(5)

3.8K 184 9
                                    

( بقلم : نهال عبدالواحد)

مرت الأيام وانتهت سلمى من الثانوية العامة، التحقت بكلية الفنون الجميلة هي ورنا أما مريم فالتحقت بكلية الآداب.

كانت سلمى طالبة متميزة، مبتكرة، معروفة بين الطلاب و الأساتذة و حتى العاملين.

ورغم مرور كل تلك السنوات إلا أنها لم تنساه أبدًا فهو دائمًا معها لا أحد يستطيع زحزحته من قلبها وعينيها، وبدأ الخطاب يدقون بابها و كان الجواب بالطبع هو الرفض من البداية و بدون مقابلة أو معرفة أي تفاصيل، كان والداها لا يضغطان عليهاو رغم معرفة أمها بحقيقة الأمر إلا أنها تتمنى أن تفرح بإبنتها مثل أي أم، لكنها لم تعطي لنفسها أي فرصة و كانت تغرق نفسها في أي عمل فلم تكتفي بالكلية و دراستها المرهقة وكم مشاريعها التي يشكو منها الجميع بجانب عملها، لكنها أيضًا اشتركت في النشاط الطلابي و بشكل فعال و واضح و ذلك غير عملها كمصممة أزياء.

وفي الأجازة تأخذ العديد من كورسات اللغات المختلفة ليس لأي شئ سوى شغل وقتها، كانت أحيانًا تذهب تدرب أطفال سباحة أو جمباز عندما يطلب منها ذلك أحد مدربيها القدامى حيث كانت تلعب سباحة وجمباز في صغرها.

كانت تخرج إلى المحلات باستمرار لمشاهدة موديلات الملابس وأنواع الأقمشة المختلفة وتذهب وتلف في كل مكان.

وذات يوم دخلت محل للعطور، كانت تشتم بعض منه فعثرت على عطره المميز الذي تحفظه جيدًا، فهي في الحقيقة لا تعرف عنه إلا شكله و رائحة عطره! فاشترته على الفور رغم غلو ثمنه، وضعته في دولابها وكان ضروريًا لها للغاية فهي تجلس معه، تنظر إليه، تتحدث إليه و تشكوه أحيانًا، تبكي حينًا أخرى وفي وقت آخر تمامًا تضحك معه، و يبدو أنها أوشكت علي الجنون أو ربما تخطت هذه المرحلة.

فقرابة العشرة أعوام و الحال هو الحال لا يتغير و هي لاتفعل شئ إلا أنها تعمل و تعمل و ترفض من يحاول الإقتراب من حياتها.

بدأت صديقاتها في مرحلة الخطوبة واحدة تلو الأخرى، صارت لهن حياتهن الخاصة وهي ترى كل هذا وتتمنى لو كانت عادية مثلهن، تتمنى لو تتخلص من ذلك القيد لكن هيهات، فكأن روحها تُنتزع منها، يبدو أنها ستظل أسيرته أبدًا ماحييت وإلا فلتغادر روحها معه.

أما هو فلم تكن العشرة أعوام عليه أسهل منها هو أيضًا لم ينساها أبدًا، لم يستطع أن يرى أي جميلة من جميلات الأجانب، أي فتاة أن تحل محلها حتى إنه كلما مر على محل ملابس و رأى فيه ملابس جميلة اشتراها لها كأنه على موعد معها، وهذا نوع آخر من الجنون.

وذات يوم وكانت سلمى قد وصلت للفرقة الثالثة وكانت في الكلية فطرقت باب مكتب ودخلته، أهدرت بلطف: إزي حضرتك دكتور شريف؟

التفتت نحو الشاب الجالس أمامه وكان وسيمًا نوعًا ما، نظر هو أيضًا نحوها فقالت على إستحياء: طب آجي لحضرتك وقت تاني.

فاستوقفها شريف: لا لا ده آدم ابني.

أومأت سلمى باشّة الوجه: آه أهلًا وسهلًا، اتشرفت بحضرتك.

أجاب آدم: الشرف لي، بابا دايمًا مالوش سيرة إلا سلمى سلمى.

تابع شريف: طبعًا دي بنتي اللي ماخلفتهاش.

أومأت سلمى ممتنة: كتير عليّ والله! بصراحة دكتور شريف أب لينا كلنا وكل الطلبة بتحبه و تحترمه، صحيح يافندم الريبورت، اتفضل.

أخذ شريف منها الملف وتابع: سلمى، عايزك تشدي عليهم شوية، مش كل حاجة انتِ اللي تعمليها وهم تنابلة، صحيح عندي تليفون مهم، استنيني خليكِ قاعدة.
وخرج

استطرد آدم: بابا بيشكر فيكِ كتير.

أومأت سلمى بتوتر: ميرسيه.

- كنت بحسبه بيبالغ بس الحقيقة أحلى كتير.

وهنا شعرت سلمى بشئ ما، موقف ما تكرهه بشدة لكن الخاطبة هذه المرة هو أستاذها المفضل!

وهنا دخلت إحدى صديقاتها وتدعى دارين، كانت فتاة جميلة لكنها تبالغ في هيئتها بعض الشيء.

أهدرت دارين: إيه يا سلمى روحتي فين كل ده؟

أجابت سلمى: مستنية دكتور شريف، تعالي استنيه معايا...

ثم أشارت نحو الشاب وتابعت: ده آدم ابن دكتور شريف.

فنظرت نحوه دارين وقد خفق له قلبها، وقالت متيمة: أهلًا وسهلًا، وحضرتك بتشتغل إيه؟

أجاب آدم: مهندس إلكترونيات وكومبيوتر.

أردفت دارين: إحنا أول مرة نشوفك هنا.

أومأ آدم قائلًا: فعلًا ما جتش من زمان.

تابعت دارين: أنا برضو سنة تالتة مع سلمى و نفس القسم ونفس السكشن كمان واسمي دارين، تقدر تقول شلة واحدة.

نبس آدم بضيق وعيناه تتابع سلمى: أهلًا بيكِ.

كانت دارين تتحدث كثيرًا معه فقد أعجبت به من النظرة الأولى أما هو فكان يجيبها ذوقيًا لكن متابع سلمى التي شغلت نفسها بهاتفها، كأنها لاتسمع أي شيء فقد رأت إعجاب دارين به وتركت لها قيادة الموقف فهي تريد التخلص منه.

بدأ ظهور آدم في حياة سلمى يزيد شيئًا فشيئا، لكنها تصده بكل ما أوتيت من قوة وبشكل ملحوظ له أيضًا، في نفس الوقت ترى تعلق صديقتها به فقررت فعل ماتفعله دائمًا.............

NehalAbdElWahed

(ولا في الأحلام)         By:Noona AbdElWahedحيث تعيش القصص. اكتشف الآن