دقّ رائدٌ باب غرفة ابنه مجيد، فلم يستجيب كعادته، ففتح الباب ليرى ابنه مجيد يلهو مع القطط والكلاب مثل طفلٍ ذي سبع سنين، وعندما لمح أباه قال له:
- اذهب من هنا، دعني مع قططي وكلابي، اذهب.
- كنت أريد أن أقول لك أنّ الطّبيب وجد علاجاً لحالتك.
ردّ مجيدٌ بانفعال:
- أنا لست مريضاً ليجد لي علاجاً، افهموني، أنا فقط أحبّ القطط والكلاب.
نظر رائد بشفقة إلى ابنه، ثمّ استدعى الطّبيب. حينما وصل الطّبيب، وبعد أن رأى وضع مجيد قال لرائد:
- إنّ ابنك في حالة خطيرة قد تقوده إلى الجنون، فحين يرى أيّ حيوان سيعتبره ملكه وسوف يصرّ على الاحتفاظ به.
- وما الحلّ؟
- نصيحتي هي أن تخفي الحيوانات من أمامه وتحرص على ألا يرى حيواناً مدّةً أقلّها ثلاثة أشهر، ربّما يكون هذا الأمر صعب، لكن... يجب عليك التّحمّل.
- من المستحيل إخفاء الحيوانات عنه!
- يجب أن تنسيه فكرة الحيوانات إطلاقاً، حتّى أسلحة الصّيد ولوحات الحيوانات يجب أن تُزال من أمامه، وهذا يسرّع العلاج. أمّا إذا شعرت أنّ ابنك أصبح في ذروة هيجانه، يمكنك طلبي وسألبّي على الفور.
كان الغبار يتناثر من وراء حصان أحمد المنطلق بسرعة هائلة إلى بيت عامر، وكان يبدو على وجه أحمد بعض ملامح التوتّر، ربّما لأنّه خائف من عامر... أو لأنّه خائف على عليّ من عامر. وصل إلى البيت المُراد بعد أن سأل عنه. طرق الباب بتوتّرٍ وانتظر وقتاً طويلاً حتّى فُتح الباب. دُهش أحمد من ضخامة من فتح له الباب. قال أحمد وهو يبتلع لعابه:
- كنت... كنت فقط أُريد التّكلّم مع عامر.
فنادى الرّجل الضخم:
- يا عامر، هناك أحمق ذو جثّة صغيرة يريدك.
أتى عامر ونظر إليه باستهزاء. اصطنع أحمد ابتسامة ثمّ قال:
- لست هنا للزّيارة، ولكن أردت فقط أن أوصل لك هذه الرّسالة... إنّها من عليّ.
أخذ عامر الرّسالة من يد أحمد ليراه قد اختفى هو وحصانه وراء الغبار الكثيف.
عاد أحمد إلى عليّ مباشرةً وقال له:
- أُريد أن أُعلمك بأمرين مهمّين، الأوّل أنّني من المستحيل أن أعود إلى ذلك البيت مجدّداً، والثّاني أنّ عامر قد قرأ الرسالة ولم أعرف جوابه.
- الجواب معروف... أنا أنتظر.
- لا أنصحك يا عليّ، فقد رأيت في منزله من هو أضخم منه بثلاث مرّات.
- لازلت تفكّر بحجم الجسد وهذا ما لا يهمّني.
- وقد أُعذِر من أَنذَر.
- إنّك معذور. يمكنك الذّهاب الآن وشكراً على الخدمة.
دخل عليّ المنزل وشرع يفكّر فيما قد يفعله عامر ويقول في نفسه:" هل من الممكن أن يعتذر؟ لا...لا عامر ليس من هذا النّوع... هل سيأتي بمفرده؟ أو مع جمعٍ من أهله؟ لكنّ المواجهة وجهاً لوجه كما ذكرت في الرّسالة، وعامر يحبّ التحدّي..." والوقت يمرّ، حتّى إذا طلع الصّباح انتبه عليٌّ من نومه ليجد نفسه على الكرسيّ مع وجعٍ مزعجٍ في رقبته. أثناء ذلك سمع طرقات الباب القويّة، فهرع إلى الباب. فتح ليرى جمعاً من النّاس يتقدّمهم عامر
أنت تقرأ
فنّ الانتقام
Maceraعليّ شابٌّ عاديّ من هواة الصّيد. كان يعيش حياةً طبيعيّة وآمنة, قبل أن تنقلب حياته رأساً على عقب. فهو لم يعد إلّا وسيلة لإشباع حبّ الانتقام... وليس أيّ انتقام