مرّت الأيام بهدوء نادر.
البيت أصبح دافئًا أكثر من ذي قبل.
ليندا بدأت تضحك أحيانًا... ضحكة صغيرة، لكنها حقيقية.
كانت تستيقظ باكرًا، ترسم، تقرأ، وتعدّ القهوة له كل صباح.
وفي المساء، يُحضّر هو القهوة لها.
"مذاقها يختلف حين يصنعها هو..." كانت تكتب ذلك في دفترها،
"كأنها تقول لي: ما زال هناك أحد يفهمني دون كلام."
⸻
ذات صباح، استيقظت لتجد فنجانها المفضل على الطاولة...
القهوة جاهزة، ساخنة، تفوح منها رائحة حنونة كالمعتاد.
جلس مقابلها.
نظر إليها بابتسامة غريبة... فيها دفء، لكن خلفها شيء غامض، وكأنها ابتسامة وداع لا تريد أن تُفصح عن نفسها.
قال لها:
"أعددتُها لك بنفسي. كما تحبين، دون سكّر... لكن أضفتُ لها شيئًا بسيطًا."
ضحكت وقالت:
"لا تقل إنك وضعت فيها ملحًا!"
ضحك أيضًا، لكنه لم يُجب.
شربت القهوة، ولم تلاحظ شيئًا...
لكن بعد دقائق، بدأ كل شيء يتموّج أمام عينيها.
الألوان تتلاشى، الأصوات تُبطئ، ودفترها يسقط من يدها.
وقبل أن تُغمض عينيها تمامًا، سمعته يهمس:
"سامحيني، ليندا... كان عليّ أن أذهب."
⸻
...استيقظت بعد ساعات.
كانت مستلقية على سريرها، في الغرفة نفسها، لكن كل شيء بدا أبرد.
النافذة مفتوحة، والستائر تتحرك كأن أحدًا غادر للتو.
بجوار السرير، كانت هناك خادمة لم ترها من قبل.
قالت الخادمة بصوت هادئ:
"سيّدك قال إنك ستفهمين لاحقًا. طلب مني أن أعتني بك... لكنه لم يقل إلى أين سيذهب."
⸻
ليندا لم تبكِ.
لم تصرخ.
فقط نظرت إلى فنجان القهوة الذي تُرك على الطاولة...
وتذكّرت ابتسامته الأخيرة.
"شيء بسيط فقط..."
قالها، لكنه لم يقل أن هذا "الشيء" كان الفراق.
⸻
بدأ كل شيء بقهوة...
وانتهى بها.
لكن ما الذي جعله يختفـي؟
هل لحمايتها؟ أم ليهرب من شيء؟
وهل سيعود... أم أنها بداية مرحلة جديدة تمامًا
أنت تقرأ
عثرات القدر المظلم
Mystery / Thrillerغموض. خيال. علمي. شريحة م̷ـــِْن الواقع حكاي فتاة بين الالم والامل يعكسها القدر لتجد نفسها بين جدران الياس
