23- القاتلة

80 5 0
                                    

كلف الملك "فيليب" كلٌ منا نحن الأميرين للمتابعة إلى سوسا شرق بابل, فهي ثاني أهم المدن التابعة للفرس، وأمرنا أن نخضع واليها وشعبها تحت سلطتنا؛ حتى لا تكون كالشوكة في ظهور الإيجيين، ويخرج من خلالها جيوشاً فارسية جديدة معدة لإسترداد بابل.

في المعسكر خارج بابل حيث تجمع الجيش إستعداداً للزحف إلى سوسا، كنت و"الإسكندر" واقفين على تلة قريبة نشاهد المروج الممتزجة بالصحراء مع الطبيعة الساحرة. قال "الإسكندر": «أتعلم يا أخيل؟ أنا لا أخفي عليك سراً.»

قلت بينما أستمتع بالنسيم العليل: «تكلم يا صديقي.»

«كنت مشتاقاً لدخول بابل.»

«لمَ؟»

«لأني كنت أتمنى أن أحرق كل شبر فيها إنتقاماً ممن فعلوا من قبل في دياري مقدونيا.»

«وما منعك؟»

«أنت.»

«أنا؟!»

«أجل أنت.. عندما تشاجرنا وسألتني ما الجدوى من غزو البلاد؟.. ساعتها سألت نفسي؛ وما الجدوى من قتل النفس البريئة؟»

«المحارب يشهر سيفه فقط في ميدان المعركة، لكن مادام المحارب بعيداً عن الميدان وخارجه فلا ينبغي عليه حمل السلاح.»

إبتسم "الإسكندر": «إن قوانينك في الحياة غريبة ومتناقضة يا أخيل! تارة تخبرني أنك لا تعرف الحب والآن تخبرني أن لحمل السيف حدود!»

«وما وجه التناقض في ذلك؟»

«يا أخي، إذا تواجد الحب إختفى السيف.. وإذا إختفى الحب تواجد السيف.»

لطالما كنت معجباً بـ"الإسكندر"، فله كلمات يعتقد المرء أنها نور وهاج ينبعث من قنديل يحمله رجل حكيم وسط ظلمة الدنيا وعتمة القدر. ذكرتني تلك الكلمات بما تمنيته وأنا على صهوة جوادي عندما كنت فظاً معه.. "الإحساس"!

خرجت و"الإسكندر" على رأس الجيش نحاول جس النبض عند أسوار المدينة الصغيرة، فسألت رفيقي: «هل تعتقد أنهم سيستسلمون بسهولة؟»

قال "الإسكندر": «الصغير دائماً يكون مكير.»

«على العكس، أنا متفائل وأشعر أننا سننجز المهمة في وقت قصير. »

«على أية حال نحن مستعدون لكل شيء.»

تقدم الجيش من أسوار المدينة، ثم نادى "الإسكندر" بعلو صوته: «إستسلموا ولا تقاوموا، فنحن الإيجيين مسالمون لا نغدر بمن إستسلم لنا.»

فإذا بوابل من السهام تمطرنا من أعالى الأسوار.

ضحكت كمن يسخر وقلت لـ"لإسكندر": «أعتقد أن هذا هو الضوء الأخضر.» في إشارة مني تنذر بالهجوم.

أمر "الإسكندر" بتقدم عشرات الجنود ممن يحملون على أكتافهم عموداً من الخشب سميك الصلب ثقيل، وفوقهم غطاء من دروع الحديد تحميهم. توجهوا نحو البوابة لدقها وفتحها عنوة، ثم أمرت أنا كتيبة أخرى برفع السلالم لتسلق الجدران من جهات عديدة ومتفرقة.

ملوك قبل الميلاد (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن