ودَق

128 16 4
                                    


.


إنّها تُمطِر.

كأنَّ الشتاء يُودّعنا كما ودَّعتني.

وبينَ زخات المَطر اشتمَمت عَبقك.

بحَثتُ عنك بينَ النُجوم وسلَوت القمَر عَنك.

شعَرتُ البِلاد بينَنا كأنَّها خُطوَة، وانتظَرتُ أن تَخطيها تِجاهي.

استمَعتُ لموسيقاي المُفضّلة، ولسببٍ ما كانَت حَزينة، وكأنَّ الأوتار انتحَبت ألمًا لحُزني.

بِداخِلي كانَ يعُج الصَمتُ بشكلٍ مُزعِج؛ وبعيناي صرَخ الحنينُ مُتآوهًا
بينَما جَسدي ساكِنٌ لا يقوى على التَنهُدِ حَتّى.

شعَرتُ الودَقَ يَنخُر بفؤادي ويُغرِقني.

انتشَرَت اللهفةُ بِنَفسي مع ظهورِ أوّل نَجمٍ للّيلة؛
وكأنّني كُنتُ اتوَق لرؤيتك خَلفها؛
فـأسقَمَني الواقِع وأوهَنَني الشَوق، عِندما شعَرتُ بالغمام تُغطّيها مرًّة أخرى.

ومَع كُلِ قطرةٍ تُهَروِل لعنِاق الأرض، ودَدتُ لو تَحمِل لي عِناقًا منك، ودَدتُ لو أنَّها حمَلَت نَفسًا مِن أنفاسِك.

ومِن شَجَني خِلتُ أنَّ السماءَ تبكي لبُكائي.
فأفضَت هي بما يُثقلها وبقيتُ أنا بِداخلي بُحارٌ ثائِرَة.

فـآهِ لو تَحمِل لك الغمامُ ما أحمِل لك، لسقَطَت وهنًا مِن ثِقَل ما أحمِل.

- إحدى صفحات أثينا.


.

Athens Rainfall حيث تعيش القصص. اكتشف الآن