زرقاء اليمامة

835 31 8
                                    


تلك المرأة ذات النظر الثاقب الذي منحها حكمةً وقدرةً خارقةً علی سرعة البديهة حيث كانت تستطيع أن تری من مسيرة ثلاثين ميلًا ويذكر في إحدی الروايات أن “حسان بن تبع” قد غزا قومها، فاستطاعت أن تری جيشه قادم علی مسيرة ثلاثة أيام، حيث صعدت إلی مرتفع صغير فنظرت إلی الجيش وكان كل جندي قد حمل شجرة ليستتر بها، وكان يحتاج إلی ثلاثة أيام ليصل إلی القوم، فرأته علی بعد تلك المسافة وقالت لقومها: “ياقوم قد أتتكم الشجر، أتتكم حمير”.

وتذكر الروايات أن في عينيها عروق سود من الأثمد (نوع من الكُحل) لكثرة ما اكتحلت به، وهي أول من اكتحل به من العرب، ويقال أن اسمها هو “عنتر” وفي رواية أخری اسمها اليمامة وقد سمي قومها باسمها وقيل أنها من جديس، ولها روايه مشهورة في قدرتها علی تحديد العدد مهما كان بعد المعدود، فيروی أنها استطاعت أن تعد تسع وتسعين حمامة في السماء حيث قالت: لو أن هذي الحمامات إلی حمامتنا لصرن مئة، وذلك لحدة نظرها.

[زرقاء اليمامة هي إحدى الشخصيات العربية القديمة والمشهورة للغاية حيث كان قد ذكرت قصتها في العديد من الكتب العربية وذلك يرجع إلى تميزها بقدرتها العالية على الرؤية حيث أنها كانت بإمكانها أن تنظر لمسافات بعيدة حيث أنها كانت تستطيع أن ترى شخصاً على بعد مسيرة ثلاثة أيام ، حيث قد روي عنها أنها في إحدى الحروب في عصرها أضطر جيش  العدو إلى قطع الكثير من الأشجار والقيام بحملها أمامهم كنوع من التخفي والتضليل والإخفاء حتى لا تراه زرقاء اليمامة وتنبه قومها ليستعدوا للقاء جيش الأعداء حيث أنه بالفعل قد استطاعت زرقاء اليمامة أن تراه جيش الأعداء من على بعد كبير للغاية من مدينتها فقامت بتنبيه وتحذير قومها لكنهم لم يصدقوها ظناً منهم أنها تهزي وخاصة أنها قالت لهم أن هناك شجر يقترب من المدينة وراءه بشر مما دعاهم إلى السخرية منها و اتهامها بالخرف والجنون وبالفعل أستطاع جيش الأعداء الوصول إلى المدينة ومفاجأة أهلها وقاموا بالهجوم عليهم وإبادتهم وهدموا المدينة حتى أنهم بعد أن تمكنوا من المدينة وهزيمة أهلها قاموا بقلع عين زرقاء اليمامة حيث وجدوها محشوة بمادة الأثمد وهو ذلك الحجر الأسود الذي كانت تقوم زرقاء اليمامة بدقه وطحنه وتكحيل عينيها به ومن يومها أطلق عليها زرقاء اليمامة نسبة إلى الزرقة المتكونة في عينيها من الأثمد ، حيث كان العرب يقومون بضرب الأمثال بزرقاء اليمامة وذلك لما امتلكته من قوة نظرها وحدته ، حيث قيل أن نسبة إلى اليمامة أي أسمها سميت بلدتها باسمها حيث يقال أن أسم البلدة الأصلي كان جو وكانت تقع في سهل فسيح واسع أطلق عليه هذا الاسم نظراً لاتساعه الشديد حيث قد ذكرت قصتها في العديد من الكتب العربية ومنها :

أولاً :- كتاب العقد الفريد :- حيث ذكرت قصة زرقاء اليمامة به وقيل عنها أنها أمرأة كانت تعيش باليمامة حيث أنها كانت تتمتع بنظر قوي وحاد للغاية حتى أنها كانت تستطيع رؤية الشعرة البيضاء في اللبن بل أنها تستطيع نظراً لقوة بصرها أن تنظر الراكب ولو كان على مسيرة ثلاثة أيام كاملة من مدينتها حيث ذكر في الكتاب أنها قامت بإنذار قومها وتنبيههم في حالة أن تعرضوه لهجوم الأعداء عليهم حيث كان لا يأتي جيش من أعدائهم إلا وقد رأته زرقاء اليمامة قبل وصوله المدينة ونبهت قومها فاستعدوا له إلى أن قام الأعداء ذات مرة بحيلة ماكرة للتستر و الاختفاء من زرقاء اليمامة حيث قام جيشهم بقطع الأشجار وقاموا بوضعها في مقدمة جيشهم لتضليل أهل اليمامة ومفاجئتهم والهجوم المفاجئ عليهم ، حيث بالفعل نظرت زرقاء اليمامة فقالت أني أرى شجراً قد أقبل عليكم فما كان من قومها أن سخروه منها ومن تنبيهها لهم ولم يأخذوه تحذيرها لهم على محمل الجد إلا أن فاجئهم جيش الأعداء وقام بالهجوم عليهم وهزيمتهم شر هزيمة بل قام جيش الأعداء بقتل زرقاء اليمامة بعد أن قاموا بقلع عينيها حيث أنهم عندما قلعوه عينيها وجدوه في عروق عينيها مادة الأثمد الزرقاء وذلك يرجع لكثر اكتحالها به .

كتاب أثار البلاد وأخبار العباد :- ذكرت زرقاء اليمامة في الكتاب حيث جاء وصفها بأنها امرأة كانت تستطيع أن ترى الشخص من بعد مسيرة ( 3 ) أيام حيث روى الكتاب قصتها كالأتي أن هناك رجلا يدعى رياح بن مرة وكان وزيراً لملك يدعى حسان حيث قال رياح إبن مرة لملكه أيها الملك أني لي أختاً متزوجة في مدينة جديس وتدعى زرقاء ، حيث أنها زرقاء لما تقدر أن تراه بعينها حيث أنها تقدر على رؤية شخص من مسيرة تعادل يوم وليلة كاملة وأني أخاف أن تنظرنا فتقوم بتحذير قومها فيستعدوا لنا فلذلك فأمر أصحابك ليقطعون أغصان الشجر ويتخفون ورائها ويتخذون من الأغصان ستار حتى نحتال على زرقاء اليمامة فكان رد الملك إذن فلنسير بالليل فرد عليه رياح بن مرة قائلاً أن بصرها بالليل أنفذ وأقوى فقام الملك بأمر جيشه بقطع الأشجار والاختباء ورائها حيث عندما ما أفتربوا من اليمامة بالليل نظرت الزرقاء وقالت لقومها يا أل جديس لقد سارت إليكم الشجراء أي الأشجار وأتتكم أوائل خيل حمير أي أوائل جيش الأعداء فسخروه منها قومها وكذبوها إلا أن أتاهم جيش الأعداء وفاجئهم وغلبهم ودخل مدينتهم وأمسكوا بزرقاء اليمامة فسالها ملكهم قائلاً ماذا رأيتي فردت قائلة رأيت الشجر خلفها بشر فقام الملك لتلافي خطرها بقلع عينيها وأمر بصلبها على باب المدينة ومن يومها تم تغيير أسم المدينة من جديس أو جو كما ذكرت المراجع والكتب إلى اليمامة وأصبح أسم زرقاء اليمامة من أحد أشهر الشخصيات العربية القديمة .]

المرأة عبر التاريخ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن