الفصل الثّامن عشر

292 10 2
                                    

    في العام 1950م، كان عامر وأهله يسكنون في الأردن -مسقط رأس عامر- بعد أن أتوا من مصر موطن العائلة الأساسيّ بسبب المضايقات الّتي كانوا يتعرّضون لها من قبل المواطنين والحكومة، وقد كان هذا بسبب المشاكل اللّامتناهية بينهم وبين عائلات أخرى هناك. هذا هو السّبب نفسه الّذي دعاهم للهجرة من الأردن إلى البرازيل. فقد كانت الحكومة الأردنيّةقد بدأت بأسر بعض أفراد العائلة، عدى عن الاشتباك المسلّح الّذي حصل بينهم وبين الشّرطة الأردنيّة وكانت حصيلته عشر قتلى من الطّرفين. بعد تلك الحادثة، قرّرت العائلة الهجرة إلى غابة الأمازون لكي ترتاح بشكل نهائي، وهذا ما لم تجده هناك.

     لقد اختارت هذا المكان النّائي لأنّها وجدت أنّها لن تستطيع التّعايش مع أيّ مجتمعٍ كان، فعقلها منغلق وفكرها متخلّف ولا تبحث إلّا عن مصالحها. اعتقدت بأنّ سكنها هناك سيتيح لها أن تتوسّع بحريّةٍ أكبر، ممّا يعطيها سلطة على المنطقة المتواجدة فيها، وربّما تكسب شُهرة. وبما أنّ ذلك يستحيل فعله في منطقة مسكونة، قرّرت البدء في منطقة شبه معزولة. فحبّ السّلطة والتّسلّط مزروعٌ في نفس كلّ فرد من أفراد هذه العائلة. كانت خطّة العائلة أنّ تبدأ في الأمازون بهذا العدد المتواضع وتتوسّع لتفرض سلطتها على تلك المنطقة بشكلٍ تدريجيّ.

    كان يقرأ الرّسالة بغبطة، إذ كان يتشفّى من أوجاع عليّ، فقد كان بهجت يريد الانتقام بالتّعذيب البطيء وتأنيب الضّمير. كان الجّواب ذا صدمة مشابهة لصدمة فشل خطة الضّابط يحيى، قرأ عليّ والعرق يتصبّب من جبينه:

-         من بهجت، لا أريد أن أطيل الكلام، ولكن جواب رسالتك هو الآتي: إذا كنت تريد الدّب، فتوجه الآن إلى قرب شجرة السّنديان الكبيرة، وسوف تلتقي هناك بشخص قد وكّلته بانتظارك، سلّمه ابنك واستلم الدّب.

راح يفكّر بتوتّر، فالوقت ضيّق والفرصة واحدة. ذهب رأساً إلى منزل والده وأخذ ابنه، وأمه تسأله عمّا الّذي يودّ فعله، فلقد لاحظت استعجاله وتوتّره، ولكنّه لم يجيبها وتوجّه مباشرةً إلى شجرة السّنديان الكبيرة.

     كان رائد الصّغير يبكي بين يديّ عليّ، والأخير يركض باتّجاه الكبيرة السّنديان الكبيرة، فتوقف عليّ للحظة ونظر إلى ابنه وهو يبكي، وكأنّه عالمٌ بما يحصل، ولكنّ عليّاً وبعد لحظة تأمّل أكمل طريقه حتّى وصل إلى هناك.

     نظر عليّ إلى الدّب، وهو موثَق بحبل حول عنقه، يحمل ذلك الحبل من الطرف الآخر مندوب بهجت. كان الدّب مُنْهَمِكَ القُوى، يكاد لا يستطيع أن يحرّك عينيه. عندما أبعد عليّ نظره عن الدّب، رأى من كان بجانبه، فرجعت به الذّاكرة إلى الوراء، ورأى لمحات من يوم وفات والده ودفنه وشدّة حزنه

فنّ الانتقامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن