30- عُقب أخيل

119 6 0
                                    

فزِعت حين إستيقظت ولم أجد "بياركا" إلى جواري.. خرجت مسرعاً من الخيمة وأنا أناديها وهي لم تجيب.. إستمريت أنادي وقد قطعت شوطاً طويلاً من البحث حول المكان، حتى سمعتها أخيراً تنادي قائلة: «أنا هنا.»

إلتفت إلى مصدر الصوت لأرى يدها وهي تلوح لي من خلف ستار قد أسدلته بالقرب مسقط المياه، فعرفت أنها تستحم... تنفس قلبي الصعداء.. مضيت إليها وأدرت لها ظهري لأسأل: «لماذا لم تجيبين؟»

«كنت أغطس تحت الماء.. كم هي منعشة!»

مضيت لفرسي أداعبه.. نادتني: «أخيل.»

«ماذا؟»

«هل تزوجت؟»

تعجبت لكني أجبت: «كلا.»

«و لماذا؟.. ألم تعجبك إمرأة أبداً؟»

«كلا .»

«ألم تجرب الحب أبداً؟»

«أنا لا أعترف بوجود الحب.»

طلت من خلف الستار فوراً: «كيف؟.. هل يستطيع الإنسان العيش بدون هواء وماء ونور؟»

«الحب ضعف وأنا لست ضعيفاً ولن أكون ضعيفاً.»

«إذاً أنت تكره الحب يا أخيل!»

«أنا لا أكره الحب.. هو فقط من يكرهني.»

« كيف؟.. كيف يعرف الحب معنى الكره؟»

«أرجوكِ دعينا لا نتطرق إلى هذا الأمر..»

حدثت "بياركا" نفسها لكن بصوت سمعته: «يبدو أن من شيمك الغرور.»

«ماذا قلتي؟»

«لا شيء.. أنا أتحدث مع الحجر.»

أنا متأكد مما سمعته.. «إن كنتِ تعتقدين أني متكبراً على الحب، فنعم؛ لأني لن ألهث وراءه حتى أستيقظ وأجد نفسي غارقاً في وهم عظيم لا ولن أفيق منه إلا عند الصدمة.»

سألتني باستياء: «لماذا تتهم الحب بأنه المتسبب في الصدمات؟»

«لأنه لا يفعل شيء سوى تعذيب النفس، وكأنه مرض يصيب الجسد ولاعلاج له أو شفاء منه.»

قالت بتهكم ما إستفزني: «يبدو أنك كنت تعاني في حياتك من إمرأة ما، وقد سببت لك كل هذا الإحساس السلبي تجاه الحب، من هي يا ترى؟»

لا مفر من الإعتراف.. زمجرت بغضب: «أنتِ من وقعت في حبها ثم إكتشفت أني واهم كبير عندما وافقت على طلب الإسكندر للزواج منها.»

فوجدتها زمجرت هي الأخرى: «أنا وافقت عندما أنت وافقت.»

وعلى حين غرة.. ضرب سهماً في جزع الشجرة المربوط فيه الحصان.. شهقت "بياركا" ويدها تحمي وجهها، بينما نظرت تجاه المصدر من وراء بعض الصخور المطلة على الدرب الوعر.

رأيناهم مجموعة من القناصين في دروع المقدونيين كانوا يختبأون منا وسط الصخور.

أخذت مقبض سيف "بياركا" من حقيبة السفر ورميته لها, إذ كنت أحتفظ به منذ أن كنا في مقدونيا.. إستليت سيفي، وإستلت سيفها من غمده السحري، وإلتحمنا مع تلك المجموعة وقاتلناها في بسالة وثبات.. كنا ثنائي رائع في المعركة الصغيرة.. ثنائي خفق له قلبي وود لو تشاركني في كل شيء في حياتي، حتى في الحروب والمعارك.. وبتعاوننا تمكنّا من إفقادهم قوتهم وتشتيت سيوفهم، ولم يتبقى منهم نفراً.

ملوك قبل الميلاد (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن