تابتيثا بابيت

616 43 16
                                        

(المنشار الدائري)

في أي يوم من الأيام، وفي أي مكان في العالم، ستجد المنشار الدوار، في أيدي الرجال، بينما تتساقط من جبينهم حبات العرق، وتنتشر من حولهم نشارة الخشب
إنها واحدة من الأدوات المرتبطة بعمل الذكور، خصوصا النجارين، لكن المفارقة هي أن هذا الاختراع، صنعته امرأة صغيرة هادئة، اسمها "تابيثا بابيت"

في أواخر القرن الثامن عشر، ظهرت طائفة دينية مسيحيه تسمى "شيكر"، وهي طائفة تعتقد في العودة الثانية للمسيح، وتثمن الحياة الجماعية،
والمساواة بين الجنسين، وتقدس الاجتهاد في العمل.
ولدت "تابيثا بابيت" في 28 أكتوبر عام 1784 م، وسط جماعة من طائفتها، في منطقة ماساتشوستس الأمريكية، التي كانت غنية بالأشجار والغابات، لذلك عمل الرجال في قطع الأخشاب والنجارة، وعملت النساء في صناعة النسيج.

بين هؤلاء عاشت "تابيثا"، حياة هادئة، تصنع النسيج، وعندما وصلت سن البلوغ بدأت تسأل: لماذا ينبغي أن نعمل بقوة؟ كيف يمكن أن نعمل بذكاء؟ وهكذا بدأت تفكر في طرق مختلفة لتوفير الجهد اللازم وتخفيف أعباء العمل عن رفاقها.

وصفها أحد أعضاء جماعتها بأنها كانت "لبقة، دقيقة الملاحظة، موهوبة، وواحدة من أكثر نساء الطائفة ذكاء".

اعتبارا من عام 1810م، انخرطت "تابيثا" في إبداع طرق جديدة لتحقيق هدفها، تخفيف أعباء العمل عن رفاقها في الطائفة.

ابتكرت "تابيثا" آلة معدنية لقص الأظافر (قصافة الأظافر)، من أجل العناية بنظافة اليدين، كما عملت على محاولة لاختراع "أسنان صناعية"، لتعويض أولئك الذين فقدوا أسنانهم، فصنعت لها نموذجا من الشمع، لكن الموت لم يمهلها لتكمل ابتكارها.

وطورت آلة الغزل (المغزل) تطويرا كبيرا، لتصبح برأسين، بدلا من رأس واحدة، ثم زودت المغزل بدواسة للقدم أو بدال، مثل ذلك الموجود في الدراجة الهوائية، ما مكن النساء من مضاعفة كمية الغزل، وهو الأساس الذي استخدمته في اختراعها الأهم: المنشار الدوار، الذي صنعته في عام 1813 م.

كانت "تابيثا" تلاحظ الرجال، وهم يقطعون الأخشاب باستخدام المنشار التقليدي، ورأت كيف أن الأمر يحتاج إلى اثنين من الرجال، يحركان المنشار في الاتجاهين، رغم أن المنشار لا يقطع إلا في اتجاه واحد، ما يجعل نصف جهد الرجلين، دون نتيجة.

صممت "تابيثا" الجزء الأول من المنشار، ثم صنعت النصل (أسنان المنشار) بشكل دائري، ثم ركبت الأسنان على عجلة يمكن أن تدور بسرعة كبيرة، لذلك يقطع المنشار الخشب في كل حركة يتحركها.

كان اختراعا ناجحا، وموفرا للطاقة، حيث يمكن لرجل واحد، أو حتى سيدة، أن يستخدم المنشار لقطع وتسوية الأخشاب، ويمكن قطع الأخشاب، بنصف المجهود، وفى نصف الوقت، الذى تستغرقه عملية القطع باستخدام المنشار التقليدي.

وفى خلال فترة قصيرة أصبح المنشار الدوار هو الأداة الرئيسية التي تستخدم في قطع وتجهيز وتصنيع الأخشاب، الأمر الذى أدى إلى طفرة هائلة في كمية الأثاث، واعتبر بمثابة ثورة في مجال صناعة الأخشاب، ولا يزال هذا المنشار محفوظا في ألباني- بنيويورك.

في طي النسيان:

ولكونها امرأة، من أقلية صغيرة، تعيش حياة بسيطة كحياة النساك، في ظروف اجتماعية وسياسية متقلبة، واتساقا مع تقاليد الطائفة، لم تحصل "تابيثا" على براءة اختراع رسمية، لأي من مخترعاتها.

ماتت "تابيثا بابيت" في عام 1853 م، عن عمر 69 عاما تقريبا، وظل سبب وفاتها غير معروف.

الآن، تنتشر آلات قص الأظافر المعدنية، وآلات الغزل الحديثة، والمنشار الدوار، في كل مكان في العالم.

شكرا " تابيثا بابيت".
شكرا للنساء.

إلى اللقاء 👋 💗

المرأة عبر التاريخ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن