غفران

1.9K 203 30
                                    

الوقت يمر بطئ و الرائحة قاتلة هنا تشبه رائحة الجثث العفنة، كلما أغلق عينيه رأى نفسه كأنه في قبر يدفن حياً يفتح عينيه بفزع ر العرق يتصبب منه بشدة! الليل طويل و هن وحيد وحيدٌ تماماً سوى من وجود السجانيين !
السجانين؟! كلا هو لم يعد موجوداً في السجن لقد خرج!! إن للحرية طعم آخر، أن تلامس الشمس جسدة مجدداً! إنه لا يعرف كيف نال الحرية و لكنه نالها بالفعل!


فقد مرت الأيام بطيئة في ذلك السجن و كانت متعة سلطان الإستماع لحديث السجانين بالرغم من أن أحاديثهم مملة إلا أنه من خلالها كان يستطيع ان يشعر بأن هناك عالم آخر بالخارج، فهو في عزلته هذه بالكاد يتذكر كيف يبدوا العالم الخارجي.


نظر للصحراء الممتدة أمامه كيف فكر بالإنتحار سابقاً!؟ كان سيفوت على نفسه الكثير!!
فقد تذكر غضبه في أحد الأيام و هو يصرخ بداخله، لماذا؟! لم يعدموه؟! كان أفضل عليه الموت ألف مرة من يعيش هذا الوضع التعس! هل هذه الرحمة في نظرهم؟! انه يفضل الموت على رحمتهم!! فقد تراجع عن خططه ماذا يريدون أكثر من ذلك منه؟! لقد ساعدهم!؟ هل هكذا يكافؤونه بحبسه بهذه الطريقة البشعة!!
و لكن ماذا لو انتحر ؟! صحيح ! كيف لم يفكر بالأمر ؟! و لكن كيف ؟! كيف ينتحر؟! و هو محبوس؟! سيكون الإنتحار خلاصه ان مات سيرتاح!!
فقد كان دائماً يضع الإنتحار في قائمة الضعف الخاصة به! و لكن في ذلك اليوم خطط للأمر، بل أن الفكرة خطرت له هل كان دائماً بهذا الضعف؟! أجل لقد كان في الماضي ضعيفاً و جباناً!
لقد كان يقوم بالكثير من الأمور فقط ليرى الناس كم هو شخص طيب، كان يصلي كثيراً أمام الناس ليبهرهم ، كان يدعي الصوم في جميع مناسبات الصوم فقط ليرى الناس كم هو تقي، كان يتصدق أمام الناس للمساكين بينما هو في داخله يلعنهم على ضعفهم!!، لم يقرأ القرآن منذ زمن ربما كانت آخر مرة قرأ فيها القرآن هي في طفولته!
فقد كان يستخسر التوبة على نفسه و نسي أن رحمة الله تسع كل شئ فهو نسي أن الله غفور رحيم و كما أنه تناسى بأن الله شديد العقاب، فهو بالغ في الآثام لأنه شعر ان ذنوبه لن يغفر لها، لم يحاول ان يتوب يوماً!! و حتى حينما دخل السجن لم يقر بتوبته و لم يحاول ان يعود إلى الله فعلاً.
و مع ذلك هو لم يعرف طعم الصلاة إلا حينما دخل السجن ، أدرك أن لها طعماً آخر و لكن كان يشعر بأن ذنبه كبير لا يغتفر كان يصلي ليرتاح باله فقط!!
فهو كل حياته اهتم بالدنيا و نسي حساب الآخرة و لم يفكر يوماً بنعيم الجنة و لا سعير جهنم!!



لقد عاش في ذلك السجن الكثير من التناقضات فقد كان يشعر بالملل و التفكير كان صاحبه و لكن التفكير في ذلك الوقت كان قد أوصله لحد الجنون و لذلك اوجد لنفسه في ذلك السجن متعة أخرى ألا و هي إستفزاز السجانيين فقد حدث الأمر صدفة و لكنها باتت متعة سلطان السرية، ففي ذلك اليوم كان عقله قد ارهقه التفكير أساساً بين محاولة الهرب بعدما أصبح الإنتحار فكرة تافهة و ممله و صعبة التنفيذ أساساً!!
"تباً لكم" صرخ سلطان بغضب من داخل زنزانته
"توقف عن الصراخ أيها السجن" صرخ السجان بتهديد
"هل بات الكلام محرماً أم ماذا؟!" صرخ السجان
"الزم حدودك يا هذا و إلا!!" قال السجان بتهديد و هو يضرب الزنزانة
"ما الذي سيتفعلونه بي أكثر مما تفعلونه بي الآن" قال سلطان بإستهزاء
بالرغم من قصر ذاك الحديث و عدم جدواه إلا أنه من خلاله استطاع ان يتواصل مع السجان بشكل أو بآخر ذلك جعل دماءه تغلي حماساً!
و لكن اليوم هو يستطيع ان يتحدث كما يشاء انه حر!


نجمة و المخادعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن