لطالما سمعت مقولة "نحن لا ندرك قيمة النعم الصغيرة الا عندما نفقدها" ، لن أشعر بمعناها الا عندما جاء يوم الجمعة
في البداية لم يأخذوني لغرفة العلاج بل لغرفة عمليات ما ، لم افهم مقصدها لكنني لم ارد اسال و اخيف نفسي
لوك لم يغادر جانبي دقيقة ، بات معي في المشفى و نزل معي لغرفة العمليات ليودعني ، كنت متوترة و خائفة بعض الشيء لكن ليس بمقدار خوف و قلق لوك
كان يحاول جاهدًا الصمود و عدم البكاء ، بعض الدموع تسللت من عيناه لكنه حاول مسحها من قبل ان ألاحظ
كان ممسكًا بيدي طيلة الوقت و كان يقبل جبيني كل فترة و الاخرى
"لوك ارجوك توقف عن القلق ساكون بخير"
"انا اعلم ، لا باس"
"هم يعرفون ما يفعلون ارجوك توقف عن القلق" قلت له و انا امسح دموعه عن عينيه
أمسك بيدي أقوى من ذي قبل و هو يحاول ان يبقى قويًا و قال " عديني ان تبقي قويةً
"اعدك"
-----------------------
خرجت من غرفة العمليات و انا اشعر بألم فظيع في ظهري ، كان الوقت ليلاً ، لم اعلم كم كانت الساعة فبالكاد كنت استطيع الحركة ، كنت اتالم ثم بعد فترة بسيطة دخلت علي ممرضة
"مرحبًا" قالتها بنصف ابتسامة
لم استطع الكلام من شدة الألم فهززت راسي لها
"لا باس ليس عليك الكلام ، غدًا صباحا ستكونين بخير و سنبدأ بالعلاج" قالتها و هي تعدل المحلول الذي في يدي
أغمضت عيني لعلي احصل على بعض النوم ، كل ما أريده ان اعلم ما الذي سيحصل خلال الأسابيع القادمة
-------------------
صباح اليوم التالي ، ركبت الممرضة الشي الخاص بالتحاليل عند اوردتي ، و استطيع ان اقسم ان أنزلت يدي دمائي ستخطلت مع المحلول ، جلست في غرفة العلاج لثمان ساعات أشبه بالموت
وضعو بعض الثلج في فمي لكي لا أصاب بتقرحات ، شعرت بالغثيان و الدوار الشديد ، كأنهم لا يعالجونني ، بل يعرضونني للموت ببطئ ، لم يسمح بالزيارات و ألزومني على النوم في المشفى لكي يتابعو حالتي ، بالذات انني في مرحلة متأخرة فانا احتاج عناية اكثر
غرفة بادرة ، ضوء شمس خافت ، اصابع متجمدة ، جسم لا يقوى على الحراك ، و الشعور بالنيران في
عروقي ، هذة حالتي
انهيت اليوم الاول و انا احس بالمرض يزداد فيني ، لم اقوا على الحركة او حتى فتح فمي ، نهايتي قريبة ، انا اشعر بها
---------------------
صباح اليوم التالي دخلت علي الممرضة لتراجع حالتي
"صباح الخير"
"صباح النور" اجبتها بصوت خافت يكاد ان يسمع
"انت شجاعة فعلًا هل تعلمين ذلك ؟" قالت لي و هي تدون شيئًا و هي مبتسمة
"لماذا؟"
"لأنك أمضيتي الليلة بمفردك مع كل صعوبة هذا الالم ، لا باس قد تشفين"
لم أكن متاكدة من كلامها بأنني 'قد' أشفى ، انا في حال يرثى لها
"هل يمكنني ان اسال شيئًا؟"
"بالطبع"
"لماذا اصبت بالسرطان؟"
"أسبابه عديده ، قد يكون تجمع أوبئة ، قد يكون كثرة التعرض للإشعاعات، ، تكاثر الخلايا الغير طبيعي ، وراثة و بعض المسببات الاخرى"
"بالأمس اجريتم لي عملية ما لكنكم لم تخبروني انني سأجريها و ما السبب"
"كانت عملية استئصال الورم من ظهرك ، هذة اول خطوة من العلاج، اخذ الورم و من ثم نبدأ بالكيماوي"
راجعت بعض الأوراق و دونت بعض الملاحظات من قبل ان تخرج ، شعرت برغبة شديدة بالتقيئ علمًا بأنني لم اكل شيء منذ اكثر من ٤٨ ساعة
----------------------
سمعت صوت الباب يدق بينما كنت أشاهد التلفاز محاولة اضاعة الملل الذي اشعر به
"ادخل"
دخل شخص ما و كان يحمل باقة ورود كبيرة يغطي بها وجهه
ازاحها و كان لوك
"لوك" صرخت من الفرحة و أردت ان اقفز لكنني لا استطيع بسبب كثرة الانابيب المعلقة بي
"تانيا" قالها و عيناه تدمعان من الفرح ، احتضنني بشدة و فعلت المثل ، شعرت بدموعه تبلل كتفي
مرت بضع دقائق أشبه بالنعيم
سحب مني و ابتسامته لم تفارق وجهه
"ما زلتي هنا ، ظننت بان من الممكن ان أفقدك "
"لا تخف ، ما زلت بجانبك"
"بقي ٧ من اصل ٨"
"اعلم ، بدأت بهم و انا اشعر بالمرض يزداد في داخلي"
"لا باس ستتخطينها" قالها و قبل جبهتي
شعرت بالألم يهون عندما كان بجانبي ، كان كل شيء بالنسبه لي
--------------------
مرت الجلسة الاولى
الثانية
الثالثة
و بدأت أخسر الكثير من الوزن ، بدأت اشحب و عيناي أصبحت ذو لون رمادي فاتح ، فقدت شعري كله ، و بدأت اشعر بالاسوء فالأسوء
ورغم ذلك كله ، لوك لم يغادر جانبي
بعد انتهاء الجلسة الرابعة احسست انني سأغادر قريبا ، بعيدًا عن الكل
اخذت ورقة و قلم و بدأت اكتب كل مافي داخلي
رسالة تعني لي الكثير
لشخص ما