في اليوم التالي وبعد أن تناولوا الغداء ، ذهبت الجدة للنوم لأنها لا تزال متعبة .. ، بينما آدم لم يفعل المثل ..
: ما رأيك ببعض التمشية ؟
قالها لرهمة وهي تحمل الاواني إلى المطبخ ، التي تعجبت قائلة : تمشية !
: نعم في الغابة ، الطقس لطيف اليوم
رفضت : لا، أنت مريض ليس الآن .
: هيا ، لن اسير على ذراعي !
: ولكنك تحتاج للراحة ..
: لا بأس لن نتأخر ، سنعود ما إن نشعر بالتعب
فكرت قليلاً ثم انتهى الأمر بها تحتضن ذراعه المعافى وهما يسيران بالغابة ...
.
.
: هل نمتِ ؟
قالها بهدوء حين ظلت ساكنة على كتفه لأكثر من نصف ساعة دون حديث أو حراك ..
فأجابته : لا ، اتأملها فقط ..
: إذا ماذا عن أني مريض واحتاج للراحة والأشياء تلك ! ، كتفي يعاني رهمتي !
ابتعدت عنه مزمجرة بغيظ ، وهي تعقد ذراعيها على صدرها ، بينما هو ضحك بفكاهة وهو ينظر لملامحها المتضايقة وقد رفعت النقاب عنها ...
: حسناً حسناً ، لا تغضبي ، لا بأس في أن أضمد كتفى الآخر لأجلك !
نظرت له بغيظ أكبر قائلة : أنت مزعج!
قهقه مجدداً : حسناً سأتوقف ...
مال هو برأسه إلى كتفها ، وهو يهمس : بم تفكرين ؟
:بعمتي ...
: ما بها ؟
: لا أعرف ، فقط أنا قلقة عليها ، بالرغم من كل ما نعرف لازال هناك أشياء تحملها لا ندري عنها شيئاً ... ، أثقال تدمي قلبها ، حين أنظر لها أجد عينهاها تحمل من الكمد ما لا يمكن اخفاؤه .. خاصة بالفترة الأخيرة ...
ابتسم بحزن : معك حق ، تحمل الكثير بالفعل ...
نظرت له بتفرس : انت تعرف شيئاً ، ماذا تخفي عني ؟..
ابتسم بشرود قائلاً : لا شيء لاخبرك به ... ، لا شيء !
قالها بينما عيناه ثبتت على تلك الأشجار أمامه ... وهو يذكر تلك الرسالة الصفراء المهترئة التي وجدها في حقائبه بعد عودته لموطنه .....
.
.
ايقظته من شروده وهي تقول : لعمتى كل الحق في أن تعشق تلك الغابة ، سبحان من أبدعها ..
: بالفعل ...
ثم رفع رأسه عن كتفها وقام قائلاً : تعالى ..
: إلى أين ؟
: اتبعيني فقط !
اخذها لمكان آخر بالغابة جميل للغاية ، حيث استلقيا أرضا ناظرين للسماء في إطار من الأغصان الوارفة ...
: لم ار منظرا كهذا من قبل ...
همس بها باعجاب ، فقالت : بالفعل .
عم الصمت لدقائق قبل أن تقول : آدم ... جدتي عانت طويلاً .. أريد اسعادها بشيء ما ..
: معك حق ، هل لديك أفكار ؟
اعتدلت قائلة : أجل ... ما رأيك برحلة للعمرة ؟
نظر لها بتمعن قائلا : لماذا بالتحديد ؟
: كانت أمي تخبرني بأنها وعمتي أرادتا الذهاب هناك طويلاً ، ولكن ظروفهم لم تكن تسمح بالذهاب أبداً لم يكن لديهم سوى سكنهم فقط ... ، أعتقد أن هذا سيفرحها بشدة ..
: حسناً ، أعتقد أنه يمكننا الذهاب بعد عودتي من السفر ..
صفقت بحماس : حسناً ، ولكن لا تخبرها دعها تكون مفاجئة لها ، متأكدة بأنها ستفرح بشدة !
ابتسم قائلاً : حسناً ، ما رأيك بأن نذهب لشراء ملابس لها والأشياء التي قد نحتاجها ..
: نعم ولكن متى ؟ ، وكيف ؟!
: أعتقد أننا سنحتاج سيارة ...
: بالفعل ، لو كثر انتقالنا إلى المدينة سنحتاجها بالتأكيد .. ولكن أليس هذا غريباً ! ، جدتي لم تذهب للمدينة منذ خمس وعشرون عاماً ، من أين تحصل على ثيابها !
: تغزلها ، رأيتها تغزل صوفاً في المرة السابقة
: إذا ربما لديها مخزون من الصوف والأقمشة
: وفراغ من الوقت أيضاً ! ، لا شك أن هذا كان مملاً صحيح ؟
: نعم .. ، لا أستطيع تخيل أنني توقفت عن التكلم مع لشهر واحد حتى !
ابتسم ولم يتحدث ، وعم صمت عليهما وهما يتأملان الغابة بصمت ...
ضوئها المتسلل من بين الأشجار بخلسة وهدوئها التام ، وأخيراً يمكن القول بأنهما في الطبيعة ...
.
.
بعد يومين ذهبا للمدينة لشراء الأغراض ، ولم يخبرها ما تلك الحقائب التي يحملونها وهي لم تسأل !..
لم تفكر في الأمر كثيرا ، ولكنها حين دخلت غرفتها بعد يومين آخرين لتجد عدة أوراق واشياء على الفراش ... تدافعت إلى رأسها الأسئلة كاندفاع المياة بعد كسر السد ..ولا سيما حين قرأت ما بها ..
: آدم ! رهمة !
ناتهما وهي تتنفس بسرعة والدهشة تحتل ملامحها ..
دخلا بعد ثوان بابتسامة واسعة ، يتأملا دهشتها ، بينما هي قالت : ما هذا ؟
سأل آدم بدوره مبتسماً : ماذا ترين ؟
اقتربت منها رهمة بسعادة ، ببنما العجوز تنظر لصورة الكعبة الملحقة بالاغراض بدهشة قائلة : أرى ورق السفر لبكة
آدم : إذا فنحن ذاهبون إليها
أما رهمة فقالت ببهجة : لكي تلمسي الحجر الأسود وتصلي في بيت الله الحرام ، لا زلت تشتاقين للسجود هناك صحيح ؟!
ابتسمت العجوز ، بحزن وسعادة وشوق وألم في آن واحد
: انتظرتها طويلاً ، ظننت ألا امل لي في الذهاب !
: ولكن الله كتبها لكِ ، لم أظن أن الأمر سيكون سهلاً هكذا ! ، انتهينا من كل الأوراق بسرعة خارقة !
لمعت عيناها بسعادة ، وهي تبتسم ناظرة في تلك الأوراق ... وعجز لسانها عن الحديث تماماً ...
.
.
بالطبع كان توديعهما لآدم حاراً وهو ذاهب مع الرجلين بعد ثلاث أيام اخرى ...
: لا تتأخر ، في أمان الله ..
قالتها رهمة بابتسامة وهي تعطيه حقيبته فأجابها بابتسامة هو الآخر
: لن أفعل بإذن الله ، اعتني بالجدة
: لا تقلق ، سنعتني بأنفسنا جيداً ..
هبط الدرج الي الطابق الأول حيث تجلس الجدة على اريكتها ، وما إن رأته قالت : في أمان الله آدم ، عد سريعاً ..
: بإذن الله جدتي ، اعتنيا بنفسيكما في غيابي ، سأعود خلال أسبوع على الأكثر بإذن الله ...
.
.
حلقت الطائرة ذات المروحية بعيداً ، وهما واقفتان يشاهدانها من النافذة ...
في اليوم التالي انتهتا من اعمالهما وجلستا في صمت حين قالت رهمة بحماس : حسناً جدتي ، لنستمتع قليلاً حتى عودته ..
ضحكت الجدة قائلة : وكيف تريدين الإستمتاع ؟
فكرت قائلة : لا أعرف تحديداً ، ما رأيك في أن نلعب لعبة ما ؟
: مثل ماذا ؟
: ليس لديك هنا ألعاب صحيح ؟
: لا ، ولكن يمكننا لعب بعض الألغاز .. سأبدأ أنا
: حسناً تفضلي ...
قالت بتفكير : حسناً ، لنرى ... يطير بجسد أبيض ويهبط بحجاب قاتم ، يسير ببساط أزرق و يمرض في جسده الطائر .
جعدت رهمة حاجبيها بتفكير قائلة : يبدو معقدا وبسيطا في آن واحد ...يطير في جسد أبيض .... ويهبط بحجاب قاتم ... يسير .. أزرق ...
إذا في السماء هو أبيض في الأرض هو أزرق ! ... بساط ؟ ، إذا ليس هو الأزرق ....
: هيا إنه لغز بسيط !!
: يمرض في جسده الطائر ؟! ، جسده الطائر هو أبيض ، إذا يمرض في لون الأبيض ؟
.
.
بعد قليل طُرق الباب ليقطع أفكار رهمة في حل اللغز ، قامت الجدة لتفتح بتعجب - بينما رهمة ترتدي نقابها - لتجد أمامها رجلا يبدو عليه الجدية ، سألها بصوت أجش : منزل السيد آدم واتسون ؟
تمتمت مطالبة إياه أن ينتظر للحظة ودخلت لتنادي رهمة ، بعد دقائق عادت وجوارها رهمة التي اخبرته : نعم هذا منزله لكنه ليس هنا حالياً
نظر في أوراق بيده قائلاً : لدي طرد من السيد هشام موسى من أجله ، أيمكن لأحد منكما استلامه ؟
تسائلت رهمة : وما هو ؟
أشار لسيارة ما قائلاً : تلك السيارة هناك !
نظرت لها الجدة بدهشة : سيارة ؟!
: نعم ، لقد قال أنه سيشتري واحدة ، لكن لم أكن أعرف أنه طلب من هشام ذاك أن يرسلها ، على أي حال لم أتوقع أن يأتي أحد الى هنا
تحدث الرجل مجدداً قائلا : لا تقلقي فهذا الهدوء السائد سينتهي قريباً بحسب ما سمعت ، على أي حال من سيستلمها ؟
: حسناً أنا زوجته يمكنني استلامها.
.
.
: السلام عليكِ عزيزتي
قالها آدم هاتفيا إلى رهمة التي ذهبت إلى الشجرة المقتولة لتحدثه بعد يومين ، أجابته قائلة : وعليك السلام ..كيف حالك ؟
: بخير الحمد لله ، وأنتما ؟
: بخير ، بالمناسبة وصلت السيارة
: حقاً ؟ ، ظننت أن هذا سيستغرق وقتا
وتمتم مكملا : ريثما يقبل أحد بالمجيء
تنهدت : نعم ظننت ذلك أيضاً ، كما ان هناك شيئاً ما يحيرني
: ماهو ؟
: لقد قال ذاك الرحل بأن الهدوء المسيطر هنا سينتهي قريباً
: وماذا يعني بهذا ؟
: لست ادري ، اظن بأنها السياحة التي ذكرها ذاك الرجل هشام
: نعم ربما ، اخبريني كيف حال الجدة الآن ؟
: بخير تعافت تماماً أخيراً ، وتنتظرك على أحر من الجمر لنسافر
ضحك قائلاً : عليكِ تصديقي حين أخبرك أني متشوق للذهاب اكثر منها
ضحكت بخفوت هي أيضاً : حسناً ثلاثتنا نتمناها بشدة ، لا تتأخر كثيرا
: بإذن الله ، سأعود للعمل الآن انتبهي لنفسك متى أحدثك ؟
: حسناً ربما غداً في مثل هذا الوقت بإذن الله
: حسناً ، السلام عليكِ
: وعليك السلام ...
أغلقت الخط وخطت عائدة للمنزل بهدوء ، وصمت وابتسامة بسيطة ترتسم على محياها ..
.
.
أنت تقرأ
الغابة الملعونة_آلاء شعبان
Tajemnica / Thrillerهمست يوماً في أذنه : هل سمعت يوماً عن وحش القلعة ؟ وقبل ان يفتح فمه ليتحدث قالت : لا يا صغير ليس ذاك الأمير المتحول ، بل الوحش الآخر ... ألا تعرفه ؟ ، حسنا دعني اخبرك .. ما بين الرواي وروايته ... رواية غموض وليس رعب الرواية الرابعة بقلمي : آلاء شعب...