الفصل العاشر

360 10 4
                                    

    ذهب عليّ إلى منزل أحمد راكضاً واستأذن أن يأخذ الحصان، فأذن أحمد له، ثمّ امتطى الحصان، ومضى إلى ذلك الطّبيب بسرعة فائقة.

   عندما وصل عليّ إلى منزل الطّبيب رآه بيتاً غير البيوت الموجودة في المحيط. بيت ٌ مبنيٌّ من الأحجار الفاخرة ذو قرميدٍ مميّزٍ وأضواءٍ مشعّةٍ. طرق الباب، ففتحت خادمة سوداء وقالت:

-         من تريد؟

-         مرتضى.

-         مرتضى ليس هنا.

ردّ عليّ بنبرة مخيفة:

-         أريد مرتضى الآن!

-         سيّدي، السّيّد مرتضى ذهب إلى منطقة بعيدة حسب ما قال، وترك لك هذه الرّسالة.

أخذها عليّ بعنف وفتحها بلهفة وبدأ يتمتم:

-         أُعذرني يا عليّ على خيانتي للأمانة، ولكن المال أغراني، فعامر عرض عَلَيَّ مبلغاً كبيراً مقابل هذه الفعلة، ولكن قصده لم يكن القتل بل قال لي: "أعطي والد عليّ جرعة زائدة من دواءٍ ما لكيّ يتدهور وضعه فيشعر عليّ بأسوأ المشاعر بالنّسبة له مثلما جعلني أشعر بأسوأ المشاعر بالنّسبة لي في مخيّم التّدريب ولكن احرص على ألا تكون الجرعة قاتلة"، ولكن بسبب وضع والدك المتدهور مُسبقاً حصل ما حصل، أطلب منك السّماح، الطّبيب مرتضى".

 شدّ عليّ على الرّسالة بكلتا يديه، ورماها أرضاّ.

    عندما عاد عليّ إلى منزله رأى ما لم يتوقّع، كان الدّب الأسود يقف على أقدامه الأربع، وفي تلك الوضعيّة تجلّت هيبته، فقد بان طول جسده وضخامته، وبانت عيناه الواسعتان تعكسان ضوء الشّمس وهو ينظر إلى عليّ مُظهراً شيئاً من الود. في تلك الّلحظة ارتمى عليّ عن الحصان، ووقف يحدّق بالدّب ويبتسم، ولكنّه لم يستطيع أن يخفي عن وجهه ملامح الحزن على الدّب حين رآه بالكاد يقف على قدمه المصابة.بعد ذلك جلس الدّب، ربّما وقف احتراماً لعليّ!

    دخل عليّ المنزل وقال لأمّه:

-         لقد علمت من فعلها.

-         ماذا تقصد؟

-         علمت أنّ هناك شخصين وراء موت والدي.

-         أتقصد أنّ والدك قُتِلَ؟

-         هذا ما أظنّ.

    خرج عليّ من المنزل قبل أن تكمل والدته حديثها، واتّجه فوراً إلى منزل أحمد وروى له القصّة بكاملها. عندما أنهى عليّ كلامه قال أحمد بعد صمتٍ طويل:

-         حسناً، يمكنك أخذ الحصان إلى حيث تريد.

-         أنت لا تفهمني، لا أريد الحصان.

-         ماذا تريد إذاً، سأفعل ما في وسعي كي أساعدك.

-         أريد منك خدمة... ربّما تكون صعبة.

-         سأحاول قدر الإمكان مساعدتك.

-         سوف أكتب رسالة لعامر أتحدّاه فيها أن يأتي ويواجهني هنا أمام داري، وما عليك إلّا أن توصلها إليه.

-         سوف أوصلها، ولكن حذارِ من عامر فهو شابٌّ لا يعرف معنى الرّحمة.

نظر عليّ نظرة استهزاء، وغادر منزل أحمد متّجهاً إلى منزله.

     لم يرى عليّ النّوم تلك الّليلة، فقد كان يفكّر بمجيء عامر، وكان يرسم في ذهنه الخطّة الّتي سينفّذها حين مجيئه. 

فنّ الانتقامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن