اشرقت الشمس من خلف الغيوم ، فأزعجت اشعتها عيناها ، فتحتها ببطء ، تقريباً هي الشيء الوحيد ااذي استطاعت تحريكه ، فعظامها بالكامل تؤلمها بشدة وبالأخص ظهرها ..
تأوهت وهي تتحرك ببطء شديد خشية أن تسقط أو تؤذي نفسها ، فهي تعلم تماماً أنها لو تأذت لن ينقذها أحد ...
حاولت القيام ، حين سمعت صوتاً هادراً حولها ، ثم ظهرت أمامها طائرة في الأفق ، هليكوبتر ضخمة بالنسبة لها ...
دهشتها افتقدتها توازنها ، وافلتت يدها الممسكة بالباب فسقطت للتأوه بشدة أرضا ...
لم تستطع النهوض ، بينما هبطت الطائرة كالنحلة أمامها ، ثم نزل منها رجل ما ، يتحدث الانجليزيه ، لم تكن في حالة جيدة لسماع اي شيء حقيقة ...
ولكنه أمسك بيدها برفق يساعدها على النهوض ، لم تركز في حديثه بقدر ما كانت منتبهة على حركاتها ولكنها تنبهت حين ذكر اسم آدم في حديثه ...
وقفت أخيرا ، ربما منحنية بعض الشيء ، استندت على الحائط مجدداً واخبرته بانجليزية غير متقنة بأنها لا تفهمه ، مطالبة بمترجم أو أن يتحدث بالعربية .
همهم كأجابة وهو يمسك جهازا ما يعدل به بعض الاشياء ، اخبرته مجددا ان لا شبكات اتصال هنا
فأجابها بأنه سيتولى الأمر ..
حاولت التحرك بهدوء ، بينما شغل هو مترجم لهما وحدثها
: نحن من صحيفة "incredible" نريد السيد آدم
اجابته : ولكنه ليس هنا .... هو في المشفى !
: ماذا !! لم ؟
: هو ....
ثم نظرت له بتفكير قائلة : هل استطيع أن اصطحبك إليه ؟
نظر لها مؤكداً : بالتأكيد ، ااا تعرفين أين هو صحيح !
: نعم نعم ، هيا بنا ...
: حسناً ...
ثم أبعد الجهاز المترجم ، ونادى شخصاً آخر من الطائرة لتستند عليهما وهي تصعد إليها ، صعدت بمساعدتهما ، وجلست في مقعد ما ، نظرت الى ما حولها بينما ترتفع المروحية ...
نظرت للغابة اسفلها مباشرة ... حيث البداية والنهاية ، مروا مباشرة فوق القصر المموه في الأشجار ، نظرت له ... بين كل تلك الأشجار التي نبتت من حوله لا يمكن لأحد أن يصل إليه ، ولا يمكن لأحد أن يجزم بأن هذا الشيء هو القصر الذي قضى كل أولئك نحبهم فيه ...
لا يمكن معرفته سوى من الأرض ، من قاع الحدث ....
من حيث مات كل أولئك ، فشئت أم أبيت ... هذا ليس فيلم يمكن تصويره من عدة جهات ...
هذا كان واقعها ، له نظرة واحدة .... نظرة طفلة فقدت كل شيء في غضب شخص اهوج ... في مجرد عاصفة نيران هوجاء ...
اخبرتهم باسم المشفى ، الذي ذكره المسعف وهو ينقل آدم ، وبحث ذاك الرجل عن مكانه ، ثم هبطوا على سطح المشفى ...
نزلت العجوز من الطائرة ، بينما صعد عدد من الاطباء والممرضين يرون ماذا يحدث ، تركتهم هي وأحد الرجلين وهبطت ، بينما الآخر يحاول بيأس أن يشرح لهم الوضع ...
في النهاية أذن له مدير المشفى بالبقاء .. حين علم أنه غير عربي ..
.
.
: أنت بخير ؟
سألته زوجته برفق ، فأجابها بإيماءة تعني أنه بخير ..
تحدث هشام : لماذا اصريت على الخروج اليوم ! ، حالتك تحتاج لعناية !
: سأكون بخير بإذن الله ، لكن لا أريد ترك جدتي وحدها ..
ابتسمت رهمة ، بينما سأله هشام : هي جدتك ؟
: لا ، ولكنها اغلى من جدتي
: ومن هي إذا !
نظر لزوجته ثم أعاد النظر اليه قائلًا بهدوء : أحد من عاشوا بالقصر ...
نظر له مبهوتاً : تمازحني ! ، تلك الجدة ! ، في القصر الملعون !
: انتهينا من الغابة الملعونة وأصبح القصر هو الملعون ؟ ، حقاً !!
: لا تغير الموضوع ، هي حقاً ممن عاشوا بالقصر ؟! ، ألم تلعنها الغابة ؟! ، أم أنها محبوسة في ذاك الكوخ !
تنهد وهو يبتسم بتعب : صدقت والله !
ثم نظر إليه : أخبرني أولا ، لماذا اتيتم إلى الغابة ؟
: نحن فرقة استكاشفية ، طُلب منا معرفة مكان القصر وتفاصيل عن الغابة ، سعيد كان الطبيب وأنا من المفترض المرشد لهما لأني اعرف الكثير عن الغابة أو هذا المفترض ! ، لكن الآن لست متأكدا من هذا !
: وذاك الأخير الذي أراد قتلنا ؟ القناص !
: هذا كامل ، هو في الأساس ليس قناصاً بمعنى الكلمة ولكنه هنا لحمايتنا إذا ما هاجمتنا أي حيوانات مفترسة او أشياء كهذه ! ، حقيقةً ، هذه الرحلة من أغرب الرحلات التي شهدتها ؛ كان علينا العودة خلال ثلاث أيام فقط ! ، لا أحد يعرف فعلياً طرق الغابة ، القصر لا أثر له ابدا ولم ار قط فريق من ثلاثة أشخاص !
: لاحظت هذا ! .... ، ولم تجدوا شيئاً ؟
: نعم بالضبط
: ولماذا تريدون القصر ؟
: من فترة انتشرت المقالات عن تلك الغابة ، وعن قصتها المتواترة والتي يُقال أنها الحقيقية ، انتشرت في أماكن عدة ، حتى قررت بعض الشركات أن تنظم رحلات إليها ... ، وبالطبع الدولة أحبت هذا ، فزيادة ااسياحة كما تعلم .. مفيدة !
: ولكن اهل الدولة لم يحبوا الفكرة ، صحيح ؟
: حقيقةً ولا حتى الحكومة احبتها ، فقد ارسلونا نحن فقط ! ، ولكنهم لم يعترضوا عليها بشكل مباشر ...
: فهمت ...
نظرت رهمة للخارج ... ونادته بدهشة : آدم !!
نظر إليها : نعم ؟!
ولكن بصره أيضاً علق على تلك الضخمة فوقهم ، طائرة مجلته الهليكوبتر تحوم بالقرب ...
.
.
.
: رحل ؟
تسائلت الجدة بجزع ، لتقول الممرضة : نعم ، لم يرد البقاء هنا ، فرحل مع زوجته والشاب الآخر ..
: إلى أين ؟
: ذاك الشاب معه قال أنه سيأخذهما لمنزليهما ...
ابتسمت بأمل : هل غادرا من فترة ؟
: نعم من وقت طويل ... حوالي خمس ساعات ..
ابتسمت بسعادة : إذا فقد وصلا للمنزل
عادت للطائرة ، وعادوا يحلقون إلى الكوخ ...
ولكنها وجدته فارغ إلا من دجاجاتها ، وقفت مبهوتة للحظات ..
ثم نظرت أرضا بهدوء وابتسمت بسخرية قائلة في نفسها : لقد تعلقتِ بهذا كطفل ساذج تعلق بقطعة حلوى , رهمة ... في الأساس هذا ليس منزلهما ...
.
.
: ربما علينا الإسراع قليلاً ، سيد هشام !
قالها آدم كطلب ليحض السائق على الإسراع ..
فأجابه هشام : أجل بالطبع ... ، أين منزلكما ؟!
جعدا حاجبيهما وتساءل آدم : ماذا تعني ، في الغابة بالطبع !
: لا أعتقد أن سائقاً سيقبل بالذهاب إلي هناك أبدا ... ، تعرف القصص ليست جيدة !
: ماذا تعني ! إلى أين نحن ذاهبون !
: إلى المدينة قطعاً ! ، في الحقيقة يبدو أننا ذاهبون لمقر الشركة !
قالها بعدما نظر من النافذة ليرى ما حولهم ، ولكن آدم هتف : علينا العودة للغابة ! ، لماذا لم تقل شيئاً ؟! ، نحن هنا من أكثر من أربع ساعات !
: أعلم ولكننا توقفنا طويلاً في الطريق ، وأيضاً الشركة في الجهة الأخرى من الغابة كنا ندور حولها !
: بالتأكيد تمازحني صحيح ! ، حسناً دعنا ننزل الآن واخبرني إلى أين نسير !
: حسناً حسناً اهدأ قليلاً ! ، سأحدث السائق ...
وقف هشام ومال على كرسي السائق يحدثه وبعد قليل اعتدل لهما : سيأخذنا للجزء المهجور من المدينة ..
: مجهور ؟
تساءل بدهشة ، فأجابه بتعجب : نعم ، الكوخ في نهايته ألا تعرف ! ، كيف ذهبت إلى هناك إذا !
: لا أدري انا فقط تتبعت منظر الأشجار الطويلة ، كما أني لا أعرف أي شيء عن المدينة بالأساس !
: لا عجب انك وصلت إذا ! ، لم أعرف مطلقاً أن هناك طريق من ذاك الجزء يؤدي إلى الغابة ، لم يكن أحد يعرف بوجود ذاك الجزء !
: عجيب !....
.
.
جلست متعبة بشدة ، فأتى ذاك الرجل متسائلا إن كانت بخير ، أومأت كأجابة ، فسألها عن مكان آدم الحالي ، وصمتت هي كدليل على عدم معرفتها للإجابة ...
بعد قليل طُرق الباب ودخل قبطان الطائرة يتحدث للشخص الأول ، وهي لم تكترث ...
بعد فترة من الحديث المتبادل اخبراها أن عليهما الرحيل والبحث عن آدم ، هزت رأسها بعدم اكتراث ، فالحل يرحل على أي حال !
وخرجا من الكوخ واستقلا الطائرة التي حلقت في ثوان مبتعدة عنها ...
.
.
مضى يسير في الطريق الخالِ من الأشخاص ومعه زوجته ، بينما تركهم هشام وعاد لشركته ، رأى الطائرة تحوم في الأفق ، صرخ مناديا وهو يلوح بذراعه السليمة لينتبها لها ، فبالطبع هم يبحثون عنه ، هذا واضح من تلك الكلمة الضخمة على الطائرة : Incredible
انتبها له أخيراً ، فهبطا بالطائرة قليلاً وانزل أحدهما سلماً ما ، صعد عليه بصعوبة بسبب جرحه ، وصعدت زوجته أيضاً ... لترتفع الطائرة عائدة من حيث أتت ...
.
.
دخول صاخب : جدتي ... لقد عدنا ! ، جدتي !!
دخل مبتسماً بسعادة وخلفه رهمة ، ولكنها لم يجداها ، بجثا عنها في الكوخ لتجدها رهمة أخيراً .. ممددة على الأرض بين الدجاجات ... فاقدة للوعي تماماً .. وحرارتها مرتفعة . . . .
.
.
أفاقت على وجه مبتسم بحنو ، و شيء بارد على رأسها ، فتحت عيناها إلى رهمة التي قالت : حمدا لله على سلامتك عمتي ، قلقنا عليكِ !
: متى عدتما ؟
: منذ قليل ، كنت فاقدة للوعي ، لم أكن أعرف أنك تحبين الدجاج لهذا القدر !
قالتها بابتسامة مشاغبة ، جعلت الجدة تبتسم أيضاً ، ثم سألت : أين زوجك ؟
: بالخارج مع رجلان من الصحيفة التي يعمل بها
: هل سيسافر ؟
: نعم لديه تقرير جديد ...
: حسناً ، وأنت ؟
: سأبقى معك هنا ، لست معتادة على السفر
ابتسمت الجدة بهدوء ، وعم صمت لوهلة حتى سألتها رهمة وهي تغير القماشة المبللة على رأسها : جدتي .. اخبرني آدم أن العربة التي أتى بها الخدم إلى هنا أتت من طريق الشجرة تلك ... المقتولة ..
: هذا صحيح ..
: ولكن ذاك الرجل الذي كان معنا ... هشام ، اخبرنا أن لا أحد يعرف هذا الطريق ، وأنهم لم يعرفوا بوجوده قط !
: هذا صحيح أيضاً ، بسبب هذا علمت أن آدم حين أتى إلى هنا لم يأتِ للتخييم ، لا أحد يعرف هذا الطريق كي يرشدوه إليه لرحلة تخييم ، لا مخيمات في هذه الجهة ، ولا في الأخرى ايضا كما تعلمين ، لا أحد يريد الإقتراب من الغابة !
: إذا هل كان موجوداً ثم اغلقوه ؟
: لا كان موجوداً ولم يعرفوه ، هذا الجزء من المدينة لم أر أحد يعيش به أبدا ، كصحراء لا حياة فيه ! ، يبدو أن قليلون جداً كانوا يعرفوه وانتهى هذا مع قصة اللعنة ، اندثر الطريق مع الغابة وكل تلك الأشياء الأخرى ... لهذا استطعت بناء الكوخ ، العمال الذين أتوا من قرية أبيك لم يحتكوا بأهل المدينة ، لم يعلموا أن هذه هي الغابة الملعونة ، حتى من كان يعرف عنها لم يكتشف انها هي المقصودة ...
: هكذا إذا !... ، يبدو أن آدم حظه جيد ، أن استطاع الوصول
: نعم ، هذا ما يبدو ، لا أعرف كيف ولكنه وصل !
: تتبع الأشجار ، هكذا قال
: ربما ..
: على اي حال لقد انتهى هذا ... سيقيمون رحلات سياحية إلى الغابة ، وإلى القصر ... كان أولئك الثلاثة هنا لأجل هذا ، يريدون معرفة مكان القصر وتفاصيل عن الغابة لهذه الرحلات .. ولكنهم لم يصلوا لأي شيء ...
: سياحة ! ، هنا ؟
: نعم ... ما رأيك بالأمر ؟
: ....... لا أدري !.
.
.
رحل الرجلين ذاك اليوم مع إتفاق بأن يأتوا له بعد أسبوع ريثما تكون يده بحالة أفضل ، ليذهب في سفر آخر ..
أنت تقرأ
الغابة الملعونة_آلاء شعبان
Misterio / Suspensoهمست يوماً في أذنه : هل سمعت يوماً عن وحش القلعة ؟ وقبل ان يفتح فمه ليتحدث قالت : لا يا صغير ليس ذاك الأمير المتحول ، بل الوحش الآخر ... ألا تعرفه ؟ ، حسنا دعني اخبرك .. ما بين الرواي وروايته ... رواية غموض وليس رعب الرواية الرابعة بقلمي : آلاء شعب...