(7)

3.7K 182 6
                                    

( بقلم : نهال عبدالواحد)

عادت سلمى هي و والدتها للمنزل في صمت تام حتى وصلت، دخلت حجرتها فأجهشت بالبكاء و زاد نحيبها أكثر وأكثر.

تنهدت رقية وأهدرت بحزن: لا حول ولا قوة الا بالله! يابنتي ماهو كان أدامك.

أجابت سلمى وسط شهقاتها: إنتِ فاهمة إني بعيط عشان آدم خطب دارين! أمال لو ماكنتيش عارفة كل حاجة.

- ولحد إمتى؟ مش كفاية كده؟ حرام عليكِ نفسك.

- ماشي كفاية كده فعلًا، بس أعمل إيه؟ أعمل إيه؟ إديني حل، قوليلي إعملي كذا وكذا وأنا تحت أمرك، يعني ماقدرتيش وقتها تضربيني قلمين و لا تحبسيني ف البيت أحسن م اللي أنا فيه ده.

- يا سلام! عشان تعندي! ماكانش ينفع أبدًا، وبعدين أنا ياما اتكلمت معاكِ، بس فعلًا عمري مااتخيلت إن الموضوع يوصل لكده.

- أنا اتدمرت، اتدمرت.

فاحتضنتها رقية وقالت مربتة عليها: إهدي حبيبتي ده قدر ربنا، يعني كان هيحصل هيحصل حتى لو كنت ضربتك القلمين وربطتك ف البيت، كان برضو هيحصل، بس شوفي نفسك إنتِ أحسن من غيرك، واحدة زيك داخلة على 25 سنة شوفي عملتي إيه! بنت متميزة ليها صحاب كتير بيحبوها ويقدروها، اتعلمتي كام لغة، بتشتغلي وبتكبري إسمك، عارفة لو ماكانش حصلك كده كنتِ هتبقي زيك زي أي بنت عادية، شوفي كنتِ إيه وبآيتي إيه!

- وأنا كان نفسي أبقي عادية، إيه مانفسكيش تفرحي بي وتشيلي و لادي!

- أكيد نفسي بس مع اللي يقدرك فعلًا، مع اللي يعوزك تشاركيه حياته مش يتحكم فيكِ، تكونوا شريكين فعلًا ف كل حاجة مش مجرد حاجة... مع اللي يحترم رأيك وشخصيتك مش مهم يكون عندك كام سنة زي ماكانو أمهاتنا تقولنا زمان لا المهم تعيشي وتختاري المناسب، إنتِ مشكلتك إنك اتعلقتي بيه أكتر من اللازم وما حدش بيتعلق بحاجة أوي إلا لما يخسرها أو تقضي عليه، وأنا عايزاكِ حبيبتي، خليكِ قوية، مش عايزاكِ تروحي مني اهدي واستهدي بالله، لو ليكم نصيب ف بعض هتتقابلوا مهما طالت السنين عشرة عشرين تلاتين سنة هتتقابلوا و هتكملوا، و لومفيش نصيب عمركم ما هتتقابلوا، أهم حاجة عيشي حياتك وما تفكريش كتير وكله هيبقى تمام.

وقبلتها و تركتها و هي تدعو لها كثيرًا أن يريح قلبها و يهديها للخير دائمًا ويصرف عنها كل سوء.

وذات يوم قررت سلمى دعوة أصدقائها و خطابهم على الغداء في منزلها، قامت بطبخ كل شيء فكانت طباخة ماهرة مثل أمها وجميع اصدقاءها يعلمون ذلك ويسعدون بالمجيء إليها، كان يومًا لطيفًا ومرحًا على الجميع إلا سلمى كانت في قمة توترها وكأن شيئًا سيحدث رغم ماترسمه من بسمات وضحكات على وجهها حتى غادر الأصدقاء،زاد شعورها غير المبرر ترى لماذا هذا الشعور؟!

وفي الليل كان عبدالله (والد سلمى) يجلس مع سعيد(والد سليم)يتسامران.

فأهدر سعيد: باقولك إيه فاضي إنهاردة؟

أجاب عبدالله: آه خير!

قال سعيد: أصل ابني جاي م السفر إنهاردة أخيرًا وإنت عارفني ف سواقة الليل ماتيجي توصلني المطار.

- ماشي، بس هو عمر سافر إمتى؟

- لا ده سليم أخيرًا راجع.

- إده هو ماكانش لسه جه من عشر سنين.

- لا للأسف، وأهو الحمد لله خلص ماجستيره و دكتوراته و هيرجع يشتغل ف الجامعة و يفتح مكتبه.

- طب الحمد لله، حمدالله على سلامته!

ذهب الرجلان للمطار ينتظران سليم، مضى بعض الوقت حتى لاح من بعيد لكنه متعب للغاية كأنه ينهج ولا يستطيع التنفس بشكل جيد، يسعل متتاليًا سلم على والده بحرارة ثم ارتمى على أحد الكراسي حتى يتحسن قليلًا.

تسآل سعيد بقلق: مالك يا حبيبي؟ انت تعبان ولا إيه؟!

أومأ سليم نافيًا وقال: لا لا حصلي كده وأنا مسافر من هنا، هبقى كويس دلوقتي.

قال عبدالله: حمد الله على سلامتك!

أطال سليم النظر إليه ثم ابتسم مجيبًا: الله يسلمك يا حاج!

ثم اعتدل واقفًا وأهدر: لحظة واحدة بينادوا عليّ.

قال عبدالله: ماسمعتش حد قال سليم.

تابع سعيد : هو إسمه الحقيقي عبد السلام، سليم ده بينا كده بس.

أما عند سلمى فمنذ أن غادر الأصدقاء وزاد توترها و بدأت تتنفس بصعوبة، تسآلت رقية بقلق: مالك فيكِ إيه؟

أجابت سلمى بأنفاس متلاحقة: مش عارفة مش عارفة.

- طب اهدي حبيبتي.

صاحت بهيستريا فجأة: ماحدش يقولي إهدي، الكلمة دي بتعصبني.

- طب أعملك إيه؟

- نفسي أموت بأه تعبت من نفسي بجد.

- بعد الشر عليكِ، إيه اللي بتقوليه ده؟! مالك؟

وفجأة سقطت مغشيًا عليها، صدمت رقية، نفس الوقعة منذ عشر سنوات، ماذا تفعل؟!

اتصلت بزوجها ثم ابنها.

كان عبدالله يجلس مع سعيد، كلما رن هاتفه لا يجيب حتى اتصل به ابنه فأجاب: أيوة يا أحمد... فيه ايه؟!... طب ودتوها فين؟... طيب طيب... جاي على طول.

كان سليم ينصت إليه بكل حواسه، فتسآل سعيد بقلق: خير في إيه؟

أهدر عبدالله بحزن: لا إله إلا الله! ما كنا خلصنا م الحكاية دي ، بنتي... سلمى بنتي.

تابع سعيد: انت عندك بنت!

أجاب عبدالله: آه، في سنة تالتة في فنون جميلة، بس وصلوني المستشفى الأول.

ركب الثلاثة و انطلقوا نحو المستشفى، قص عبد الله كل ماحدث لها قبل ذلك منذ سنوات واتصل سعيد بإبنه عمر يخبره طالبًا منه أن يلحق بهم لذلك المشفى.

أما سليم فكان صامتًا يقود السيارة ولا يدري أصلًا كيف يقودها.

هل فعلًا من الحب ما قتل؟!
فراق الأرواح و القلوب مؤلم حقًا!
لكن ماذا عن عودتها أهو مؤلم أيضًا!
ما هذا الحب الذي لا يخرج إلا بروح صاحبه؟!

...................................

NehalAbdElWahed

(ولا في الأحلام)         By:Noona AbdElWahedحيث تعيش القصص. اكتشف الآن