علا كثيراً بيننا الغبارُ
وضيّع اليقين الاستكبارُ
فأنت لم تنجح أمامي مرةً
وكل يومٍ بيننا اختبارُ
ما عدتُ أدري هل أقول: يا أخي
بالحبّ أم أقول: يا جبّارُ!!!
==============
وصلت "ندى" وقلبها المخلوع يسبقها إلى الشركة، أخذت تفتح شنطتها كل حين لتتأكد من وجود العذر...
استقبلتها "أشجان" عند الباب بحرارة وهي تضربها على كتفها بخفة:
- لقد اشتقنا لكِ كثيراً، العمل ممل بدونك، هذه آخر مرة تغيبين فيها..
- ليس باليد حيلة، تعرفين كانت لدينا حفلة..
وتطلعت إلى "العقربة" التي كانت تحدجها بطرف عينها وهي تمطُّ شفتيها:
- لديكم حفلة أم خائفة مما جنتهُ يداكِ؟!
- أنا لم أفعل شيئاً لكي أخاف، أسمعتي؟!
- ولم وجهك مخطوف هكذا إذن؟!
- من رؤية وجهك السمج.
- ومن تحسبين نفسك؟! السفيرة عزيزة. قالتها بسخرية.
أمسكتها "أشجان" قبل أن تنقض عليها بأظافرها:
- ابتعدي عني، دعيني أؤدبها..
- أدبي نفسكِ أولاً..
- لا، هذا كثير..
وأفلتت من قبضة "أشجان" وهي تتوجه إليها كالسيل الهادر، غرست إصبعاً غاضبة في جبهتها وهي تقول بتهديد:
- لقد تغاضيتُ عنكِ كثيراً، ليس لشخصك فأنتِ بالنسبة لي لا شئ، ولكن احتراماً لذاتي لأن ليس من مقامي أن أُخاطب مثلك..
أبعدت "جميلة" إصبعها بقرف:
- و مثلك لا يشرفني أن تلمسيه.
- لأنكِ قذرة.
- أنتِ قليلة أدب.
ردت عليها ببرود:
- والدي رباني جيداً، ليس مثلك أخرج كل يوم أمام الرجال بهذا الوجه المصبوغ.
هرعت "أشجان" لتقف بينهما كي لا يتطور النقاش أكثر:
- أهدأن، هذا الكلام لا يجوز.
وتعالى صراخ الفتاتان وكلٌّ منهما تشتم الأخرى بقاموسها الخاص دون أن يبالين بصياح "أشجان" الغارقة بين دفتي بركان..
خرج المدير بعد أن وصل الأمر بينهما إلى تكسير المزهريات وتقذيف الأقلام!!
- ماذا يجري هنا؟! صاح بغضب.
- هي من بدأت أولاً. ردت "ندى" وهي تلهث.
- كذابة.
- أتنعتينني بالكذب؟!
- أصمتا كلاكما، ألا تخجلن من أنفسكن في هذا السن وتتشاجرن!!!
- هي من تفتعل المشكلات دائماً، انظر حتى أظافري تكسرت.
وقربت "ندى" يديها من وجهه وهو يطالعها بإستغراب:
- لقد دفعت 4 دنانير بأكملها من أجل "المانيكير". قالتها بحرقة.
وصمت مشدوهاً من تصرفاتها الخرقاء، ثم ما لبث أن قال بحزم:
- أنت ِتعالي إلى مكتبي.
- ولم أنا دائماً؟! صاحت بإستنكار.
حدجها بنظرة ما فأسبلت عينيها بذل...
"أيها الظالم"..
- هيا تحركي.
- سألحقك بعد قليل أستاذ. ردت بإستكانة.
- بل الآن، أم تريدين أن تهربي كالمرة السابقة.
صمتت "ندى" وهي تبتلع كل شئ، لسانها، قهرها، وابتسامة تلك العقربة الخبيثة.
سارت أمامه وكأنها سجينة، أوصد الباب خلفه فقرأت الفاتحة في سرها ونطقت الشهادتين !!!
جلس على كرسيه الوثير، وبقيت هي واقفة بذّل دون أن تفوتها نظراته المتفحصة...
أتاها صوته خالياً من أي تعبير:
- أيمكنكِ أن تخبريني لم غبتِ؟
- كنتُ..كنتُ مريضة، لحظة...
وأخذت تفتش في حقيبتها عن العذر، لكن يدها العمياء لم تره، تطلعت إليه بإرتباك وهي تقول بتلعثم:
- لقد أحضرته معي، صدقني..
- أريني إياه إذن..
وعادت لتفتش بعد أن بعثرت محتويات حقيبتها وهي تجثو على الأرض...
ولكن المصيبة العظمى أنها لم تجده أيضاً!!!
أين ذهب؟!
- لا أدري أين طار.. قالت بصوتٍ متباكِ.
- ربما أخذه علاء الدين في طريقه!! رد بسخرية.
- والله العــظ...
- لا تحلفي، على العموم كل شئ سيدون في تقريرك، الإهمال، اللعب وعدم اللامبالاة، كل شئ سيُحتسب عليك.
- لكن هذا ظلم، ظلم، أنا لم أفعل شيئاً، والعذر كان بحوزتي قبل أن أراك..
- أنا لا يهمني هذا الكلام برمته، أنا تهمني الوقائع الملموسة بيدي، أتفهمين؟!
"أنا لا أفهم إلا شيئاً واحداً فقط، هو أنك بإختصار حقيرررررررررررررررر"..
ثم أخذ يعبث في الحاسب الذي أمامه تاركاً إياها تغلي ودموع توشك أن تطفر من عينيها.
- أتعرفين برنامج SPSS أم لا؟!
- أجل أعرفه. ردت من طرف أنفها.
- إذن خذي هذه البيانات وأدخليها بدقة، أسمعتي!!
- ماذا؟! لكنني لا أعرف.
- لقد قلتِ للتو أنكِ تعرفين هذا البرنامج.
- أ..أجل، لقد أخذته فصلاً واحداً و لكنني نسيته فأنا لم أستخدمه بعد ذلك في مقرراتٍ أخرى..
- بودي لو تقولين لي مرة واحدة فقط عن شيئٍ تعرفينه!!
أحست بالمهانة، بالإحراج فأن تُطعن في قدراتك لأمرٌ مهين، ردت بكبرياء:
- أنا أعرف أشياء كثيرة مثل...
لكنهُ قاطعها وهو يكمل بسخرية لاذعة:
- مثل قراءة الأبراج والفناجين أليس كذلك؟!
- .............
- ماذا عن قراءة العيون، أوصلكم هذا التكنيك أم ليس بعد؟!
" وصلنا تكنيك "مُت بغيظك" !!!"...
- أستاذ أنا أنا...
- اخرسي...
"إلى متى؟!! سأصابُ بالخرس بسببك"
"في المرة القادمة سأضع لساني في "المفرمة" قبل أن آتي إلى هنا"...
- وإن كررتها مرة أخرى وذهبتِ دون إخطاري بالأمر شخصياً سيكون لي معك تصرف آخر...
"فالتذهب إلى أسفل سافلين، هذا هو مكانك الذي تستحقه"..
وعاد ليعبث في درج مكتبه، مدّ إليها بقرص:
- خذي هذه نسخة من البرنامج وطريقة استخدامه، أقرأيها جيداً ثم طبقي هذه البيانات.
أخذت تنظر إلى يده الماسكة للقرص بحقدٍ أسود:
- ماذا تنتظرين؟!
"أنتظر أن تموت وأرتاح منك"..
وسحبته بحدة وهي تضغط عليه بعصبية:
- احذري، ما بك؟! وأشار بأصبعه إلى رأسه..
الصرخة في جوفها تتلاحق، تكاد تنطلق من حنجرتها وتهدم هذا المكتب بمن فيه..
خرجت بسرعة من المكتب دون أن تغلقه، وما أن وصلت لطاولتها حتى صاحت:
- انتظر، انتظر فقط حتى تسلّم تقريري، لن أتركك وشأنك، سأفرغ كل النيران التي في جوفي بوجهك، فقط انتظر علي..
وعادت لتضرب بيديها على سطح المكتب بقوة:
- ماذا قال لكِ هذه المرة أيضاً؟! سألتها "أشجان" بشفقة.
- لا أدري لم يعاملني هكذا لوحدي، لم لا يأتمر عليكِ أو على تلك "العقربة"؟!
- اخفضي صوتك كي لا تسمعك، إنها في الحمام تضمد جراحاتها..
- أجيبيني لماذا؟!
- لا أدري..
جلست "ندى" بغيظ وإحدى يديها أسفل ذقنها واليد الأخرى تكادُ تحطم القرص!!!
=============
- ألم أقل لكِ أنهُ سيقول مثل هذا الكلام؟!
- فلنذهب إلى طبيبٍ آخر، أنا لا أثقُ فيه.
- اسمعي، إن بقيتِ توسوسين هكذا فلن يحدث شيء، الطبيب قال لا بد من الاستقرار النفسي وعدم القلق.
- ما يقوله هراء في هراء، كلام المجانين هذا لا أصدقه.
رد عليها بغضب:
- العلم يقول هذا، لا تكوني عنيدة.
وخرجت من السيارة بسرعة و صوت "ناصر" يلاحقها..
وما أن وصلت إلى غرفتها حتى أوصدتها بالمزلاج، ألقت بنفسها على السرير وهي تجهش بالبكاء..
- شيماء افتحي الباب.
- .................
- ماذا تريدين مني أن أفعل أكثر من هذا؟!
رفعت رأسها المثقل وصاحت بتهدج:
- نذهب لطبيبٍ آخر.
- كلهم سيقولون كما قال هذا الطبيب.
- لا بأس المهم أن أطمأن.
تنهد "ناصر" بإستسلام وهو يرد:
- حسناً، سنذهب فب الغد.
- كلا، ليس غداً بل اليوم.
أخذ يضرب بيده كفاً بكف وهو يستعيذ من الشيطان الرجيم:
- إن شاء الله، سيكون لكِ ما تريدين.
أنهضت نفسها وهي تفتح الباب، لكنهُ لم يدخل:
- سأستأنف عملي الآن، انتبهي لنفسك..
وقفل عائداً من حيثُ أتى، راقبت خياله الذي يتهادى من بعيد..
- أنا لم أكن قاسية معه وهذا من حقي!!
=============
كان الأب جالساً وبجانبه "ندى"، تخبره عن مديرها وإن كان معظم ما تقوله ملفقاً!!
أخذت "غدير" تضحك بخفوت وهي تشير لها: أيتها الكاذبة.
وتلك لازالت تواصل الحديث عن أمجادها التي يفتخر بها المدير وكيف حاول إقناعها بإلحاح بأن تعمل هناك بعد أن تتخرج لكنها رفضت!!!!
- أتصدق يا أبي، أحياناً أصرخ عليه وأقول له أفعل هذا وذاك، ويفعله دون نقاش!!
- لا يا ابنتي، لا بد أن تضعي بينك وبين رؤسائك حدوداً مهما كانوا طيبين.
وأخذ يُلقي عليها بالنصائح و "ندى" تهز رأسها بإيجاب وهي ترفع حاجبيها كل حين إيماناً بما يقوله، و "غدير" توشك أن تنفجر من الضحك المكبوت...
أما "شيماء" فكانت ساهمة، شاردة في حديث الطبيب الآخر، فلقد قال كما قال الأول:
- الاستقرار النفسي قبل كل شئ...
وقطع صوت الهاتف أفكارها، فرفعت السماعة التي بجوارها:
- آلو.
- السلام عليكم.
- وعليكم السلام والرحمة.
ثم سرعان ما أندمجت في الحوار:
- ماذا؟! أيّ واحدةٍ تعنين؟!
- التي ارتدت ثوباً أسوداً.
- امممممم، لكنها متزوجة.
وحينها التفت لها الجميع وعلى وجوههم علامات التساؤل والاهتمام.
- لا بأس، لا.. ليس بكِ حاجة لأن تعتذري.
- ...............
- مع السلامة.
ووضعت السماعة وهي توجه خطابها لغدير:
- لقد خطبوكِ!!
- ماذا؟! صاحت "ندى".
- أيُّ حديثٍ هذا الذي تقولينه يا "شيماء"؟
- صدقني يا عمي، المرأة اتصلت وقالت نريدُ ابنتكم التي كانت ترتدي ثوباً أسوداً واعطتني اسمها أيضاً.
ارتبكت "غدير" في جلستها وهي تنقل بصرها بين وجوههم، قالت وهي تحاول أن تلطف الجو:
- كثيراً ما يحدث ذلك في الأعراس. وضحكت بقلق ضحكة مبتورة.
- ترى ماذا ستكون ردة فعل "عمر"، إن علم بالأمر.
وحينها أنقبض صدرها وهي ترد بسرعة:
- ليس هناك داعي لإخباره.
- أيتها الغبية، لا بد أن تخبريه حتى ترتفعين في نظره أكثر وأكثر. عللت "شيماء".
- ولكن كيف لم يخطبوني أنا، لقد صرفتُ الكثير على مكياجي وملابسي كي تلقطني إحداهن!! تساءلت "ندى" بصوتٍ مسموع.
- بلا شك خالوكِ مجنونة، وهل يوجد فتاة عاقلة تصافح 400 مدعو وهي تنتقل كنحلة من طاولة لأخرى. ردت عليها شيماء.
- ألآ تفهمين، كنتُ أفعل ذلك كي أتأكد من أن الجميع شاهدني!!! ردت بغباء.
لم تلتفت "غدير" لحوارهما، كان همها ذاك الذي يخاطبها بحدة:
- كلا يا ابنتي، أنا لا أرضى لإبني بالمهانة، وأيُّ رجلٍ في العالم، أياً كان لا يرضى بأن يُطعن في كرامته.
- خالي، هم لو كانوا يعلمون أني من مذهب آخر، ما كانوا سيخطبوني..
- وإن يكن!! إلى متى سيستمر هذا الحال، لا أحد يعرف بهذا الزواج.
- خالي، أفهمني أنا..
- يكفي يا ابنتي، وأنا منذُ البداية لم أكن مرتاحاً لهذا ولكنني مررتُ الأمر، لكن أن تصل الأمور إلى هذا الحد، فلا أقبلها لنفسي وأولادي.
- خالي...
لكنهُ قاطعها:
- أعتقد لم يتبقى على شهر "محرم" إلا 3 أسابيع، لذا جهزي نفسك بسرعة لأن زواجكما سيُشهر وعلى الملأ.
ونهض وتركها بعد أن أخذ منها شيئاً...
سلب منها روحها!!!
ماذا يتبقى من الجسد؟!
أتعرفون ما معنى هذا؟!
ما معنى أن أتزوج؟!
معناه أن أنتهي، أن أضيع...
في بدايتي نهايتي...
أم في نهايتي بدايتي؟!
أم ماذا؟!!
خالي!!! ماذا تقول؟!
يا روح هيمي، هيمي في ملكوتك..
ولتنثري جناحيك...
ما عاد هناك المزيد من الوقت...
الفراشات ولت، والغربان بدأت تحوم...
يا روح هيمي، الظلال تنتشر...
ولن يتبقى في السماء نجمة...
ها هي الغربان تعود...
ولكن!!!
روحك ما جرى بها الآن؟!!
أيّ جناحين متكسرين تلك التي تطوينهما...
لذا ارحلي بعيداً..بعيداً...
حيثُ لا نجوم، لا أحد!!!
تطلعت إلى "ندى" و "شيماء" بوجه غائم، لكأنها تطلب منهما أن تلحقا به، أن يحجم عن قراره!!!
أن تُخبراه أن الفراشة بلا جناحين، بلا روح!!!
لكنهما كانتا تتجادلان دون أن تنتبها لخطاب العيون الموجه إليهما...
الجو يبدو كئيباً، مظلماً، والقلب لا يتوقف عن الخفقان، وجميع الحواس مُستثارة، متيقظة على أهبة الاستعداد للسفر، للرحيل!!!!
لا، مستحيل، لا لالالالا...
جمعت يدايها بجانب صدرها، تنفسها بات سريعاً، متقطعاً، وشعور بالغثيان يرافقها كل حين...
الشعور بالإختناق يتصاعد، لكأن الأوكسجين نفذ من هذا المكان، والأظافر بدأت تُقضم، لم يتبق منها شئ!!!
وتوقف الزمن برمته، توقف بعد أن لاح صاحب تلك العينين الخضراوين بقامته الطويلة عند باب المجلس...
وما أن رأته "شيماء" حتى هتفت:
- "عمر" صدق أو لا تصدق؟!
- ماذا؟
- لقد خطبوا زوجتك منذُ قليل!!
- ماذا؟
وصدَّ لغدير التي سرعان ما أن طأطأت رأسها للأرض حيث هوت الروح!!!
أما هو فتحولت ملامح وجهه الدهشة إلى الغضب وهو يستمع لإعادة الحديث الذي دار بين أسلاك الهاتف.
- لمَ لم تقولي لها أن لديها ابنة خال عازبة حتى تأتي و تخطبني؟!!!!!
أخذت "ندى" تقاطعها كل حين بهذا السؤال الملح والأخيرة لا تُجيبها.
- أنتِ سعيدة بلا شك؟! وجه خطابه الغاضب لتلك الغارقة في اللاشئ...
أصابعها تقبض على الأريكة بتوتر، والصوت يحتبس، ضاع هو الآخر مع الحواس..
لالالا، مستحيل، مستحيل...
وقال شيئاً جعل حواسها تستيقظ، تعود لتنشب أظافرها من جديد ولكن في قلبها!!!
و رفعت رأسها بسرعة لترى طيفه الغاضب يبتعد حيثُ غرفته...
فزت من مكانها وأخذت تهرع إليه وهي تناديه، لا بد أن تفعل شيئاً لا بد، وهو القادر على حسم الموضوع....
أجل، لا بد!!!
كلهم انصرفوا ولم يتبقى إلا "ندى" و "شيماء"...
كانت هذه الأخيرة تتنهد بإستغراب من تصرفات "غدير"، لكن تنهيدتها قطعها صوت صياح "ندى":
- يا ناااس أريدُ أن أتزوج أنا الأخرى، ظلم في كل مكانٍ ظُلم!!!!
نهضت هي الأخرى مفزوعة وهي تردد في نفسها:
- كلهم مجانين، لا حول ولا قوة إلا بالله...
==============
- عمر، عمر انتظر. صاحت وهي تحاول اللحاق به.
استدار لها وقد دكنت عيناهُ الخضراوين:
- ماذا تريدين؟! أن يكتمل طابور خطّابك!!
- ما حدث كان إلتباساً ليس إلا، تعرف أنا...
لكنهُ قاطعها بصوتٍ غاضب جعلها تجفل:
- هذا الموضوع انتهى، وكان من المفروض أن ينتهي منذُ زمن، أتفهمين.
- قلتُ لك نحنُ لا نليق ببعض... أخذت تردد ذلك وهي تضرب بقدمها الأرض.
- أعذارك الواهية هذه ضعيها تحت وسادتك قبل أن تنامي!!!
وأراد أن يدخل غرفته فاستوقفته من جديد، وهي تقول له بتوسل:
- لننسى كل ما حدث، لنكن كالسابق أقارب فقط، أرجوك.
أمسك يدها وهو يهزها بعنف:
- تريدين أن أنسى أنكِ زوجتي؟! أن أنسى أنكِ لا تبعدين عني إلا مسافة باب واحد!!!
حاولت أن تسحب يدها وهي تصرخ:
- لا تُعد علي هذا الكلام....يا أخي أنا لا أطيقك، أنا أكرهك، أكره أن أراك حتى..
- أولاً أنا لستُ أخاكِ أنا زوجك، ثانياً حبك لي أو كرهك لا يهمني في شئ..
- أليس لديك ذرة إحساس واحدة؟!
- إحساس؟!! أنتِ آخر من يتكلم عن المشاعر يا قالب الثلج، انظري لي جيداً، انظري لوجهي، أأخلو من الإحساس..
- ..............................
- واجهيني إن أستطعتِ، لا تفتأتين أن تدفني رأسكِ كالنعامة.. قالها بشراسة.
تحاشت نظراته وهي تحاول أن تتمسك بأي شئ، أي شئ...
- أتعلم، في شهر محرم لا أرتدي إلا السواد، ما ستراه هو أسود في أسود..- .......................
- وربما أمدده حتى "صفر"، تعرف لدينا وفيات كثيرة في هذا الشهر أيضاً.
- ....................- لم لا ترد؟! أيعجبك هذا؟!!
- افعلي ما تشائين، أنا لستُ ديكتاتورياً. رد ببرود.
- كما أنني فاشلة في كل شئ، حتى البيض لا أعرف كيف أسلقه.
- المطاعم كثيرة والحمد لله، هل انهيتي سخافاتكِ أم لا، أنا متعب وأريد أن أنام.
نظرت إليه دون تصديق وهي تعضُّ على أناملها دون وعيٍ منها:
- أنت مخلوق من ماذا؟!
- من ماء وطين مثلك.
وترك يدها فجأة فكادت أن تهوي لولا أن أمسكت بالجدار..
انسابت دمعتها حارة شقية حائرة في ظلمة الليل، لا تدري إلى أين سيجرفها التيار معه...
لا تدري إلى أين؟!!
- لماذا تركتني يا أبي، لماذا؟!!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
الطبول تدق، وصداها يكاد يصمُّ الآذان...
وقد بدأ ثوب العرس يُحاك...
وآن للشمعة أن تُظهر ذُبالتها قريباً!!!
==============اتمنى لكم قراءة ممتعة
جزيتم الفردوس ع مروركم
أنت تقرأ
أشعلت لقلبك شمعة
Romanceأحبيت أن اضع بين أيدكم رواية قد قرأتها فأعجبتني هي باللغة العربية الفصحى ومن أروع الروايات حتمـًا ستستمتعون بها.. قصة .. تتحدث عن ثلاث فتيات .. الأولى تعاني من ظلم زوج أمها .. تشاء الظروف أن تتزوج من ابن خالها تحاول الحفاظ ع مشاعره وعدم جرحه فتل...