الفصل الخامس عشر

287 13 0
                                    

وما لبث أن أنهى كلامه حتّى رأى أحمد أمامه ينزل عن جواده ثمّ قال:

-         إنهم أوغاد!

فقال عليّ:

-         من تقصد؟

-         أقصد عائلة عامر، لقد أعطوك مهلة ثلاثة أيّام، ولكنهم سيغيرون غداً، من وراء المنزل، ولقد أخذوا احتياطهم من أن تكون محضّر لهجومهم أو معك مجموعةٌ للمساندة.

 فسكت عليّ لفترة طويلة وهو ينظر إلى وجه أحمد من دون أن يرمش له جفن ثمّ قال:

-         هذا ليس غريب.

ثم التفت إلى الضّابط وأشار بيده وقال له:

-         هناك، ازرع أكبر عدد من الألغام.

-         شعرت بنوع من الأمر في طلبك.

فقال عليّ باستهزاء:

-         حسناً... عفواً، هل يمكن لجلالة قدرك أن تبدأ بزرع الألغام؟

فردّ الضّابط بفخر:

-         حسناً، الآن يمكن أن أبدأ.

    "هدفنا هو الدّب الأسود وليس عليّاً". قال والد عامر أمام مجموعة من حوالي الخمسين شخصاً. "ولكن نريد الدّب أسيراً وليس قتيلاً"، قال هذا والمجموعة المسلّحة تحضّر نفسها للهجوم، ثم قال:

-         لا نريد قتلى، نريد أسرى، لكي نقتل بالطّريقة المناسبة.

وبعد هذه الجملة التّشجيعيّة، كانت الأحصنة تركض بأقصى سرعة إلى بيت عليّ، وكان الأخير على جهوزيّة تامّة إن لم يفشل أي عنصر من عناصر الخطّة للمواجهة.

    كان عليّ وأحمد ورائد جالسون خلف الدّشم، مصوّبون فوّاهات البنادق إلى جهة النّهر. وبعد حوالي ثلاث ساعات من الانتظار، ظهر فارسٌ كان قد تخلّف عن جماعة أهل عامر من شدّة الحماس، يصرخ بصوت عال وهو يقترب من الألغام، غير متوقّع ما سيحصل له بعد هُنَيْهَةٍ ... وحصلت الكارثة، فعندما داست قدم الجواد على أوّل لغم، ما لبثت أن انفجرت جميع الألغام المزروعة بجانبها بسبب الموجة الانفجارية النّاتجة عنها، وهذا ما لم يحسبه الضّابط يحيى بشكل جيّد، فلقد غفل عن حسابات الموجة الانفجارية والمسافة بين الألغام.

بعد تبدّد الغبار والدّخان، نظر عليّ أمامه، ليرى الفارس وجواده قد اختفيا، وسقطت بعض الأشجار أراضاً. ظلّت أذناه تطنّ إلى أن رأى الفرسان الآخرين. حوالي الخمسون فارساً قادمون من مسافة مَرْئِيَّةٍ، يلوّحون بأسلحتهم ويرفعون أيديهم عالياً منادين بالانتقام. لم يعد أمام عليّ أيّ حلّ، فلقد فشل عنصر المفاجأة في الخطّة، وهذا ما كان يعتمد عليه ولم يخصّص له بديل، فقرّر المواجهة والموت بشرف.

فنّ الانتقامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن