زين

130 9 0
                                    

لحزنُ هو ذلكَ الموتُ البطيء، هو ذلكَ الألمُ الصامتُ الذي يغرسُ في جسمِ الإنسانِ وهو يحاولُ أن يخفيّه، يظهرُ علنًا على شكل اهتزازاتٍ في الجسم كالزلازلُ، تعملُ على زلزلة جميع مشاعر الألم.

لِعام كامل، كنتُ شبه تائهة.. تائهةٌ بين الحزن ، الرغبة في الرّحيل، و الاستسلام.. الحزن الذي لم يجلب سوى الالم، الرغبة في الرحيل عن هذا العالم الذي اختارني ولم اخترهُ، الاستسلام لتلك الاصوات التي كانت تُخبرني ان هذه هي العلامة، هذه هي نهياتي، لم يعُد هناك ما يستحقُ العيش من اجله، فإما ان انهي الأمر بيداي، او ان اظلم روحي بتحمّل الالم داخلها مرارًا مُتعلقةٌ بأمل زائف، انّ كل شيء سيصبحُ بخير، ان كلّ شيء سيعودُ كالسابق ..

كانت لدى شون خطط أُخرى، فهو قد اعطاني الخريطة التّي سمحت لي بالاختيار، التي اعطتني خيارات أُخرى .. و كأنني نسيتُ من اكون، ليأتي شون و يذكرني بأنني سكايلر؛ سكايلر التي دائمًا ما جعلت الحزن مُستحيلًا، تلك السكايلر التي لم تذُق طعم البُكاء يومًا تحتّ ايّ ضغوط ... ذكرني انني املكُ ما أحيى من اجله بالفعل! والدي، هو الذي افنى حياتهُ في جعلي سعيدة، كيف استطاع الحزنُ ان يطغى على صورته المُميزة في حياتي؟ شون، شون، و شون! كيف نسيتُ ان هذا هو الفتى الذي جمع قطعي المُبعثرة في اسوأ ايامي، الفتى الذي كان يظهرُ من العدم وقتما احتجتهُ، ذلك الفتى الذي اعطاني عظامهُ لأحيى بينما عظامي تتهشمُ من وطأة مُحيطي.. كيف امكنني ان انسى؟ ديليا، روزاريا، هؤلاء لم افقدهم بعد، فكيف لي ان انساهُم .. لقد كان شون سببًا في عودتي لوعيّي، حديثهُ كان تلك الامنية التي تحققت في وقتها تمامًا..

والدي... لم يعُد منذُ انسحب من غرفتي بِالامس، خمنتُ انهُ لم يرد مجرد دقيقة، لقد كسرتهُ بقوة، لقد اجبرتهُ على اخباري بأمر لم يتوقع ان لسانهُ سيذكرهُ ليَ البتة.. لقد كنتُ حمقاء، لقد اخطأتُ خطأً فادحًا، لقد آلمتهُ فوق اوجاعه ، لقد كنتُ حملًا بدلًا من سندًا و عونًا لهُ، فأُمي كانت تعني لهُ بقدر ما كانت تعني ليّ، رُبما أكثر منّي ! نسيتُ انهُ ايضًا حزين، انهُ ايضًا تأذى، انهُ يحملُ المًا جسماني و روحي، نسيتُ انهُ لم يتحملني احد في الحياة بقدره لأتهمهُ انا بالقتل، لأظن به ظنًا شنيعًا الى ذلك الحدّ .. ادركتُ انني سببتُ جرحًا لن يلتئم بسهولة عندما اختار الابتعاد على البقاء الى جانبي كمل فعل دائمًا، ولم اكُن لأظلمهُ ابدًا، فأنا اخطأت، و ها قد حان اخيرًا موعدُ معاقبة والديّ لي ..

"سكايلر."

انتفضتُ من سُكوني على فراش المشفى الذي اصبح رفيق غير مُمتع البتّة .. عيناي كانتا مُغمضتان و عقلي كان منشغلًا لالحظ ايّ حركة في الغرفة سواي .. الصوت؟ مألوف .. الوجه، ملثم.. العينان بلا لون تحت اضائة الغُرفة المُعتمة ..

"اهدئي." اصبعهُ اصبح فوق شفتيه اللتان كانتا اسفل القناع .. قلبي انتفض مرتعبًا، لساني مُدرك لعواقب الصُراخ و جسدي فيه الم كاف ليبقى مكانهُ لا يهرب ..

أُبوّة زائِفة|Fake Paternityحيث تعيش القصص. اكتشف الآن