27- مواجهة النار بالزيت

91 5 1
                                    

بعد أن أعدوا العدة، شُدت الرحال حيث مقدونيا، وآلت أمور بابل إلى القائد "كلايتوس", والذي يعمل تحت مراقبة وزير ثقة من وزراء الملك؛ حتى لا ينفرد بسلطة بابل ويستولى عليها لنفسه.

لما وصل الملك والأمير وخلفهما عربة مغطاة بالأقمشة الزاهية محمولة على رأس الجيش، عائدين بمفاتيح إمبراطورية فارس إلى بوابة مقدونيا, والتي كانت من ورائها تهتف الناس وتهلل بمجد كان يصعب تحقيقه على مر سنوات طويلة، لاحظت "أولمبياس" التي كانت في استقبالهما على رأس موكب مهيب، عودتهما دون الملك "بيلوس" وإبنه! ثم رأت تلك العربة الزاهية الألوان خلفهما، تتسائل «ترى ما فحواها؟»..

للملك والأمير بسطت ذراعيها قائلة: «مرحى لعودتكما سالمين غانمين يا أحبتي.»

لم تنفك "أوليمبياس" عن تقبيل ولدها "الإسكندر" مكررة: «مرحى مرحى..» ثم قالت إلى "فيليب" بعجرفة وتكبر: «أشكرك يا زوجي العزيز على إرجاع ولدي لي سالماً من أي سوء.»

على باب القلعة، نظرت "أوليمبياس" بعيون ضيقة إلى العربة المغطاة، وسألت: «ما هذه العربة؟ بالتأكيد هي محملة بالهدايا.. شيء جميل.»

نظر الملك لولده الذي تنفس بعمق واضعاً يده على صدره، ثم وإبتلعا ريقهما بصعوبة. وقال: «هي فعلاً هدية يا أمي.»

نادى الملك لمن في العربة: «أخرجي يا بياركا.»

خطت القدم أولاً على درج النزول ثم أُزيح الستار لتخرج "بياركا"، وكشفت عن وجهها رافعة الوشاح الأحمر. رفعت الملكة حاجباً ثم راحت تتأملها من قدميها وحتى وشاح رأسها، فأدركت أنها إمرأة أخرى أتى بها الملك. قالت: «أراك قد تزوجت بالثالثة أيها الملك!»

فأجابها الملك بنفسه فقط لغرض إستفزازها وإثارة غضبها قائلاً: «تلك ليست بزوجتي يا عزيزتي، إنها زوجة ولدك الإسكندر.»

«ماذا؟!»

«أجل يا أمي، إنها زوجتي، أو ستكون زوجتي..» ثم قال لـ"بياركا": «إقتربي يا بياركا وحيي الملكة الأم.»

مسحت "بياركا" التراب عند قدم الأم في مشهد يوحي بخادمة ذليلة عند سيدتها. لم يكونوا على معرفة كافية بهذه اللغة بعد، لغة الهنود في تحية الكبار.. كانت الملكة ترمقها بعيون تلتمع بالتسلط والتكبر.

داخل القصر طلب "الإسكندر" من الجواري أن يصطحبن "بياركا" حيث جناحه، وأمرها ألا تخرج منه إلا عندما يأذن لها بذلك.

توجه "الإسكندر" بصحبة الملك حيث جناح الملكة، التي أخذت تصرخ في وجهيهما مستنكرة ما سمعت: «هندية!!.. أتتزوج من هندية ليس لها أصل ولا تعرف عنها أي شيء؟.. يا ويلتي أمام أعين الحاشية، يا ويلتي أمام أعين العامة!»

قال الملك في برود يزيد من إشتعال الملكة: «ما خطبك أيتها الملكة؟ إنها حياته يُسيرها كيفما يشاء وفق ما يريد ويسعد.»

ملوك قبل الميلاد (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن