39- هزيمة بدون حرب

107 5 1
                                    

في البلاط الملكي في بتاليبوترا كان الملك "إخناتون" واقفاً ينظر من الشرفة مشاهداً البهجة على وجوه شعبٍ بات يهتف بإسم الإمبراطور "أشوكا".. قال الملك: «أجمل شيء بالنسبة للراعي أن تحبه رعيته مثلما يحبك شعبك يا صاحب الجلالة.»

أطرق الملك "أشوكا" برأسه في وجوم قائلاً: «لقد كنت قاسياً عليهم في بداية حكمي، لكني ندمت على ذلك بعدما غيرَتني.»

نظرت إليه متسائلاً: «هل أحببتها؟»

إبتسم الإمبراطور وقال: «أخجل من قول ذلك لأنها زوجتك أيها المحارب، لكني سأخبرك.. نعم أحببتها ولا زلت أحبها.»

قال الملك "إخناتون" وهو يحدق إلى السماء: «تماماً مثلي، لكن كلٌ منا يحبها بطريقته الخاصة.»

لم يقل "الإسكندر" شيئاً.. فسأله الإمبراطور "أشوكا": «وماذا عنك أيها الملك الأكبر؟»

قال: «الحياة تعلمك الحب جلالة الإمبراطور، والتجارب تعلمك من تحب، والمواقف تعلمك من يحبك.»

قلت: «أهذا يعني أنك تكرهها؟»

هز رأسه: «أبداً يا أخيل.. أنا فقط تعلمت من تجربتي معها أن لا أتنازل عن قلبي بسهولة.» وتبسم سخرية على حاله: «الآن وقد أضحيت مثلك في السابق بينما أضحيت أنت مثلي الآن.»

وبين الملك "إخناتون" والملك "الإسكندر" وقف الإمبراطور "أشوكا" قائلاً: «لا تندموا على حبكما لها، وتأكدا أن قلب المحب محظوظ..»

قال الملك "إخناتون"، بحس الدعابة ليروي الجفاف بيننا: «أنت محق أيها الإمبراطور المبجل.. أتعلمون؟ عندما كانت في قصري كانت تناوشها زوجتي الملكة "نفرتيتي" بل وبارزتها وإنتصرت عليها بياركا..»

إبتسمنا عند سماعنا ذلك..

وتابع: «لكنها لم تُصيبها بخدشٍ واحد، وقبلت رغبة زوجتي في أن ترحل.. تلك هي بياركا، لا تجرح ولا تؤذي أحداً.»

قال "الإسكندر" بلهجة لوامة: «ورغم ذلك ما كانت تنال في المقابل إلا القسوة والجفاء.. ليس من الدنيا والناس فحسب.. بل منا نحن أيضاً.. أنا وكذلك أنت يا أخيل.»

نظرت إلى "الإسكندر" ثم أطرقت شارداً وأنا أسمع كلماته التي كانت تصيب صميمي حين قال: «أجل.. ألم تقسو في حكمك حينما حكمت عليها بالخيانة دون دليل؟»

«رأيت صورتك في معبدها.. فكيف لي أن أصبر حتى أعلم الحقيقة؟»

«وماذا في ذلك؟.. ألم تثق في حبها لك؟.. ألم تسأل نفسك لماذا تركتني وفضلت العيش معك بل والزواج منك؟.. وكانت نتيجة حمقك أن جعلتها شاردة في الأرض عارية دون غطاء.»

زمّيت على شفتي بحنق.. لم أتحمل المزيد من الكلمات التي كان محقاً في ذكرها "الإسكندر"، فدائما تكون الحقيقة مؤلمة..

تمادى الملك الشاب في حديثه: «أفقدتها كل إحساس بالأمان لمجرد وساوس غيرة مريضة في عقلك.. لو كنت أحببتها يا أخيل ما كنت تركتها تغيب عنك مهما فعلت.. أتدري لماذا؟.. لأنها ما كانت ستفعل ذلك بك.. ودليلي الوحيد أنها مازالت تحبك، ومخلصة لك وعلى عهدها بألا تسترد قلبها منك حتى موتها.»

ملوك قبل الميلاد (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن