28- التهمة: مجرد حلم

100 5 1
                                    

تزامناً مع الأحداث، كانت "أولمبياس" تراقبنا من وراء جدران الطابق العلوي فتسأل طاعناً في السن من مجلس الشيوخ كان يقف من خلفها: «ما الذي أعاده إلينا يا "نوفيل"؟»

أجاب "نوفيل": «لقد دعاه الأمير لحفل زفافه.»

في خبث غمغمت: «حسنا يا أخيل.. لقد أتيت لقدرك بقدميك.»

بدت "بياركا" غير عالمة بوجهة محددة تود الذهاب إليها. مضت في الدرب المتجه غرباً، حيث كانت تمر فيه عربات نقل المحاصيل من وإلى قرية تعيش على ضفاف شلال منهمر من علياء تلة عالية فيهدر على درجات من الصخور المكسوة بالطحالب.

توغلت داخل القرية محاولة العثور على ثمة درب قد يقودها نحو الشلال فلم تجد سوى مزارع وحقول شاسعة مكتسية ببحورٍ من الخضرة. غاصت بين الحشيش الطويل تستنشق بعمق النسيم العليل الذي لم تجده بداخل القصر.

أمطرت عليها السماء بغزارة. وهي كانت محبة للمطر، لم أراها أكثر مرحاً إلا تحت المطر. شدى كل شيء له صوت من حولها؛ عزْف المطر. أجيج الماء المصبوب. هزيز الرياح الخفيفة. وضحكات النوارس. كل شيء صدح يلهو مع إبتساماتها ومرحها.

ورغم قِصَر لحظات السعادة التي تعيشها، لم ينسيها ذلك من هي مجبرة على العيش معهم.

كان وسط الحشيش ألواحاً من الخشب مرصوصة كالجدار، إرتاحت ساندة بظهرها على الألواح تنعم بذهن صاف وخيالٍ رائق.. تحركت شفتيها هامسة بإسم حبيبها "جانا راج"، حتى غطت في النوم ورأت كابوساً!

حلمت بي وأنا أشرب من كأس بنوري بعد هنيهة سقط مني وتحول إلى فتات ملتمع، ثم سقطت يدي إلى جواره من دون أدنى حركة.

فتحت عينيها مفزوعة، وهبّت هارعة إلى القلعة تجري كالمجنونة. تجر ذيل وشاح رأسها تبعاً لقدميها بينما هي مبتلة أمام أعين الناس. ريثما وصلت إلى الأبواب صرخت وهي داخلة منها ولازالت تجري بخوف: «لا.. لا تشربه..» إقتحمت قاعة العرش تصرخ إليّ: «لا تشربه.»

سكن كلٌ منا في مكانه. ناظرين إليها بعيون حملقت من شدة الذهول.

قالت وهي تلهث: «لا تشربه يا أخيل.. إنه مسموم.» وكان كأسي لا زال ممتليء لم أرتشف منه بعد، لكن الملك "فيليب" كان كأسه فارغاً!

لم تمر لحظاتٍ من تحذيرها، وشعر الملك بألماً قرص على أحشاءه في البداية ثم بدأ يأكل معدته شيئاً فشيئاً. راح يصرخ ويتلوى متهاوياً على الأرض... لم يبقى الملك على تلكما الحال كثيراً. لم يستغرق الموت شيئاً حتى أتاه بعد صرخات متقطعة ويده على معدته متوجعاً.. «لقد قتلتني.. قتلتني..» قالها وهو يشد على صوته من الألم.

إقتحمت الملكة أبواب القاعة بوجهها البارع في التمثيل، يتبعها مجموعة من الحرس صارخة وهي تشير فوراً إلى "بياركا": «أمسكوا بالقاتلة.. لا تدعوها تهرب بفعلتها.»

ملوك قبل الميلاد (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن