18- الهروب

118 6 0
                                    

إجتمع "أشوكا" مع الملك في قاعة العرش. رأى الملك حفيده يبدو شارد الذهن، فسأله متململاً: «آه يا أشوكا، ماذا حل بك من وراء تلك الفتاة؟»

سأله "أشوكا" سؤالاً في فحواه رجاء: «هلا عتقتها وأهلها أيها الملك؟»

رفع الملك حاجبه شكاً: «وماذا ترى أنت؟»

أطرق "أشوكا" برأسه قائلاً: «مهما كان رأيي فأوامرك هي ما تنفذ.»

قال: «أحياناً كثيرة آخذ برأيك أشوكا، بل غالباً»

«حسناً، أرى أن تعتقها لأهلها.»

أغضبه فنهض عن عرشه: «توقعت أن هذا سيكون رأيك.»

وقف "أشوكا": «وماذا فيه أيها الملك؟»

صار الملك يحوم حول القاعة مندداً للسماء: «يالا الشؤم وخيبة الأمل في أعظم قادتي.. لقد سيطرت إمرأة على عقله فصار لايميز بين ما هو صحيح وما هو خاطيء!»

بعد صمتٍ لإستنشاق الهدوء أخفض الملك من صياحه وقال: «أتعلم إذا عتقتها ستكون الكارثة الأعظم؟»

«وما الكارثة في عتق فتاة أيها الملك؟»

«من الممكن أن تُقَلِب علينا الجموع الغفيرة من العبيد بالخارج.. وإذا حدث ذلك ستأتي نهايتنا على طبق من ذهب وبهذه السهولة.»

«حسناً إعتقها ووفر لها عملاً داخل البلاط.»

ضيق الملك عينيه وهمس سائلاً بلهجة تربص: «أوترغبها لنفسك يا أشوكا؟»

إهتزت نظرات "أشوكا" وإضطرب حديثه. قال: «ما الذي تقوله أيها الملك؟.. إنها إنسان من حقه.. أن يعيش وفق ما...»

يبدو أن الفكرة أعجبت الملك..

جلس على العرش ليُقاطع حديث "أشوكا" ويصدر قراراً ملكياً: «لتظل الفتاة ملكاً للبلاط الملكي..» وتابع ما أفجع "أشوكا": «ولتكن زوجة لي.»

شعر "أشوكا" بالندم على تلك الفكرة الخرقاء التي طرحها في وقت كان يأمن فيه غدر جده، فكلما حاول إنقاذها ينعكس الأمر ضدها!

مع مطلع النهار، أمر الملك أمام "أشوكا" بإحضار الفاتنة، لكنه سمع بالخبر الذي أصابه بالجنون!

«ليست في جناحها؟! ويحكم جميعاً، إبحثوا عنها وأئتوني بها ولو في بطن الأرض.»

أصدر الملك أوامره الصارمة بالبحث عن الهاربة "بياركا", أو "سيملا" كما أخبرتهم، في كل أرجاء المملكة، وحين العثور عليها يتم الإتيان بها إلى جناحه الخاص، وليس جناحها المعتاد، الذي ذهب إليه وثورة الغضب لا تنفك عن إحراق صدره.

أما "أشوكا"، فقد أسرع بحذر إلى المكان المختبئة فيه "بياركا". قبو في برج مراقبة قديم ومنسي خارج المدينة، بدا مختفياً وسط أحراش غابة لم تتطرق الأنظار إليها. لعل البرج كان أثراً من بقايا حروب غابرة، لا يسكنه أحد وربما لا يعرف بوجوده أحد، فكان من المتداول بين ألسنة العامة أساطير تقول أن هنالك عدد من أبراج المراقبة إجتاحتها وسكنتها أرواح العديد من الجثث التي قتلت فيهم!

ملوك قبل الميلاد (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن