107 4 0
                                    

لم أجد طريقة أخبر من خلالها "الإسكندر" بخبر رحيلها.. فضلت ألا أرتبك وأقول ما عندي دون تردد.. «بياركا ليست هنا.»

إنتبه "الإسكندر" قائلاً: «ماذا تعني؟!.. أتعني أنها في مكان آخر؟»

«لا أليكسندر.. أنا لا أعلم أين هي؟»

تبدل وجه "الإسكندر": «لا أفهم!.. ماذا تعني يا أخيل؟ ماذا تخفي عني؟ هل أصابها ثمة مكروه؟»

جاءت والدتي مرحبة بالملك راسمة ابتسامتها الأمومية الرقيقة على وجهها الذي لازال محتفظاً برونقه رغم كبر سنها.. قالت: «أهلاً بك ومرحباً في مدينتنا أيها الملك؟»

رحب بها "الإسكندر" محاولاً التبسم بلطف: «لا يا أماه، أنا مثل أخي إنسان وليس ملك.. أريدك أن تعامليني كما عهدت منك يا أمي.»

وضعت يدها على خده قائلة: «كعادتك أنت طيب القلب أيها الإسكندر، ولكم يسعدني وجودك بيننا يا بني.»

كمن يفتقد روح الأمومة في نفسه: «أشكرك يا أمي..» لكم وددت أن تعاملني أمي بهذا الحنان.. هكذا همست له نفسه.. تابع وهو يلمز بعينيه ناحيتي: «فأنتِ أول من رحب بي في هذا المنزل.»

«أولم يرحب بك أخيل بعد؟»

«إنه هكذا كما ترين منذ مجيئي، مهموماً حزين الوجه، بالكاد يبتسم.. لم ينطق معي إلا بكلمات قليلة.. أخبريني يا أمي ماذا حل به فهو لم يعد يخبرني بشيء؟»

بدت كلماتها مرتبكة: «أنت تعلم ولدي أخيل.. لا يطيق الإبتعاد عن ميدان المعركة.» وأضافت بعض الكلمات كانت في فحواها معانٍ موجهةٌ إلي: «كما أنه لا يتحدث كثيراً عن بعض من خصوصيات حياته، يكتمها في نفسه ويخفيها حتى عني.»

قال: «لكنه لن يخفيها عني وأنا متأكد أنه سيفضي بها إلي.»

قلت: «ليس الأن أيها الإسكندر.. إسترح أولاً ثم الثرثرة لاحقاً.»

تجلت الحيرة على وجه "الإسكندر": «لا يا أمي، فأنا لن أرتاح قبل أن أرى زوجتي بياركا.. أرجوكما أخبراني الحقيقة، أين هي؟ فأخيل دس القلق في صدري..»

تبادلت مع أمي النظرات أمام غضب "الإسكندر".. «ما بالكما تنظران إلى بعضكما البعض؟.. ماذا بكما لا تتحدثان؟.. ماذا حدث لها؟»

قررت أمي أن تعترف له في هدوء: «لقد هربت يا ولدي.»

صدمته الكلمة: «هربت ؟!.. وكيف هربت؟ لماذا؟»

قالت: «إستيقظنا في ذلك الصباح ولم نجدها بالمنزل.. كلفت بعض من رجالنا المقربين بمساعدة بعض من أهل المدينة للبحث عنها.. وإلى الآن لم يعثر عليها أحد.».. لجأت للطريق المختصر.. الكذب.

تمتم سائلاً نفسه وكأنه المسئول عن هروبها: «لماذا هربت؟.. ألهذا الحد تكرهني؟» وإلينا: «لماذا هربت؟ ألم تخبرها بمجيئي يا أخيل؟»

ملوك قبل الميلاد (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن