الجزء 17

488 7 0
                                    


 كان القاضي يراجع اوراق القضية لينطق بالحكم النهائي..سعد من وراء القضبان ينظر اليه..كان الامل قد تحطم..ينتظر القاضي ليتكلم بعدد السنين التي سوف يقضيها..يقول في نفسه(رب يسر ولا تعسر..دي نهاية الطريق..انطق ي قاضي..خربانة خربانة..انطق حتى لو اعدام)..والدته الخوف قد سلب عقلها..كبدة فلذها وراء القضبان..نطق القاضي..لم يكد سعد يسمعه..خرص سمعه..كان القاضي يتكلم وسعد ينظر الى الحضور..ينظر الى امه واخوانه..ينظر الى اصدقائه..ثم ينظر الى القاضي يقول (حكمت المحكمة حضوريا على المتهم سعد عماد جاد الله بالسجن خمسة عشر عاما..رفعت الجلسة)..انتفض سعد من مكانه ..وهو يضرب قضبان الحديد(دا عدلك ي بلد..دا عدلك ي حكومة)..وامه واخته يصرخان..وسعد يصيح في القاضي..وامه تبكي..(حليلك ي ولدي..حليل الحنين..حليل الكان بغطيني في البرد..حليل الكان بأكلني في الجوع..حليل الكان دخلتو على البيت فرح..حليل الما حصل زعل امو يوم)..وسعد ممسك بكلتا يديه على قضبان الحديد..يخرج جام غضبه عليها..اقتربت امه واخوانه منه..كان امه واضعة يدها على الحديد..قالت له..وسعد مطأطئ رأسه ..مكسور الخاطر..منهار القوى..لا يستطيع الوقوف(ي ولدي اصبر..ي ولدي ظلموك لكن في الله..ي ولدي انا معاك)وسعد مطأطي رأسه رفع رأسه ثم قال(هو ي يمة بحصل لي كدا لشنو ..هو انا زول كعب..15 سنة ي يمة ظلم..15 سنة عشان عملتا الحق..عشان ساعدتا انسانة)..وعيناه قد اغرورتا بالدموع لكنه كان ثابتا(م كدا ي ولدي..انتا زول شهم..زول حارة ..عافية عنك ي ولدي وراضية عنك)..وسعد يصيح(يمة انا مرات بشك في نفسي واقول امكن عملتا شي غلط..امكن لو خليت البت مكانا كان احسن..لو م شاكلتا الاول امكن احسن..مرات ي يمة بحس انو ربنا م بحبني)..وامه تطمئنه بكلمات كانت كالبرد عليه..قالت له في حنان(ي ولدي م تقول كدا..انتا بعدا اتاكد انو ربنا بحبك..لانو ربنا اذا احب عبدا ابتلاه)..ابتسم سعد في وجه امه..بالرغم من ألمه الشديد..والظلم الذي اصابه ابتسم..ثم قال(انتي مش راضية عني ..ربنا بسهل اي شي..قعاد السجن بهون..ي وليد خلي بالك من امك..اوعى تزعلا)..ثم ابتسم في وجه رهف(وانتي ي شيطانة..هندا تاني حترتاحي من تشغيلتي امش اعملي الشاي وكدا)..سمعت رهف كلامه ثم بكت..نزلت الدموع على خديها(والله ي سعد لو عايز كل ثانية كباية بعمل بس ارجع البيت..ارجع معانا)..تبسم سعد(كل مكتوب ومقدر..ابقي عشرة على امك..م اوصيك عليها..م تزعليها..وساعديها في البيت)..ثم قدم العسكري..اخرج سعد لترحيله لسجن كوبر..كانت هذه اخر نظرات سعد الى اهله..تبسم في وجهم ثم غادر.

 ركب سعد البوكسي لترحيله للسجن..كانت يديه "مكلبشات"جلس ينظر في الطريق..كان معه مجموعة من المساجين..كان الاستياء قد اصابه..قال لي نفسه(الله يكون في العون..االللللاااااه ي سعد..الدنيا م سايباك في حالك..من مشكلة لي مشكلة واخرتها سجن..اسع السجن حيكون كيف..حقدر اعيش 15 سنة كيف ..مع ناس م بعرفم ..بي ذنب م عملتو..ربنا يخرب ابو الحكومة..لاول مرة احس روحي غريب في بلدي..م معروف امكن يكون الحاي احسن من القبليو).

..............

في بيت سعد..كان البيت كبيت البكاء..جلست حنان والحجة زهرة ورهف يبكون..كان الصراخ يتعالى..فقد سعد..كان وليد جالس على الكرسي..فقد اخيه وسنده..كان يرثي لحال سعد..كيف سيقضي 15 سنة من عمره ..ثم يلتفت الى اهله ويجدهم يبكون..كان سعد بالنسبة لوليد سنده وظهره..كان يستشيره في كل شي..كان اباه الثاني..دخل الى الغرفة ..رقد على السرير..والسرير الثاني كات خاليا..كان سرير سعد..تذكر كيف يخلف رجله وهو يشاهد التلفاز..تذكره وهو يقذفه"بالسفنجة"وهو يغير المحطة وسعد يتابع الفلم..تذكره وهو ينام فاتح الفم ووليد يضحك فيه..لم يستطع وليد الجلوس في الغرفة..خرج منها..وجد اهله يبكون..كانت امه تصيح(راح الحنان..راح سعد..ظلموك ي سعد..)نظر اليها وليد..قال لها(يمة ادعي ليو ربنا يعينو في السجن م تبكي وتقلبي علينا المواجع)..وخرج من البيت بعد ان تركهم وهو يبكون.

..............

في السجن..وضع سعد في الزنزانة...كانت معه حوالي 20 مسجونا..كانت ضيقة..سلم على الجميع..ردو السلام..جلس في احدى الزوايا..كان معظم المساجين نائمين..والاخر يتحدث مع صديقه..يخففون عن نفسهم آلام الحبس..اطبق سعد يده على الاخرى..جلس ينظر الى الزنزانة..كانت صامتة بعض الشي..كان الاحساس بالضيق هو الشعور الذي ينتاب كل المساجين..جلس سعد ينظر..كان بقربه رجل يبلغ في العمر نهاية الخمسينات..متكئ على الحائط..واضعا "طاقية"السجن على رأسه ..سأله سعد(يا حاج..معاك سفة)..نظر الكهل الى سعد..اخرج كيسا من جيبه وناوله لسعد..اخذ سعد الكيس..وضع السفة على فمه ثم ارجع الكيس للكهل..سأله سعد(هو بالله الصعود دا م ممنوع يعني)..رد العجوز(م ممنوع..هو كما الصعود والسجاير كان ناس السجن ديل ماتو من الزهج والكتمة )...وضع سعد رأسه على الحائط(والله ربنا يعوضنا في سنينا الحنقضيها هنا..انتا ليك كم هنا ي حاج)..رد العجوز(لي 15 وفاضل لي 10)..رد سعد(شكلو انا حقضي سنين في السجن دا اكتر من القضيتا برا

يتبع....

هدوء الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن