وفي تلك اللّحظة، استعاد عامرٌ وعيه، فأمسك بقدم عليٍّ وسحبها بحركة سريعة، فسقط عليّ على الأرض وصرخ يصوتٍ عالٍ أيقظ الجميع، فخرجوا ليروا عامراً وصديقه ينهالان بعليّ ضرباً وركلاً، وهو ملقاً على الأرض لا يحرّك ساكناً. عندما رأى أحمد هذا المشهد، ركض نحو عامر وأمسكه بشعره الطّويل وأرداه أرضاً وكان يَهُمُّ بضربه، لكنّه رأى المدرّب أمامه، فنظر إليه بخوفٍ حاول إخفائه، فما كان من رائد إلّا أن دفعه، فأٌلقي على الأرض.
تجمّع الجميع حول مكان الأحداث، ونظروا إلى ردّة فعل رائدٍ الحكيمة. أمسك عامرٌ بشعره وأوقفه، وسحب زميله من قميصه إلى جنبه، وكان أحمد وقتها يحاول إيقاظ عليٍّ ويساعده مجيدٌ في ذلك، فرفع رائدٌ ابنه وأحمد عنه، وأوقفهما بالقرب من خصميهما وقال بنبرةٍ مخيفة:
- ما هذا الشّيء الملقى بجانب عليّ؟
فلم يجب أحد، فصرخ رائد:
- تكلّم يا عامر.
فردّ عامر بتوتّر:
- لم يرق لي النّوم، فقمت لأتمشّى قليلاً في الخارج، وإذ بي أرى هذا الحقير يحمل على ظهره الغزال وهو متوجّهٌ إلى خيمته، فلم أتمالك نفسي وانهلت به ضرباً.
ردّ أحمد مدافعاً عن صديقه:
- إنّ هذا هُراء، لماذا يسرق عليّ من صديقه مجيد وهو يمتلك ما يكفي من الطّعام وأكثر؟ لننتظر حتّى يستعيد وعيه ويقول لنا ما حصل حقيقةً.
ما إن أنهى حديثه حتّى وقف عليّ وبدأ ينظر حوله ويقول:
- إنّه عامر، كان يسرق غزال مجيدٍ، فهاجمته قبل أن يعود إلى خيمته، لكنّه تغلّب عَلَيَّ هو وصاحبه.
قال رائد:
- عامر، الأدلّة كلّها ضدّك، طفح الكيل، اذهب إلى خيمتك أنت وصاحبك وخذا ما تريدان منها واذهبا من هذا المخيّم ولا تعودا أبداً، أفهمت؟
فردّ عامرٌ بغضب:
- أنا ذاهبٌ الآن، ولكن ملتقانا قريبٌ يا عليّ.
وركض بأقصى سرعة محاولاً الاختفاء بأسرع وقت.
قال رائد:
- إنّ ما حدث يجب أن يكون عبرة للجميع.
ثمّ نظر إلى الحاضرين وأكمل:
- انتهى وقت النّوم، فليأخذ كلّ شخصٍ بندقيّته ويذهب إلى مكان تواجد الأهداف.
ذهب الجميع إلى هناك، وكان ذلك المكان عبارة عن حفرة مربّعة واسعة عمقها متر تقريباً، مُحاطة بأسوارٍ حديديّة، وتتواجد فيها الأهداف القريبة والبعيدة. كانت الأهداف عبارة عن ألواحٍ صغيرةٍ من الخشب، عليها دوائر متتالية في الحجم. أخذ كلّ شخصٍ مكانه، وأكملوا التّدريب بدون أيّ مشاكل – ربّما لأنّ عامر ليس معهم – ومن ثمّ ذهبوا إلى مدرّبهم، وجلسوا معه. دامت الجلسة ساعاتٍ ثلاث، علّمهم فيها على ما يجذب الحيوانات من أصواتٍ وروائح.
أنت تقرأ
فنّ الانتقام
Aventuraعليّ شابٌّ عاديّ من هواة الصّيد. كان يعيش حياةً طبيعيّة وآمنة, قبل أن تنقلب حياته رأساً على عقب. فهو لم يعد إلّا وسيلة لإشباع حبّ الانتقام... وليس أيّ انتقام