لَا تذهبْ..

124 9 0
                                    

ان العالم الموازيّ معرّف بالطلاوة؛ ولكن هُناك ذلك الجُزء من ذلك العالم، الجُزء المنبوذ، الجانب ذا الشوارع المُلظمة و الكوابيس.. ذلك الموقعُ من البلدة حيثُ الجرائم تملكُ عنونًا الغموضُ يحكمُ؛ تلك المنازلُ المنبعثةُ منها اصواتُ البُكاء و الصُراخ، تلك البيوت التي يجلسُ ساكنيها امام النوافذ آملين ، مُنتظرين، غيرُ مرضيّين .. هؤلاء كانت مصائبهم اكبرُ من ان تنتمي للعالم الواقعيّ، هؤلاء اختفت البهجةُ من حياتهم تمامًا حتى انّ الحزن اصبح اكبر من هذه الدّنيا ..

هل كان هذا الوقتُ المنساب ليّ لارمي بنفسي داخل ذلك الجانب من العالم الموازيّ؟ هل كانت تلك اللحظة القطار بين الواقع وذلك العالم ليّ؟ لم أُرد النظر في عينيّ تايلر اكثر، لم أُطق وجوده، لم أتحمّل سماع كلمةً أُخرى منهُ .. جرح ؟ ايّ جرح اكبر من ذلك الذي احياهُ تايلر في قلبيّ بكلامه .. ايّ جرح يمزقُ اكثر من ذلك الذي يسببهُ تايلر بعودته ؟ كانت الدّماءُ تتساقطُ من كثرتها على ثوبي؛ انا لا تتذكّر، هل صدمت نفسهيدبطاولة؟ ام عند اندفاعيّ الى باب الحمّام او الغرفة؟ لم يكُن ذلك مهمًا على ايّةِ حال، فذلك لم يوقفني ولو ثانية.. ركضت خارج الغُرفة استعملُ يديّ لمنع دمائيّ من الخروج متجاهلةً الالم الذي يسري في عروقي اثر الحركة السريعة ..

حملتني قدماي لنهايةِ الممرّ حيثُ كان المصعد لابدأ بضغط الازرار على عجلةٍ من امري؛ لستُ مستعددة لمواجهة شون اذا رآني بهذه الحالة و حاول ايقافي، فهو حتمًا سيتمكنُ مني ، وانا ذاتًا بالكاد استطيعُ المشي .. شيءٌ داخلي كان يتحطمُ كلّما وقعت عيناي فوق شخص و لم يكُن والديّ .. اردتُ رؤيته و لو لثانية ، ليقتلني جُرحي من بعدها ولن آبه، و لكن عليّ رؤيتهُ، عليّ مُصالحتهُ، عليّ البقاءُ بين ذراعيه، عليّ ان اكون قريبةٌ منهُ فانا لستُ بخير البتّة ..

كنتُ داخل فناء المشفى عندما اكتفت قدماي من المُحاربة لتبقيا مُستقيمتان .. كانت اطرافي ترتعشُ بسبب ثياب المشفى و جسدي يصرخُ بسبب الجرح الذي آذيتهُ للتوّ .. انفاسي اصبح صعبٌ التحكم فيها و قلبي عجز عن ضخّ الدماء بشكل سليم .. حتى ان نظري اصبح مشوشًا بينما بحثتُ عن والدي بين العديدُ من الاشخاص الذي التفت بعضهم اليّ بتعجب من منظري، ولكنني لم اكن لاهتم في تلك اللحظة ابدًا ..

عليّ الاعتراف، انني هوجاء، غبيّة، مُتسرعة و مهملة، ولكن تايلر اصاب قلبي بهواجس، لا اريدُ ان يختفي والديّ ايضًا، لا اريدُ منهُ الرّحيل فانا لا اعرفُ كيف سأتمكنُ من الحياة، كيف عليّ ان اعيش؟ يا الهي، الفكرة مرّت على خاطري فقط لتدمرني، ولا اريدُ تخيّل حالتي اذا حصلت بالفعل ..

كنتُ اميّزهُ، اميّزهُ من بين الآلاف مهما كانت حالتي، لذا عندما جاء اسفل ناظراي، اندفعتُ متجاهلة مناجاة جسدي ليّ بالتوقف و عدم المتابعة.. لقد كان جالسًا وحدهُ تحت ظلّ شجرة عندما رآني امامهُ فجأة و اتّسعت عيناهُ عند رؤيته لجرحي الذي كان ينزفُ فوق ثوبي .. ذراعاهُ سبقا ذراعاي ليمسكا بيّ و يسحباني نحوهُ و علاماتُ الرّعب ترتسمُ فوق ملامحهُ جميعها ..

أُبوّة زائِفة|Fake Paternityحيث تعيش القصص. اكتشف الآن